إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هواجس عاشق محمد ياسين مصطفى كوسه سوريا - دمشق

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هواجس عاشق محمد ياسين مصطفى كوسه سوريا - دمشق


    كيف لي أن التحق بصفوف المجاهدين، وأبي يرقد في فراشه لا حول له ولا قوة ؟! يا إلهي أكاد أفقد عقلي، الرفاق هبّوا للدفاع عن الارض والعرض وأنا أمكث هنا !
    أنا خجِل من أبي لو استطاع الكلام لأدبني على فعلتي هذه، كيف اتوانى عن الالتحاق بركب المجاهدين؟!
    نعم، اعرفه جيداً ومعسكرات القتال تعرفه أيضاً، بزّته العسكرية وسلاحه المعلق على الحائط في غرفة الاستقبال دليل على ذلك، وشاهد عيان على بطولاته وانتصاراته.
    أما تلك الصورة التي وضعنا لها إطاراً ثميناً فهي تحكي للناظر عن ذاك البطل المغوار، عن الوقفة الشامخة التي وقفها وهو يؤدي التحية العسكرية لسيده ومولاه الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) في الروضة الحسينية المقدسة، متعهداً أنه سيناصره، ويلبي النداء وإن فصله عنه الزمن وحالت الأعوام والدهور بينه وبين نصرته في كربلاء، معتذراً منه أنه لم يكن في الطف، ويعده بأنه سيكون طفّا، ذلك قبل أن ينطلق إلى المهمة التي أوكلت إليه، والتي عاد منها مبتور الساقين، بالكاد يرى أثر النور دون أن يتعرف إلى الوجوه .
    منذ ذاك اليوم وأنا أقوم بخدمته ورعايته (قال في نفسه): كيف سيغفر لي تلك الزلة؟، وكيف أقابل الناس وانا ابن القائد البطل الذي كان يصول ويجول مدافعاً بكل ما أوتي من قوة وإيمان وعقيدة، وكيف لي أن أقف تلك الوقفة في محضر مولاي الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)؟!
    أوَ أجرؤ على أن أرفع راسي في حضرته؟ ألسنا في كربلاء اليوم، ونعيش ذاك الصراع المتمثل بمعسكري الحق والباطل، من يناصر الآن فقد انضم إلى ركب المخلصين؟ يا إلهي !لقد غرس ابي فينا كربلاء، فنشأنا نستقي من معين تلك النهضة الحسينية عاماً بعد عام، حتى سرت في عروقي دماء الشهادة، التي بذلها الأصحاب الخُلّص في سبيل نصرة سيدهم ومولاهم ونصرة العقيدة والإيمان الحقّ ..
    آه . كم أنا متعب، افكار وأفكار تدور في رأسي، يكاد رأسي ينفجر .
    انا لست جباناً، أحمل من القوة والثبات ما يمرغ انوف الطغاة في التراب، اوَ أجلس هكذا حبيس الدار، ولكن من يرعى أبي ومن يقوم على خدمته؟
    إنه الفجر، التراتيل السماوية تملأ الكون بالسكون، مع انفاس الصباح تكاد كل مفردات الكون تؤدي سجدة الخشوع لله الأحد، ألم يأنِ لهذا القلب أن يسجد في محراب الشهادة .
    انطلق إلى أبيه، ألقى عليه تحية الصباح والابتسامة تعلو وجهه، لربما سمعه أو استطاع أن يلمح شيئًا من قسماته، قام بتوضئته وتركه يؤدي صلاته بما أوتي من قدرة، كما دأبه كل يوم .
    صوت الماء وهو يتوضأ أدخل السكينة إلى قلبه، افترش سجادته في موعد للعاشقين، ادى صلاته على اكمل وجه ثم توجه للدعاء، كان يتمتم بكلمات غير واضحة إلا أن الدموع كانت تغطي وجنتاه .
    وما لبث أن غفا على سجادته.
    كان المسجد واسعاً, يفوح منه الطيب منتشراً في كل مكان، دخل إلى المسجد، صوت الماء مع قدسية المكان ورجع صدى الأذان يجلجل القلوب فترتعش خاشعة، وشيخ كبير يجلس جانياً يتمتم بهدوء، اقترب إليه جلس صامتاً لبضع دقائق ريثما انتهى الشيخ من مناجاته ملتفتاً إليه:
    - أود أن أسألك سؤالاً مولانا؟
    - أومأ له بالإيجاب.
    - أليس من حقي أن اقوم بواجبي وأكون من المجاهدين؟
    نهض الشيخ متوجهاً نحو الباب دون أن ينظر إليه وهو يردد: "وأما حق أبيك، وأما حق أبيك" إلى أن غاب عن الأنظار.
    صحا من نومه وهو يرتعش ويردد العبارة، أسرع إلى رسالة الحقوق، نعم هذا ما أريده .
    "وأما حق أبيك: فأن تعلم أنه أصلك، وأنك فرعه، وأنك لولاه لم تكن. فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد اللّه واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله".
    يا إلهي كيف لم أعِ ذاك المعنى قبل هذا، أن أؤدي حق أبي، فذلك يعني أني في حالة عبادة.
    يكفيني جهاداً أن أبرّ أبي، ربّ اجعلني بارّاً به وتقبّل مني، نهض مستبشراً دخل غرفة والده انحنى على يديه مقبّلاً طالباً رضاه ودعائه، فمنذ تلك اللحظة بدأت رحلة جهاده .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X