بالعقلِ الراسخ والصَبر الجميل نمضي راشدين، وتمشي ٲقدامنا بظلّ دامس وظلام باهت، سنحوّل أشعة الشمس إلى نور، ونقفز أعلى الجِبال، ونحَوّل القمم العالية إلى آمال غالية، سنقفّ بوجه الفقر والتشتتِ واللاعقلانية، وسنزف الفقر والتواضع، وسَنجول وسطَ الشفقة، ونُرممها بعَملية الاحترام الى أن تتَحول اماكن الفقر إلى اماكن مغَشية، وإلى قِمم الجوع سنَكف جوعهم بآليات البهَجة والاضطرارِ، سَنمسح أعينهم من عَبرة البُكاء التي تهمس وتَدوس ببطونهم المارقة باليُتمِ، وتسحق اكتافهم بعَراقيل المجدِ والفلاسِفة التي تغنم أعينهم البراقة بالخوفِ!
أتى ذاكَ الطِفل الفقير، وأحاطَ عينيه الصغيرتينِ على رغيف بائت، ووضع يَديه ببطنه مشيد المجيعِ، واطراف أصابعه كافحت الغرس المطوف، والزمَ مجَيئهُ إلى ديار الأعاصم، وخَلت نيران قلبه بالجوعِ والصَبرِ، واستبر فكرهُ بلسعات البَرد القَارس، الذي أغدق جسَدهُ الصغير بالحُزنِ!
جَفت ملامحهُ بالخطى، وقَد رجمتهُ بالحجارة مستكن الامه وافعال الاخرين!
يبصرون احلامهم بدقات صَغيرة، ويأنسون آلامهم بعطف بعضهم بعضا، وكُل من بعضهم يَلوح بيدهِ مُشيراً إلى غَد رائع!
ويَنظرون إلى الفقر من كُل زاوية، فَيجدونهُ هوَ ظرف من (ظُروف الحَياة)، وربّما يسَتيقظ أحدهم فَيجد الثراء امام بابه، ومنهم من يفرّ بَمدى وحشية الفقر، وبَعضهم من يَهتمّ بمُعاملة الفَقير، فَالفقر وحش مِن وحشيات الحَياة يفَترس الانسان بأنيابه الحَادة.
وكَما قَال الامام عَلي (عليهِ السَلام): «لو كانَ الفُقر رجلاً لقتلتهُ!» يَعني ان الاسلام لا يحب الفقر وليسَ الفَقير، وكانَ الامام عَليّ يُحارب الفقر من شِدة عَطفهُ على الفَقير، وها نَحن نقف وقَد آن الأوان! وشَدت العَواصف بُترابها فَلنقف بوجه الفقر، ونساند كُلّ شخص لا يملك رغَيفاً واحداً، ونطعمهُ طعامنا، ونؤييهِ تحت ظِلّ بيتنا، ولَنعمل حَربا ضِد كُل فقر عَصف بعواصفه القَوية.
عَلى كُل شخص غَني أن يقَود نفسهُ بضَمير لا بشَفقة، وأن يَبني بَدل المَدرسة الواحدة مَدارس عَديدة؛ كَي يتعلم الصِغار أنّ الفقر هوَ نفسه الشَيطان كَما قالها الشاعر! وان يطعم كُل جائع مشَى تحت ازقة لا مفَر منها، وقَد حَاصر معدتهُ التي باتت جَائعة إلى يومنا هَذا! وفَي كل نِهاية نحنُ أمة قادها النبي مُحمّد، وقَد ورثَنا منهُ الرحمة والانسانية، فَلتكن لدينا رحمة.