لو قدّم لك أحد أفراد أسرتك أو أحد أصدقائك مثلاً هدية، وعند فتحك لهذه الهدية، واذا بها بنطال ممزق أو سترة ممزقة، فيا ترى كيف ستكون ردة فعلك؟
طبعًا الانسان العاقل، لا يرضى بذلك ولا يقبل بهكذا هدية، ويبدو عليه الانزعاج، بل ويعتبرها إهانة بحقه.
ومن المضحك المبكي في زماننا هذا أن هذه الملابس الممزقة، أصبحت آخر صيحات الموضة، وقد ضجّت بها الأسواق، وتُصرف مبالغ طائلة لشرائها !وهي من الظواهر الغريبة والدخيلة على عادات وتقاليد المجتمع العربي بصورة عامة، وقد لاقت رواجًا كبيرًا بين الشباب.
وحقيقة هي ظاهرة تشمئز لها الأنظار، ومع شديد الأسف، اعتبرها معظم شبابنا اليوم ومن كلا الجنسين موضة، بل واعتبروها تطورًا وتميزًا وأناقة، بالرغم من انها مخالفة للذوق العام أولًا، ولتعاليم ديننا الاسلامي ثانيًا، ولعادات مجتمعنا ثالثًا، وهي أيضًا صورة من صور التخلف الحضاري.
لقد غفل هؤلاء الشباب أنهم أصبحوا أدواتاً تتلاعب بها أفكار الغرب المسمومة، الذين ليس لهم همّ سوى جمع الأموال وتحريف سلوكيات شبابنا، حتى أصبحوا طعمًا سائغًا لهم.
وحسب اعتقادنا، إن هذه الموضة هي من أكثر الموضات جرأة، ففي الحالة الطبيعية حتى الانسان الفقير يرقّع ثوبه ولا يتركه ممزقًا -إلا ما ندر-إلا اننا نرى أغلب الشباب اليوم يخرج بهذه الملابس الممزقة في كل مكان دون حياء، غير آبهين بتعاليم الدين ولا بتقاليد مجتمعهم، بل وصل الأمر الى ارتدائها داخل دور العلم والتربية، في المدارس والجامعات من دون رادع من أحد، أو واعز من شيء.
ويعتبره بعض الناس حرية فردية وقناعة شخصية، ولا يحق لأحد أن يتدخل، وقد يعود ذلك الى ميل أغلب المراهقين الى تقليد المشاهير من نجوم الفن والغناء، والمسايرة العمياء للموضة حتى وإن كانت خلاف الذوق العام.
وللإعلام الضال دور خطير في اقبال الشباب على تلك الأزياء وتأثيره على عقولهم، ونلاحظ ذلك من خلال مواقع التواصل والفضائيات التي تبث انواع البرامج اللاأخلاقية، والأفلام والمسلسلات التي يظهر فيها الممثلون والممثلات وهم يلبسون الملابس الخليعة وشبه العارية، وبسبب ما يعانيه هؤلاء الشباب من فراغ فكري، تراهم يتأثرون بتلك الثقافات المنحرفة.
كما أن عدم المتابعة المستمرة من قبل الوالدين له أثر على ذلك، فنجد أن الوالدين لا يوجهون أولادهم إلى السلوك الصحيح، وتركهم يتصرفون دون حدود أو قيود حتى في طريقة لباسهم، مما يجعلهم عرضة للانحراف واللامبالاة.
ومن هنا، يأتي الدور الكبير للأسرة والمدارس والجامعات في توجيه الشباب وتوعيتهم حول ما يُحاك ضدهم من خطط خبيثة من قبل الحضارة الغربية، وإن التقليد الأعمى والتشبه بهؤلاء الكفرة قد يؤدي بهم الى الانزلاق نحو الهاوية والرجوع بهم آلاف السنين الى الوراء.
ويجب أن يفهم شبابنا بأن التطور والتميز لا يكون بمسايرة آخر صيحات الموضة، إنما يكون بالعلم والمعرفة ومواكبة ما توصّل اليه العالم من تقدم وتطور في التكنولوجيا الحديثة.
وختامًا نقول: لابد من وضع قانون صارم يمنع استيراد هكذا ملابس منافية لأخلاقيات وسلوكيات مجتمعنا العربي والإسلامي، وعادات وتقاليد بلدنا، وإلا فإن موجة الانحراف تزداد سرعة الى درجة لا نستطيع السيطرة عليها، فتزداد الامور سوءًا أكثر مما هي عليه .