تويت
بعد مخاض ليل طويل ينجلي الظلام، ويولد صباح جديد، رائحة الشاي تتسابق مع أنفاسي، عطر الصباح يفتح قلب نافذتي على مصراعيه، يدغدغ ستارتي وجدائلي.
سماء وصباح، شرفة وكرسي مهتز، شاي ودفتر مذكرات صغير، لكن ينقصني كتابي المفضل، باغتّ رفوف خزانتي؛ أبحث عن كتابي المفضل، لا أمتلك مكتبة، لكن أحلم أن تكون لي مكتبة تحتوي سطوراً كثيرة، لذلك اعتدت على أمي أن تغيّر أماكن أشيائي الخاصة.
وأنا أبحث سقطت بنان أناملي على شيء قديم لكنه جميل، أخذته كطفل يبكي إلى أحضاني، ظننته تآكل وطمست ملامحه بفعل الرطوبة والزمن!
انتابني شعور، شعور غريب لدرجة راودتني فكرة البحث عن ذاتي بين طيات ألبوم الصور.
أخذته وجلست أقلب في ذكريات الماضي، اعتلت ثغري ابتسامة طفولية من شدة استشعاري بجمالها أخذت أتلفت حولي؛ خشية من أي شخص آخر يلاحظها ويظنني مجنونة.
أبصرتُ نفسي محدقة، نفسي التي باتت لا تعرفني..!
أتساءل كيف عبرتني قطارات السنين؟! وكأنني اليوم أعيش تلك اللحظات.
أين ذهبت مدائن الألعاب، ودواليب الهوى، وأناشيدي المفضلة، وحلوتي اللذيذة؟ إنها موجودة بالفعل، لكن أينها مني؟!
أطفو بقارب من حنين بين الصفحات.
في الصفحة الأخرى رأيت أمي، ما لتلك التجاعيد تجرأت؛ تحتل حديقة خديها وتذبل أزهارها؟
في الجهة الثانية رأيت أبي، أبي الذي كان كالنخلة الشامخة لا يهاب شيئا، كيف لعثة السنين أن تنخر قوته، ولا يسع لحملهِ حتى عموده الفقري؟!
أمواج فضولي تأخذ قارب حنيني لأرى من افتقدتهم، أين عمّي الذي اعتدتُ أن أناديه أبي؟ أين خالتي التي تعتني بي كزهرتها المفضلة، افتقدُ بهجتكِ كثيرًا يا خالة..!
أين صديق الطفولة أخي أمجد، أريد الجلوس بقربكَ في مراجيح الأحلام..؟
أين أختي؟ آه أختي..!
يا ليتكِ يا أمي خبأتيه بعيدًا عني ولم أره! ياليتني لم أستيقظ هذا الصباح، كيف رحلوا تاركين خلفهم قلوب تئنّ من بعدهم؟
ألبوم الصور ادّخار عظيم في حياتنا، لطالما كانت الذكريات مؤلمة، لكنها ترسل لك ابتسامة رطبة، تبزغ بدموع الحنين المتغلغلة بين نبضات القلب، ستجد بين الصور أناس رحلوا من عالمك دون عودة، ستبحث عن صوت تتمناه، وحضن تفتقده، وأماكن تشتاق لزيارتها، لكن لا تجد شيئا سوى صور صامتة، فقط الفقد يكبر داخلك..!
في ألبوم الصور ستفتقد نفسك العالقة في ملابسك القديمة، وأحلامك التي رسمتها في الهواء، ولابتسامات المتناثرة في زقاق المدينة، قديماً كلّ شيء بسيط؛ ولكنهُ يشرق بالنور، وحديثاً أصبح كلّ شيء إصدارا جديدا، ولكنهُ باهت كثيراً..!