لا يخفى على أحد ما للعلم من أهمية في حياة الإنسان، وهذا ما أكّده ونصّ عليه القرآن الكريم: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» [المجادلة/11]، وقوله تعالى: «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ» [الزمر/9].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «المؤمن العالم أعظم أجرًا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدّها شيء الى يوم القيامة»(1).
ولا يختص العلم بالرجال فقط، وإنما يشمل المرأة أيضًا، وهذا ما صرّح به النصّ، عن رسول الله (ص): «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة»، وقال: «من كانت له ابنة فأدبها وعلمها وأحسن تعليمها وأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه، كانت له منعة من النار»(2).
والمرأة المتعلمة أفضل من المرأة الجاهلة، فالمرأة المتعلمة تمتلك القدرة على التعامل مع الأمور بكل حنكة وحكمة مقارنة بغير المتعلمة، وللتعليم دور كبير في النهوض بمستوى المرأة في شتى المجالات، فبالعلم تحقق ذاتها وتزيد ثقتها بنفسها، ومن خلاله تستطيع أن تدافع عن مبادئها وقيمها، وهي القادرة على بناء جيل مثقف واعٍ؛ وذلك لما تملكه من أساليب صحيحة في إدارة الأمور .
وبذلك يعدّ العلم سلاح المرأة ودرعها الحصين، يعطيها قوتها، ويعزز قدراتها في مواجهة الصعاب بالشكل الصحيح .
يقول المرشد النفسي عبد اللطيف الصالح: «إن تعليم المرأة يساهم بتغيير مسار حياتها نحو الأفضل، وتحسين صحتها العامة والنفسية ومساعدة أسرتها ماليا ومعنويا؛ وذلك لأنه يعطيها أهمية في مجتمعها وله مردود ايجابي لنفسيتها... ويشير الى أن تمكين المرأة بالتعليم يساهم في تحسين مزاجها، وتتمتع بروح مرحة ومتفهمة؛ لأن التعليم يمدّها بالغذاء الروحي والوجداني».
وأول من اهتم بتعليم المرأة هو الاسلام، ونظر اليها على انها انسانة لها كرامتها وعزتها، بعد أن حاولت الجاهلية طمس إنسانيتها ودفنها تحت التراب، فاعتبروها عارًا وإثمًا، وقد حاول بعض المغرضين من اتهام الاسلام والادعاء بأنه لا يحض على تعليم المرأة، ومن يطالع التأريخ يجد صورا ونماذج رائعة من النساء العالمات، وخير مثال لنا، نساء النبي (ص) وأهل بيته، فكن نساء عالمات، فاهمات، واعيات .
وفي عصرنا نجد أمثلة رائعة من النساء العالمات والمجتهدات، أمثال: (بنت الهدى) وهي عنوان المرأة المتعلمة والعالمة التي خدمت الدين والمذهب في شتى المجالات. والأمر المهم الذي لابد أن نفهمه أن إمامنا المنتظر (عليه السلام) يختار نساء متعلمات وفاهمات من ضمن تركيبة جيشه، فبالعلم تُقاد الأمم لا بالجهل، وبالعلم تطورها ورقيها.
وكل امرأة تدخل مضمار العلم، لابد أن لا تغفل عن الهدف الحقيقي من التعليم ألا وهو التكامل والارتقاء، فيجب أن يبقى العلم رافعًا لقيم الانسان ومبادئه، كما ينبغي لها التمسك بما يحفظ لها كرامتها من العفة والحجاب والسير على المنهج الذي رسمه الاسلام لها، وأن تجعل من تلك النساء العالمات قدوة لها، وفي مقدمتهن سيدتنا ومولاتنا الزهراء (عليها السلام) رمز العلم والمعرفة والعفة والحياء، التي طالما حثت وشجعت على طلب العلم؛ لأن بالعلم ترتقي النساء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
١- بحار الأنوار: ج٢، ص١٧.
٢-ميزان الحكمة: ج١، ص٦٥.