أصبحت المواجهة على أشدها، يهتز سطح الدار حتى باتت فكرة سقوط السطح محتملة، من شدة زخم الرصاص والقذائف الموجهة اليه، الاصرار على الصمود والقتال ببسالة ومواجهة الموت بعناد الأبطال من قبل شباب الحشد الشعبي يتحدى زخم النار الذي يدل على أن البيت مطوق من قوة نارية كبيرة.
حدث انفجار كبير إثر سقوط السطح أسقطه أرضاً مع صديق صباه المقاتل سعد عبد الرسول، كان سعد جريحاً يعاني من نزف لجراحات لها عمق مميت، يقبل صاحبه وهو يحاول أن يشد النزف بما يلبس، ويناغيه، هل أقول لك: اترك لك وصيتك، وأنا سأتبعك بالأثر؟، قال سعد: وهو يهمس في اذنه:ـ اقتلني ارجوك..!
انهِ حياتي برصاصة الرحمة؛ كي تبعد عني ذلة الأسر والموت بخنوع، فهم لايجيدون سوى منطق الذبح، اقتلني دعني أموت بشرف، حاولَ أن يستجيب لطلب صاحبه، فلم يقدر، وسعد يصيح اقتلني علي صديقي خلصني، حاول أكثر من مرة ان يفعلها، لكن بأي روح سيقتل صاحب عمره وصديق صباه..؟
يصرخ:ـ لا.. سعد..لا.. اعذرني لا أستطيع، يتوسله:ـ علي أرجوك.. ألم تسمع برصاصة الرحمة هي هذه فأطلقها، وران الصمت داخل الغرفة المغلقة، والتي اصبحت اطلالاً برمشة عين.
قال سعد: إذن، أوصيك وصيتي الأخيرة، توصيني أنا؟ نعم، أوصيك وكادت أن تنقطع انفاسه فسكت، طالما كان يسمع من على المنابر المقتل الحسيني، قصة وصية برير بن خضير الى صديق عمره حبيب بن مظاهر (رضوان الله عليهما)، عندما أشرف برير على الموت جريحاً ينزف، تقرب اليه حبيب بن مظاهر الاسدي يقول له: لولا أني سأتبعك بالأثر، لقلت لك: أوصِني، رفع برير رأسه وقال لحبيب: نعم، أوصيك بسيدي الحسين (عليه السلام) أن تقاتل دونه صادقاً حتى تنال الشهادة، وإذا بالمشهد يعاد، يستقبل الفكرة التي خطرت في رأسه بفرح، وهو يقول له: أوصِني، قال سعد: أوصيك بأن تجاهد حتى النفس الأخير، لا ترفع لهم يد الذلة، عاهدني ان لا تستلم لهم حد الموت.
دعنا نعبر المحنة بشرف، ونموت ببسالة، اعطني سلاحي ولنطلق رصاصة الرحمة في رؤوس الدواعش الفارغة، اعطني بندقيتي، وجهز بندقيتك، الدواعش يبحثون عنا ويطالبوننا بالاسستلام، ويعدونا بالأمان، أي أمان يهبوننا وهم يذبحون الوطن؟ علينا أن نستفزهم؛ كي يقتلونا، ما أن يفتحوا الباب نفاجئهم بما تبقى لدينا من عتاد، نطلق برؤوسهم رصاصة الرحمة بدل ان نطلقها على رأسينا.
وقع اقدامهم عند الباب وبندقيتنا موجهة صوب الباب، فتح الباب أخيراً وزغرد الرصاص ليستقبلهم بفرح المواجهة، سقط منهم من سقط ورد منهم من رد ليملأ الرصاص جسديهما، عانق علي صديقه وهو يقول:ـ أوفيت..؟