وضعتْ اخر لمسة جمال، اكليل ابيض على شعر طويل اشقر، تمددت اذيال ثوبها ذو الحاشية المطرزة و رسمت في وجه والدتها ابتسامة دافئة، و راحت تلامس يدين ضعيفتين بعروق بارزة.
و هناك في ركن الغرفة حيث رجل مسن قد تألقت الغبطة في عينيه و اجتاحت ابتسامة خديه المهدلين.
وقف منتظرا، متأملا...
ليمسك كفها كما كان يفعل معها وهي صغيرة.
نعم انه يوم سعيد و حزين، تعلوه افراح الزفاف، وتتمرد عليه اتراح الوداع.
تناول يدها المزينة بخاتم ذهب وراح يقربها منه ليطبع قبلة حزينة على جبينها.
هي فتاته التي قضت حياتها بين احضانه و لو بوسعه ان يحتفظ بها الى الابد لو لا سنة الزيجة و الكلمات الحشرية التي تتلقف اذانه بين الفينة و الاخرى"ابنة فلان بلغت العقد الثالث و لم تتزوج لابد خلف الامر اسبابا...!"
امسك يديها فشعرت دفء راحته، خرجا معا تشيعهما نظرات الام التي ودعت اخر حبة من عنقودها الارجواني.
اما العريس فقد وقف في الخارج قرب سيارته ينتظر زوجته.
ببدلة سوداء وربطة عنق زرقاء، قد رسم على وجهه ابتسامة طفل وديع! و عينين غائرتين تكاد اجفانها العليا تنزلق لتلتصق باخواتها السفلى.
دنى منه الاب و قال في همس : ابنتي راعها، راعاك الله.
بأيمان بالغة ضرب صدره قائلا بصوت اجش، بجهد قليل و تنسال على خديه دموع : اقسم انها كروحي!
و تواردت الايام...
و انتفخت اكياس تحت عيني العريس، تمايلات، و ترنحات، و فواق..!
و في كل ليلة يأتي تزداد نتانة رائحته.
و في خضم توارد الايام عثرت زوجته المسكينة على هاتف مليء بصور مريعة.
دماء تسيل، فتيات صغيرات قد ثقب وجوههن الرصاص، و جثث رجال لم تزرق بعد.
تأوهت بشقاء و اخفت ما رأته في طيات ثيابها.
احس الرجل بشيء غريب و امرها ان لا تخرج من المنزل مهما حدث!
و يوم شقي اخر... قررت الرحيل و اخبار الشرطة لكن هناك اربعة عيون وشت بما رأت.
في ظهيرة قيّظة و في الثالثة من ظهر ذلك اليوم القيظ اتصلت بوالدتها.. رنة.. رنتان : اهلا حبيبتي
_امي انا اليوم سآتي عندكم
_اهلا بك فلم نرك منذ شهور.. الووو. مرحبا!
و انسل صوت من حجرة منزل يقع في اسفل الشارع.صوت رقيق و مرتفع لكنه اخمد فجأة!
اخمد لكن اليد الرقيقة اخفت رقاقة صغيرة.
فجرت ابواق الشرطة الطريق،...
نواح.. صياح.. ولطم على الرؤوس!
رئيس الشرطة : ماذا حصل؟
بثقة مطلقة اجاب المجرم ورفيقتيه : وا مصيبتاه... لقد انتحرت... انتحرت زوجته!
رمق الشرطي مكان الحادث بريبة، وسادة مثقوبة قد علت وجه الضحية.
تساءل و الشك يختلج قلبه و يضرب كالمطرقة على رأسه : أهي عسراء؟
تلعثم العريس المجرم : كلا
_اذن كيف لها وضع الوسادة واطلاق النار بيدها اليسرى، هناك احتمال واحد قد شكّل المسدس تشكيلا في يديها من دون نباهة.. افتح يمناها.
العريس يرتجف و قد تصبب العرق في جبينه : لكنها لا تفتح.
_دعني ارى، اوه انها تقبض بيدها اليمنى على شيء، رقاقة ذاكرة!
و انبسطت اوراق الحقيقة على الطاولة بينما لا يزال الرجل في السجن يتنعم بنعيمه !
بعد ان حفظ وعده في روحه التي نامت كأميرة تحت التراب البارد.
أعجبني
تعليق
مشاركة ٠ تعليق