إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إكسير الحياة الكاتبة: الأستاذة نعمت أبو زيد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إكسير الحياة الكاتبة: الأستاذة نعمت أبو زيد



    (واقعة الطّف) لوحةٌ ثلاثية الأبعاد، ازدحمت فيها الصّور، وتلوّنت بشتّى أنواع ألوان الحياة، وأفرزت إكسير حبّ وعطاء، وَعكس تأريخها جملة مِن الصَفحات المهمة، الَّتِي تباينت فِي العميقِ مِنْ ثنَاياها المواقِف الإنسانيَّة بأبهى تجلّياتها، ونثرت القيم الأخلاقية النبيلة في فضاءات الكون، واخترقت حدود الزمان والمكان حتى صارت مدرسةً تُدرَّس لكلّ المستويات.
    غَنِيٌّ عَنِ البَيَانِ أَنَّ ما أفرزته مجريات يومِ عاشوراء مِنْ مآسٍ وأهوالٍ ما تَزال توشح جبين الإنسانيَّة ببصمةٍ سوداء تأبى مفارقته، وَتلزم البَشَريَّة جمعاء بعدمِ تجَاهلها، بوصفِها انتهاكاً فاضحاً لحُقُوقِ الإنْسَان، الأمر الَّذِي يتطلب إخضاعها لطرائقِ البحث وَالتحليل الْمَوْضُوعي بقصدِ توظيفها فِي مُهِمّةِ التعرف عَلَى حقيقةِ إنسانيَّة النَهْضة الحُسينية المبَارَكَة قبَالة وحشية الأساليب الَّتِي اعتمدها (حفنة مِن الأقزام) للجَيشِ الأموي.
    إنّ أولى إشراقات النهضة الحسينية المعبرة عَن المثلِ الإنسانيَّة الرَفيعة، تجسدت باعتمادِ الإمام الحُسين (عليه السلام) الكَلِمَة نهجاً للتسَامحِ وَالحفاظ عَلَى عرى وحدة الأمة، وَالنصيحة سبيلاً لمواجهةِ أعداء الله وَالإنسانيَّة الَّذين تشدقوا بأعلى سقوف الحماقة ارتفاعاً، بوصفِها لغةً أو عنواناً لرغبةٍ جامحة فِي إيقاد الحرب مِنْ دُونِ الاحتراز لمأساوية نتائجها؛ تعبيراً عَن الإصرارِ عَلَى نبذِ فكرة الاستماع إلى نداءِ الحق والعقل، وَالتمسك بتنفيذِ أوامر الطغاة بالانتقامِ مِنْ سبطِ رسول الله (ص)؛ بغضاً لأبيه، وَما فعله بأشياخِهم يوم بدر وحنين مثلما أعلنوها بوجهِه صراحة فِي آخرِ مراحل المنازلة يوم كان الإمام فِي اليومِ العاشر مِن المحرمِ سنة (61) للهجرةِ وحيداً فِي الميدانِ وَهو ينادي برفيعِ صوته: «هل مِنْ ناصرٍ ينصرني، هل مِنْ معينٍ يعينني؟» هذه الكلمات المدوية كانت لإلقاء الحُجّة عليهم قبل سلّ السيوف والنّزال، لنيل إحدى الحُسنيين، إما النصر وإما الشهادة.
    إنَّ تضحيات الإمام الحُسين (عليه السلام)، وَإيثاره وَشهادته مَعَ أبنائِه وأصحابه فِي كَرْبَلاَء، كانت تعبيراً عَنْ تبنيه لمنهج الحرية، وإصراره عَلَى عدمِ الانصياع للظالم، فضلاً عَنْ ارتكازِ دعوته الإصلاحية عَلَى صِيَانَة الكَرَامة الإنسانيَّة، وَرفض الاستلاب وَالإذلال وَالاستعباد.
    وَلأنها نهضة إصلاحية لخدمةِ الإنسانيَّة جمعاء، بوصفِها غير محددة بدِينٍ أو مَذهبٍ أو قومية، فأنَّ النَهْضةَ الحُسينية اخترقت الآفاق لتوقظ الضمير الإنسانيَّ فِي كلِ زمان ومكان، وكما نسمع ونرى في كلّ مرةٍ عن لسان المستشرقين والباحثين والسياسيين الباحثين عن حرية بلدانهم وكراماتهم الشخصية.
    في مقابل هذا الضّخ الضخم من هذه الثورة الحسينية، علينا العمل لإقامة ذكراها في كلّ عام بأفضل ما يكون، وينبغي أنْ نعلم إن أردنا الحفاظ على هذه النهضة فيجب أنْ نحافظ على هذه الشعائر والسنن، وطبعاً فإنّه إذا كانت هناك أعمال وممارسات منحرفة وخاطئة يرتكبها أشخاص غير مطّلعين على المسائل الإسلاميّة، فيجب أنْ تتمّ تصفيتها، لكنّ المواكب والمآتم ينبغي أنْ تبقى على قوتها بما لها من ترسيخٍ لهذا النهج المبارك والمحافظة على الدّماء الطاهرة التي أُريقت.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X