جميل أن نستنطق الأشياء، وأن نحاورها، وخاصة تلك التي تحمل هوية المكان، فها نحن نقف امام المكان (بيت النور)، وارى الناس يقصدونه للزيارة وللصلاة.
قلت:ـ من انت؟ فقال:ـ محراب السيدة فاطمة المعصومة حيث كانت تصلي هنا، وهذا الموقع هو دار موسى بن خزرج، لما أتى المأمون بالرضا (عليه السلام) من المدينة المنورة الى مرو لولاية العهد في سنة 200 من الهجرة، خرجت فاطمة المعصومة اخته لتقصده في سنة 201هـ.
والسيدة المعصومة لما تلقت كتاب اخيها الرضا (عليه السلام) استعدت للسفر نحو خراسان، فخرجت مع قافلة تضم عددا من اخوتها واخواتها وأبناء اخوتها، عندما وصلوا الى مدينة ساوة الإيرانية، تعرضت القافلة لهجوم فقتل على اثره اخوتها.
فمرضت السيدة فاطمة (عليها السلام)، وبعد مشاهدتها لهذا المنظر المأساوي والجثث المضرجة بدمائها، أمرت القافلة بالتوجه الى مدينة قم، فاستقبلها اشراف قم (آل سعد) وتقدمهم موسى بن خزرج، فلما وصل اليها اخذ زمام ناقتها، وجرها الى منزله، بقيت في هذه الدار سبعة عشر يوما، امضتها بالعبادة والابتهال الى الله تعالى.
وهنا استوقفني بيت النور ليقول لي: أحدثك عن وفاتها، لما توفيت فاطمة المعصومة (عليها السلام) غسلت وكفنت، وهيؤوا لها القبر، فاختلف آل سعد في من ينزلها الى السرداب، ثم اتفقوا على رجل كبير السن صالح اسمه قادر، فلما بعثوا لقادر ان يحضر، شاهد الناس راكبين مقبلين من جانب الرملة، وعليهما اللثام، فلما قربا من الجنازة نزلا وصليا عليها، ثم نزلا السرداب وانزلا الجنازة، ودفناها فيه، ثم خرجا ولم يكلمهما احد، ركبا وذهبا ولم ندر من هما، وبنى عليها موسى بن خزرج سقيفة من البواري، فلما كانت سنة 256 هـ جاءت زينب بنت محمد بن علي الجواد لزيارة قبر عمتها، فبنت عليها قبة.
وقال لي قبل ان ترحل عني، خذ معك هذه المعلومة: ان فاطمة المعصومة هي بنت الامام الكاظم (عليه السلام) شقيقة الامام الرضا (عليه السلام)، وهي التي تلقب بالمعصومة وكريمة اهل البيت (عليهم السلام).