تويت
يولد الاولاد وتولد معهم البراءة بل هي رمزهم الدائم .
اعطيه الموبايل لكي يسكت ،وشغلي له النغمة الفلانية ، ابنتي لا تعطيه الجوال ،امي أنه ينام اذا شغلت له هذه الأغنية أو هذه النغمة ،انه لا يهدأ الا إذا أعطيته جهاز الجوال ،لا يأكل ،لا يشرب ،لا تقبل أن أمشط شعرها الا إذا اعطيتها الجوال ،اذا جلست هادئا اعطيك الجوال ،اذا لم تقل لابوك اني قد خرجت من البيت اعطيك الجوال ، إذا حضرت دروسك اعطيك الجوال ،اذا ..وإذا ..وإذا ..
كل هذه الاذا ،تعيش معنا ونمنحها إلى اطفالنا ،وبجلوسهم هذا لا تدري الام ماهي البرامج التي يشاهدها الطفل وخصوصا أن اطفالنا أكثر ذكاءا باستعماله لانه نشأ معهم وترعرع بكنفهم ، وإذا جاءت الام أو الأب برمشة عين غير القناة التي يشاهدها بحيث إذا نظرنا الي الجوال نشاهد برنامج توجيهي أو يقنعنا بأنه يشاهد ما نريده أن يشاهده ، أبناءنا اذكى منا في تكنولوجيا الجوال والحاسوب . حتى في المجالس الحسينية نرى الام لإسكات طفلها تعطيه الجوال لكي يسمح لها أن تستمع إلى المحاضرة ،انت حرمته منها لان وجوده معك لغرض أن تفيديه بمعلومات المحاضرة وتعليمه طرق الادب والجلوس والهدوء والمنفعة في هكذا اماكن .
أغلبنا هو الذي يساهم في أن يضع السم بالعسل لابنه ،نكابر مع أنفسنا وعندما نسأل نقول اين يذهب ليس هناك ما يشغله غير هذا الجهاز وكأن الطرق قد سدت بوجهه ووجهنا ،وان أساليب التسلية قد اختفت ولم يتبقى الا الجوال وإخوته .
لو تسائلنا كيف كانت حياتنا سابقا وكيف كنا نعيشها بدون هذه الأجهزة وكانت الاجمل والاروع والاكثر تفوق ،والاكثر ترتيب وذكاء لا ينسى أغلبنا المحفوظة ولازلنا نتغنى بها وننشدها وكأننا نقرأها الان .
لو نظرنا إلى اغلب محتويات هذا الجهاز وخصوصا بعمر الأطفال فهم يعيشون الحرب الناعمة ،والتي تؤثر على ابنائنا وعلى عقولهم ودينهم وعقيدتهم ،وتبعدهم عن ابسط الامور العقائدية ،فالادمان ليس فقط على المخدرات والأمور التي حرمها الشرع والقانون ،هذا نوع من الادمان أخطر بكثير ، فهو يسلب الطفل برائته وصحته ووقته ،كم أثرت أجهزة الجوال والحاسوب على صحة ابنائنا،فاصبح داء التوحد منتشرا بشكل كبير بين الأطفال لأنها تسلب إرادته وتجعله منقادا إليها ولا يستطيع الاستغناء أو التخلي عنها بل كأنها العقار الذي يهدئه ،جعلت من ابنائنا يعيشون العزلة ،فهم غرباء وغائبون رغم تواجدهم أمامنا ،اغلبهم عصبي المزاج متمرد عنيف، يقلد كل ما يشاهده داخل هذا الجهاز .
أتعلمون من الأمور التي نفذها أحد الأبناء أنه تعايش مع اللعبة التي يلعبها بجواله بأن شنق نفسه ،وقسم لاحق ظله حتى سقط من أعلى الدار وكثير من الألعاب التي تمارس عبر هذا الجهاز الذي أصبح نقمة لا نعمة ،صحيح أن المدنية أعطتنا الكثير لكن بسلوكنا وسلوك ابنائنا والمغرضين الذين لم يستغلوا التكنولوجيا بصورة صحيحة أو مناسبة سلبت منا الأكثر أهمية وهو الاستقرار ،وعدم احترام الوقت ،وسرقت طفولة ابنائنا ،ونحن السبب .
أولادكم أمانة في أعناقكم فلا تشاركوا سراق الطفولة ببرامجهم ،احتوا ابنا ئكم عيشوهم طفولتهم تصابوا معهم ،خذوا الجانب الترفيهي والتوعوي من طفولتكم ،التي جعلت منكم،اشخاص مرموقين في المجتمع فمنكم الطبيب والمهندس والمحامي والاستاذ والمعلم وكثير من المهن التي لازال ابائنا يتباهون بنا بين اصدقائهم .
لا تندم اذا وجدت ابنك وقد سلبت هذه المدنية طفولته لانك ساهمت بذلك ،صحيح أنه الأن لا يستطيع الاستغناء عنها في دراسته أو أمور يحتاج إلى معلومات يبحث فيها للتزود ،لكن لا تجعلها همه وشغله الشاغل بل يجب أن تشجعه على البحث والتقصي الورقي والمكتبي بدل من أن يحصل على معلومة جاهزة ينساها بمجرد مرور الزمن .
أنتم مسؤولون عن ذلك فلا تكونوا كما قيل قفوهم أنهم مسؤولون ،ولا تشاركوا سراق الطفولة سرقة طفولة ابنائكم ..