وهل هناك أثقف من ابي ذر الغفاري (رض) لأحاوره، زرته لأسال: سيدي، ما القضية في شأن وفاة الزهراء (عليها السلام)؟ دمعت عيناه، نظر إليّ ثم قال: من أي زمان أتيت؟ اهلا بك، قل ما تريد؟ شعرت ان القلب الحزين بعد العاصفة يكون عطوفا، فارتقيت اللقاء بعزة الجرح، اغامر في الروح، جئت أسال عن قبر مولاتي؟ فقال لي: لقد أوصت سيدة النساء (سلام الله عليها) زوجها أن لا يشهد جنازتها احد، ولا يدعو احداً منهم يصلي، فدفنت في هدأة العيون، ولكن لو تعرف ما ان أشيع الخبر حتى اجتمعت الناس حول البيت، وهم ينتظرون خروج الجنازة، ليصلوا عليها ويشيعوها.
خرجت لهم وقلت: انصرفوا.. فان ابنة رسول الله قد أخّر إخراجها في العشية، فتفرق الناس وهم يظنون ان الجنازة تشيع صباح يوم الغد، ما ان هدأت الأصوات، ونامت العيون، غسلها مولاي أبو الحسن (عليه السلام) واعانته أسماء بنت عميس، ثم صلى عليها، وكبر خمساً، ودفنها في جوف الليل، وعفّ قبرها.
قلت: يا سيدي أبا ذر، ومن حضر التشييع؟ فقال: الامام والحسنان وعمار ومقداد والزبير وانا وسلمان وبريدة ونفر من خواص علي بن ابي طالب من بني هاشم. قلت: يا سيدي ما المقصود من اعفاء قبر الزهراء (عليها السلام)؟
قال: تجيبك الأحداث نفسها، ففي اليوم الثاني توجهوا الى البقيع، فأشكل عليهم الامر، ولم يعرفوا القبر الحقيقي، فأرادوا نبش القبور للعثور على جسدها، فخرج الامام علي (عليه السلام) مغضبا وهو متكئ على سيفه ذي الفقار، حتى ورد البقيع، ووقف امامهم بحزم وشدة ومنعهم من ذلك، فخلى الناس القبر.
قلت: سيدي أبا ذر حدثني عن الزهراء (عليها السلام)؟
قال: كانت المعلمة الأولى للمسلمات، تعلمهن العلم والثقافة وتشجعهن على طلب العلم والمعرفة، وانصرفت الزهراء (عليها السلام) الى توعية الجماهير وخطبتها في مسجد رسول الله (ص) أمام حشد من المهاجرين والانصار، فيها دعوة الى مقاومة الظلم والاستبداد والتمسك بتعاليم الله ورسوله، وهكذا نجد أن الزهراء(عليها السلام) لها دور المرأة القيادية فسيدتي الزهراء هي رمز وقدوة للامة الإسلامية، وهذا هو معنى ارتباط رضاها برضا الله تعالى، وغضبها بغضب الله سبحانه وتعالى دليل على الصحة والنزاهة والكمال.