معذرة لحضوري المتأخر عليكم؛ بسبب ما فرضه علي أهل التواريخ الزائفة من غياب قسري وانشغالهم بأخبار السلطة، والسبب الثاني يعود الى أن معاوية بن يزيد (رضي الله عنه) لم يستمر بالخلافة، فهو تنازل عنها ولم يقبل بخلافة آل أمية.
أوه.. نسيت أن أعرفكم بنفسي وعلاقتي بالأحداث، أنا عمرو المقصوص، اختارني يزيد بن معاوية (لعنه الله) مربياً لابنه معاوية بن يزيد، ولم يأتِ ذلك الولاء كوني مرضياً عند السلطة، بل لما امتلك من سمعة طيبة ومكانة اجتماعية ودينية ولله الحمد، وحين قتل يزيد بن معاوية بعضة قرد، يا لتفاهة هذه الميتة، والتي تليق تماماً به، عضة قرد..! اليس في هذا عبرة للظالمين والقتلة..؟!
وكان المرشح للخلافة ابنه البكر خالداً وهو معاوية بن يزيد، اعتكف اياماً عدة، وبدأ عناصر السلطة يتحدثون باسمي كثيرا، الجميع يعرف احترام معاوية لمشورتي هكذا كان يعتقد الجميع بأني السبب في تأخير معاوية عن قبول السلطة، وفعلاً استشارني فقلت له مشورتي المخلصة: (إما أن تعدل، وإما ان تعتزل).
ومن المؤكد ان تكون لهذه المشورة لها دلالتها في حياة معاوية، فارتقي المنبر وخطب بالناس:
"أمَّا بعد، الحمد لله والثناء عليه، أيُّها الناس، فإنّا بُلينا بكم وبُليتم بنا، فما نجهل كراهتكم لنا وطعنكم علينا، ألاَ وإنّ جدّي معاوية بن أبي سفيان نازع الأمر مَن كان أولى به منه في القرابة برسول الله (ص)، وأحقّ في الإسلام، سابق المسلمين، وأوّل المؤمنين، وابن عمِّ رسول ربِّ العالمين، وأبا بقيّة خاتم المرسلين (ص)، فركب منكم ما تعلمون، وركبتم منه ما لا تنكرون، حتّى أتته منيته وصار رهناً بعمله، ثمّ قلَّد أبي وكان غير خليق للخير، فركب هواه، واستحسن خطأه، وعظم رجاؤه، فأخلفه الأمل، وقصر عنه الأجل، فقلّت منعته، وانقطعت مدَّته، وصار في حفرته رهناً بذنبه، وأسيراً بجرمه، ثمّ بكى وقال: إنّ أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول (ص)، وأباح الحرمة، وحرق الكعبة، وما أنا المتقلِّد أموركم، ولا المتحمِّل تبعاتكم، فشأنكم أمركم، فوالله لئن كانت الدنيا مغنماً لقد نلنا منها حظّاً، وإنْ تكن شرّاً فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها".
ثمّ قال: "فشأنكم أمركم فخذوه، ومَن رضيتم فولُّوه، فلقد خلعت بيعتي من أعناقكم، والسلام".
ولمَّا نزل من على المنبر وبَّخه أقاربه، وقالت له اُمُّه: ليتك كنت حيضة ولمْ أسمع بخبرك. فقال: وددت والله ذلك، وغضبوا عليه وسقوه السم، فمات (رحمة الله عليه)، وارسلوا بنو امية عليّ وقالوا لي: انت علمته هذا، ولقنته اياه، وصددته عن الخلافة، وزيَّنت له حبَّ عليٍّ وأولاده، وحملته على ما وسمنا به من الظلم، وحسَّنت له البدع حتّى نطق بما نطق، وقال ما قال.
قلت لهم: ان ابنكم مجبول ومطبوع على حبِّ عليّ (ع) وأولاده (عليهم السلام) فلمْ يقبلوا مني ذلك، وأخذوني قصوا لساني، ودفنوني حيّاً..!
ما الذي ذكركم بي يا كتاب صدى الروضتين..؟