حين يبحث النص عن الموقف، يصبح من الممكن دراسة البنى الأسلوبية التي يعتمد عليها النص، وقصص الكاتبة (عبير المنظور) والمعنونة (قارورة عطر)، والسعي لأسلوب الأنسنة، يجعل النص مرويا عن لسان قارورة العطر.
نص معبر عن قصدية واعية، كتبته بخبرة استلهام البنى التاريخية على مستوى إعادة الصياغة، وإبراز أهمية الدلالة بصيغة وعظية. جسد النص المعبر عن جسد النص التاريخي، وأصبحت مهمة إبانة الرؤية لها أسلوب استخلصت تلك الرؤيا التي نامت في بطون المصادر.
النص هو قصة (بشر الحافي) المعروفة، قصة تاريخية يلج النص الى فهم علاقته مع القصة، وهذا يحتاج الى أساس معرفي يعيد ركائز التأويل ويوسع الدلالات أي انها تحمل الخطاب الإبداعي إضافة دلالية النص بدفق معناه من التضمين إضافة للقصة.
فقضية الورقة هي غير معروفة لدى القارئ أي بحث الهاجس الأول، نص المبدعة عبير المنظور هي شهادة ونسيج ثقافي حولت به النص التاريخي الى تجلٍّ, والى عمل وظفت من خلاله نتوءات نصية يمكن ان نتأملها بذاتها.
قارورة عطر تتحدث عن شاب غير ملتزم، يرفع ورقة مكتوبا عليها (اسم الله تعالى)، يحترمها يقبلها بعطرها ويرفعها، وكأن الكاتبة تريد ان تقول: ان التوبة ليست عمل صدفة، فلا بد للانقلابة الكبيرة في حياة (بشر الحافي) في المرجع التاريخي من أساس في قلب ونوايا بشر يعني الداخل النصي وصل الى ذروة الإحالة.
سؤال: لماذا استخدمت الكاتبة الإحالة التاريخية؟ سيكون الجواب: لتحقيق غرض ثقافي جمالي، وجولة في ثقافة الانقلاب الذاتي، وهذا تأكيد على اصالة الكتابة باعتبارها رأيا.
وتسرد الكاتبة الحكاية بمضمونها التاريخي؛ لتعيد الى ذاكرة المتلقي ما يعرفه هو عن القصة المخزونة بالوعي، ومعايشة المتلقي في عوامل الجو التاريخي، الإحالة مقصودة، وهي وقعت في قلب القص لتجسد الرؤيا والموقف، وان تؤخذ هذه الشهادة التاريخية.
ومرت الأيام، واستعمال سردية الكان يا مكان, مفردات إحالة صياغة الحدث مقترنة بجوانب التغيير الأول بأن الشهادة هي شهادة قارورة:
ركض بشر الحافي خلف الامام الكاظم (عليه السلام).
البحث هنا عن لحظة الثورة على الذات، الانقلاب الروحي، سمع الموعظة بقلبه في حينه في لحظة حاسمة ومصيرية غيّرت مسرى وواقع حياته, هي قالت: ان هناك داخل النفس احتراما لاسم الله تعالى رغم العبث والمجون وهذا البهاء الداخلي هو الذي سيجد موقف الانتماء الى نصيحة الكاظم (عليه السلام)، وكأن النصيحة كانت مكافأة للحدث الذي روته القارورة وتبدأ حكاية التوبة.
عاش عابدا الى حين موته، تتخذ المبدعة الحكاية كلها معبر لارتكازة وعي وبث روح هذا الوعي ليكشف عن واقع انساني يعيش:
1- الرؤية المعتمدة على بث الموعظة المستخلصة من التاريخ لتجديد وثبة اعتبار الانسان وإمكانية استنهاضها عبر روحية كل شاب.
2- عدم اليأس من رحمة الله.
3- التوبة الخالصة لوجهه تعالى.
4- لا بد من نوايا حسنة، بؤر معنوية قادرة على التغيير الواعي للسلوك المنحرف.
5- لابد أن نزرع قيما ومعايير في حكاية كل طفل؛ لنجعله ركيزة استنهاض ساعة التيه.
قصة كبيرة في الفحوى من شاعرة كاتبة متمكنة.