هل حقًّا يا أبي لا يحقّ لي أن أكون القاسم بعد اليوم؟ كنت لحظتها أستمع الى نحيب قلبه وبكاء كل شيء فيه، أعتقد هناك أسئلة كثيرة تكسر الخاطر وكلام كبير في صدر ابني، لكن هيبة الموقف جعلته يخضع للأمر الواقع، وهو يقول: كأنهم سلبوا مني حياتي يا أبي، أنا لست مع ابني، لكني حزين عليه، فهو ألِفَ دور القاسم (عليه السلام) لسنتين أو اكثر، وعليّ أن أُفهمَه، فقلت له: يا ولدي، التحدي كبير، والدواعش ومن معهم يحاربوننا بشراسة من أجل خلخلة الشعائر وإيجاد ثغرة في أي فقرة من فقرات الموكب، لقد عابوا على اللطم والتطبير والمشي الحسيني وعابوا على التشابيه والزناجيل وعلى الضيافة والطبخ والتمن قيمة، ونحن مازلنا مصرّون أن نقدّم أنقى ما نملك يا ولدي، عمرك تجاوز عمر القاسم (عليه السلام)، ولابد للموكب أن يقلد البديل دور القاسم (عليه السلام) الدور يتبع الفئة العمرية التي ينتمي اليها، وأنت عمرك تجاوز هذا الدور، وأكيد سيرزقك الله دورًا آخر.
ابني (مثنى) أيضًا يعرف انهم على حقّ، لكن حزنه على الدور أكبر من حوار القناعات حتى الزّي الذي يرتديه أصبح ضيقا عليه، يبدو أن حزن ابني ترك أثرًا عميقًا في النفوس قبل أن يلتحق بالجبهة، اتصل به السيد جاسم متعهد الموكب: بابا مثنى قررنا أن تأخذ دور علي الأكبر (عليه السلام)، تغيّر الوضع عند ابني تمامًا، وتألق الفرح في عينيه، وهو يصيح: بابا سآخذ دور عليّ الأكبر يا بابا، نعم يا بني، انت ممثل موهوب كونك تمثل بإيمان وتؤثر في الناس كثيرًا، ستكبر يومًا لتأخذ دور العباس (عليه السلام).
بكى ولدي مبتهجا، بشّرك الله بالخير يا أبي، هو حلم حياتي، قلت له: والجبهة يا ولدي؟ أجابني: ستكون اجازتي يوم ( محرم، اي قبل يومين من التشابيه، لكن واقع الجبهات لا يطيع موعدا.
تأخر ولدي، قلت للسيد جاسم: سيأتي ولدي فهو لا يخلف موعدا، وهو فرِحٌ بدوره، وفعلًا جاء ولدي على موعده، لكنه جاء شهيدا ليتوج بروحه دور عليّ الأكبر (عليه السلام)، وكأني أسمعه يقول لي: «ما رأيك بالدور يا بابا؟».