انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة استيراد الخادمات للبيوت العراقية بشكل متزايد رغم البطالة المنتشرة بين الرجال والنساء، فهل هذا الأمر فرضته الظروف الاجتماعية الخاصة لبعض البيوت أم هي ظاهرة للتباهي، وهذه الظاهرة هي جديدة على المجتمع العراقي، ويبدو أن هذه الرغبة سرت وتغلغلت في البيوت العراقية اثر مشاهدتهم للمسلسلات الخليجية، فوجود خادمة داخل البيت العراقي شيء جديد، والمدهش فعلاً ظهور هذا العدد الكبير من مكاتب تشغيل الأيادي العاملة، فهي أيضاً لم تكن مألوفة.
سألت احد اصحاب تلك المكاتب الموجودة عندنا في النجف (الحاج منتظر) صاحب مكتب تشغيل العمالة، فقال: إن سعر الخادمات الاجنبيات كالبنغلاديشية والإندونيسيات يبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة دولار فقط، اضافة الى عمولة المكتب عند فتح استمارة خاصة تتضمن المعلومات ويسمح للعائلة الاستغناء عنها متى ما شعرت بعدم صلاحيتها، وجلب اخرى بنفس السعر السابق، ونكمل أوراق الخادمات من دبي لعدم وجود تعامل مباشر مع الدول التي ينتمين اليها، ومن ضمن الاجراءات نقوم بإجراء تقرير طبي، ويختم التقرير من نقابة الأطباء، ثم الى وزارة العمل للحصول على الموافقة، وتفحص الخادمة طبياً، وتخضع لإجراء كافة التحليلات.
طارق عبد علي حسن - ضابط شرطة:
هناك مخاطر كبيرة في استقدام الخادمات الاجنبيات، فبعض التقارير تشير الى ان اسعار بعض الخادمات لا يتجاوز 400 دولار، هذا النوع من الخادمات يجلبن عن طريق التهريب بطرق غير مشروعة يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة المالية؛ لكونها لا تملك أوراقاً رسمية، وقانون العمل يمنع استخدام العمالة الاجنبية إلا في اختصاصات غير متوفرة، ولا يحق لأية شركة توظيف أي عامل او عاملة دون الحصول على الموافقات الاصولية من وزارة العمل، وفعلاً ألقي القبض على ثلاث خادمات مريضات بالآيدز، فالقضية غير مريحة وفيها مخاطر اجتماعية ايضاً.
أمينة محمد حسين - استاذة جامعية:
لا ارتاح كثيرا لمسألة اعتماد البيت على خادمة، وارى ان القضية فيها تبجح وفخفخة وفيها مظهر من مظاهر الطبقية، فبقليل من التدبير والتخطيط تستطيع المرأة أن تدير منزلها، وخاصة لو كان لديها بنات فتعلمهن من الصغر خدمة البيت، وتعدهن لحماية أنفسهن تقلبات الزمن، لكني أعرف عوائل فعلاً هي بحاجة الى وجود خادمة، لي صديقة استاذة جامعية لا تستطيع الاستغناء عن الخادمة؛ لكونها امرأة بدينة وأي مجهود يرهقها وهي امرأة عاملة ولديها اوقات دوام طويلة، لا تتيح لها التفرغ الكلي للمنزل، وهي لا تعتمد بشكل كامل على الخادمة فلها لمستها الخاصة في بيتها، وترى ان وجودها نعمة وخاصة بعدما توافقت انماط العيش بينها وبين العائلة وصديقتي مثقفة واعية قادرة على تطويع الظرف لصالح الاسرة.
مازن عبدالحسين درويش - موظف في وزارة حقوق الانسان:
إن ظاهرة الاستعانة بالعمالة الاجنبية مرفوضة في العراق ولأسباب كثيرة ومنها: تفشي البطالة بشكل كبير، والاجدر بنا ان نميل الى اليد العاملة العراقية، لكن العمالة العراقية لا تتحمل ضغوطات العمل، لهذا اصبح التاجر يستعين بالأيدي العاملة الاجنبية وخاصة في خدمة البيوت، فالعراقيات يرفضن خدمة البيوت ويعتبرنها عيبا، لهذا اصبح الميل الى خدمة الاجنبيات، فهي علاوة على انخفاض اجرها تقوم بكل ما يطلب منها من اعمال مقابل 200 دولار شهرياً.
والمرأة العراقية تحب ان تقلد غيرها من النسوة لهذا تشهد ظاهرة انتشار الخادمات الاجنبيات طلباً كبيراً من العوائل وخاصة الميسورة منها، وأي ظاهرة جديدة على المجتمع العراقي تمر بمراحل حتى يتقبلها المجتمع ومع تقادم الوقت تظهر سلبيات جانبية، تبقى المسألة: هل ستتكيف هذه الظاهرة مع المجتمع أم هي ظاهرة تأخذ وقتها بالتلاشي..؟
رشا عبد الله حسون – تربوية:
لي قريبة طبيبة أزورها دائماً، وتعرفت على خادمتها وهي انسانة رائعة، وأجمل ما فيها لكنتها الاجنبية، وهي تتحدث العربية، قريبتي ارملة لها ثلاثة اطفال، كونت علاقتها بخادمتها علاقة اخت، وتثق بها الى حد الذي تؤمن مصوغاتها الذهبية وما تملك واطفالها، وغالباً ما تبيت خارج البيت، تحدثني عن صديقة لها وقعت تحت رحمة ام بيت لم ترحمها، فصارت تعاني الويلات من ام البيت، تقول: ان ما يغدرنا هو ان قانون العمل في بلادنا لا يحمي حقوق العاملين ولا يدافع عنهم.
الخلاصة:
يتفق الشباب ان هذا الظاهرة لها وجهات نظر متنوعة، ظاهرة كونتها الظروف الخاصة لبعض البيوت، وإن سبب انتشار الخادمات هو دخول المرأة العراقية الى سوق العمل، فأصبحت هي تحتاج الى من يسد شاغر البيت، او لوجود مسن او مسنة تحتاج الى خدمات خاصة، او وجود مريض او مريضة تحتاج الى رعاية.
واما من تستخدم الخادمات ومدبرات المنازل من اجل اكتمال المظهر الجديد الذي تتمظهر به العوائل الثرية، ويقدم هذا المظهر صورة الطبقة الغنية، ونعتقد ان هذه الظاهرة ستتشذب، ويبقى منها ما هو نافع، ويذهب الباقي الى زوال.