سؤال وجهه عبد الرحمن عمار في كتابه عن (قضية الارهاب بين الحق والباطل): أين موقعنا نحن العرب من خريطة الاعلام العربي؟ وما هي المساحة التي يمتلكها من تلك الخريطة من حيث الفاعلية والتأثير؟ فيأتي الجواب بأننا لا علاقة لنا بالزمن، استخدمنا المقصلة والسيف والبندقية وحبل المشنقة في اعدام الزمن الوطني، نقوم بإعدام الغد عن دراية او عن عدم دراية، الزمن غير موجود، نحن نعيش بزمن متوقف بالنسبة لنا، أي اننا نعيش خارج حدود التأريخ الذي هو ذات طبيعة استمرارية متحركة، ومن خلال هذه الكيفية صار العالم ينظر الينا بالشكل الذي تمليه مصلحته وقناعاته واستراتيجيته.
هناك صراع، وللصراع ابعاد متعددة ومنها البعد الاعلامي، عملت الحركة الصهيونية للسيطرة على اكبر قوة مؤثرة وهي المال، وامتلاك الاعلام، فامتلكت الكثير من الصحف والمجلات حتى صحيفة نيويورك تايمز تعود ملكيتها لعائلة (سد لز بورغر اليهودية) ويصدر منها ما يقارب المليوني نسخة، ويتبع لها تسع صحف صغيرة يومية، واربع صحف اسبوعية، وتسع مجلات ومحطتان اذاعيتان، وثلاثة دور نشر وثلاثة مصانع للورق في كندا، وتبت الى 500 مؤسسة صحفية في العالم، وتحكم اليهود بصحيفة (الواشنطن بوست) وهيمنت على صناعة الافلام الامريكية..!
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي مباشرة، سيطر المليادير اليهودي بيرزوفسكي على القناة الاولى من التلفزة الروسية المهمة، وبعد امتلاكها حتى صارت القواميس تعرف العربي بالمتشرد العاطل انسان بلا هدف متسكع، مساوم، غشاش، نصاب، بينما الاعلام العربي يعيش حالة من التدهور البياني، اصبح اعلاما مؤسساتيا، ولا قدرة له لمواجهة الاعلام الآخر.
لقد احسن العرب استخدام الاعلام لصالح قضيتهم العربية، وانتشرت في دمشق وبيروت والقاهرة على الرغم من سطوة السلطة العثمانية وبطشها، وواجهت الاستعمار الانكليزي والفرنسي، وكان العرب اصحاب هدف محدد وهو الانسلاخ عن تلك الدول، وبعد فشل المشروع القومي أصبح كل بلد يدافع عن نفسه، فتراجع العمل القومي الى القطرية.
الاعلام العربي بقى متواضعا، واصبح لدينا اعلاما محليا، ولم يمتلك أي موطئ قدم في ساحات الاعلام الشاسعة والمتعددة، حتى ان الجامعة العربية خلا ميثاقها من أي اشارة الى التعاون الاعلامي العربي وكان الوطن العربي يواجه عددا كبيرا من الاذاعات الموجهة باللغة العربية من مختلف انحاء العالم.
واما بالنسبة للعرب، كان الاعلام الموجه ضعيفا، وبدأ في سوريا ويشكو من ضعف البث والاعلام المقروء يصدر صحفه جميعها باللغة العربية داخل الوطن العربي، أي انها موجهة الى المواطن العربي، صحف تصدر في خارج الوطن العربي، وباللغة العربية وبتمويل عربي موجهة الى الانسان العربي، تصدر في لندن وباريس وقبرص واثينا ولا تصدر في البلد العربي الذي يمولها؛ لأن الانظمة العربية تريد ان تلتفت الى توسيع وتعميق دائرة الفعل الاعلامي المكرس لخدمة الانا السلطوية، باعتبارها صحفا مستقلة، ندخل بعض الاقطار العربية، واطلاع الجاليات العربية: لماذا لا تصدر صحفا بلغات اجنبية؟ لأن الاعلام الغربي لايهتم بالانسان الغربي والعالمي سوى ان اطلع على القضايا العربية أم لم يطلع..!
وتأثير الاعلام المرئي تخطى بكثير تأثير الاعلام المسموع نظرا لدخوله بالصوت والصورة، والعرب لم يتخلفوا عن استخدام هذه التقنيات الهائلة، وانفتح العالم العربي عبر اقماره العربية.
السؤال: هل احسنا استخدام هذه التقنيات للتثقيف، وايصال الصورة، ونعجز على مجابهة الاعلام وثقافة الآخر؟ ومن الممكن استثمار شبكات الانترنت لقدرتها الفائقة في الاستخدامات المتنوعة، ممكن ان يكون استخدامها اكثر قدرة وفاعلية من المحطات الفضائية، بعض الفضائيات تحولت الى ادوات لتخريب العقل العربي؛ لما تقدم من برامج هابطة ومبتذلة وافلام اجنبية رديئة، بينما اسس مجموعة من الشباب العربي الانتفاضة الالكترونية، التقوا عبر الانترنت، بعدما اثارتهم محاولات الصهاينة تحميل الاباء العرب مسؤولية قتل اطفالهم، وتبرئة اداة القتل الصهيونية، اخترقوا تنظيم موقع مركزي على شبكة الانترنت اطلقوا عليه اسم (الانتفاضة الالكترونية) استخدم شبكة الايصال كوسيلة اعلامية نشطة، استطاع بجهود متقنة ان يفرض صوته في الوسط الاعلامي، الاهتمام بمواقع شبكات التواصل فهي تنتشر بسرعة لابد من الاهتمام بها؛ كونها رسائل اعلامية شديدة الفعالية والتأثير فيما اذا احسن استثمارها، فهي لا يحتاج الى موافقات الجهات الرسمية، ولا تحتاج الى اموال طائلة.
السؤال الفكري الذي يطرح اليوم:ـ هل من الممكن ان نشهد في المستقبل القريب حركة اعلامية عربية تدار بأيد جماهيرية تعاونية عبر شبكات الاتصال، تخدم قضايانا العربية وتجابه الاعلام الصهيوني الغربي، وتؤشر في الذهنية الغربية وتجعلها تنظر الى قضايانا العادلة نظرة انسانية..؟