كلمة حقّ للتاريخ، وفي كلّ زمان ومرحلة لا تخلو الأرض من الأشراف بحيث انك تلاحظ وجود لمسات عمل وإتقان في الأداء على أرض الواقع ومتابعته للرعية، تأتي من دعوته للإصلاح جانبًا، ومن الاهتمام بالشباب جانبًا آخر. كان له موقف في خط الدستور، ووضع أساسياته الأولية، ودمج الأقليات مع كلّ فئات الشعب، ونبذ الطائفية والتثقيف للعلم بالقيم والتماسك بين كلّ أطياف الشعب العراقي بالمبادئ بكلمات وكتابات وخطاباتٍ وبُعدٍ عن التفرقة في شتى الخطب والمقالات كخط القلادة على جيد الفتاة.
والحق يجب أن يقال – بإنصاف - بأنه رجل المرحلة في مرحلة مهمة كانت الأمور تسير نحو سقوط طاغية هدام بعد عام (2003م) وتخبط في الآراء وتحتاج الى تدارك الأزمات، ووجود محتل يعطي أوامر من مبتغاه، ويغيّر مسار الأمن والأمان، وبين هذا وذاك كان الرجل يتوسط البساطة والتواضع في مراحل التقدم والبناء.
وللإنصاف في أعماله ودراساته رأي، ويحتاج الى سرد طويل وقصص يطول شرحها، ولكن نختصرها بكلمة (الانجاز) من رجل المرحلة وصاحب الإعمار، يتساءل بعضهم: كيف تعرف المثقف والمتعلم من غيره في المستويات؟ ويكون الجواب ببساطة في مدى استماعه للمقابل واتخاذه القرار الصائب بعد الاستماع، حيث إن الاستماع وحده لا يكفي، بل يتبعه قرار وهو صاحب قرار سديد ينبع من علمه ومعرفته وحنكته في تلمذته عند قائد المرجعية الدينية العليا السيد السيستاني (حفظه الله)، ويحسب ذلك مع ما لديه من الخبرة في فنّ الإصغاء والمداولة.
هذا الرجل الشريف ومن حديثه وتدرج الكلمات في خطاباته ودعوته وحواره للإصلاح، ساهم بإدارته في بناء المستشفيات ودور العبادة والمعامل والمؤسسات الخيرية والمطابع والمصانع والمدارس والاهتمام بعوائل شهداء الحشد الشعبي المقدس، ومنها العميد الذي يعمل تحت لوائه، ومنها الكفيل الذي يكفل توفير كلّ الاحتياجات للرعية، والبعد عن الزلة والهفوات ممن يدعون وليس لهم انجاز.
وله صرح بناء أجمل وأبهى مما كان في زمان الطغاة، بدأ إعماره في مركز كربلاء وتخطى وابتعد في عمله وأدائه عن المركز وبين الحرمين؛ ليشمل بكربلاء أوسع نطاق في الأداء، واستمر في أوسع نطاق لمحافظات العراق الحبيب، ونشر ثقافة الاسلام والمسلمين.
له من الثقة والأمانة عند السيد السيستاني (حفظه الله)، فهو ينحدر من عائلة شريفة ومعرفة بالثقافة والكرم وذات اسم عريق في العلم والدراسات وتنوع الثقافات، كان له دور قبل سقوط نظام الطاغية هدام، تفرّغ للدراسة والعلوم الدينية والسياسية والأعمال الخيرية ومتابعة أحوال الرعية.
عند لقائه تشعر بالحسّ الوطني والطابع الديني والثقافة السياسية، ولم يشارك في قائمة أو حزب، ولم يسعَ لنيل الماديات، وابتعد عن المغريات الدنيوية، وانما كان يعطي لمحة عن الثقافة والنور والبصيرة في كيفية الاختيار للمرشحين في الانتخاب في الوقوف على مسافة خطوة واحدة من الجميع، وفي كل مرة تلتقيه ترى وتتعلم درسا مهمّا في الحياة من صبر وأخلاق واستماع وقرار يصبّ في المصلحة العامة، فقد عُرف بمواقفه في الاعتدال والوسطية، وله دور في بناء العراق الجديد الذي يطمح اليه الانسان السوي الذي يحفظ حقوق الجميع ووحدة وسيادة العراق.
وله ادوار كثيرة في إخماد الفتن بالتواضع والحكمة والزهد العريق؛ لما له من دور وعلم بين العلماء، ووجّه ببناء دور سكن لبعض الشهداء خلال أشهر، وهذا يدلّ على اهتمامه بكل الجوانب.
له دور في إجراء الحوارات والمقابلات بسفراء الاتحاد الاوربي والدول العربية والاجنبية، وأجرى الكثير من النقاشات والمحاورات العلمية والدينية والسياسية التي تصبّ في مصلحة البلد، وله بعد نظر ورؤية للمستقبل وبناء للحاضر ولمن تابعه.
أجرى جولات عديدة ميدانية في بناء المدارس والمستشفيات وانشاء وبناء ردهات للحياة في جائحة كورونا، وأدار الامور بشكل كبير ودراسة جدوى صحية وانسانية مع بعض ذوي الاختصاص، وليس فقط التوجيه بل تابع مراحل التقدم فيها، كأنّي به رجل استثمار وسياسة ودين قويم، ويعدّ أساس التقدم الرقي بالعلم والمعرفة والعبور الى برّ الأمان لكل شرائح المجتمع العراقي، وأعطى مثالا لأهمية الاستماع لأهل الحكمة والعقل .
دعواته كثيرة للاهتمام بالشباب واستثمار طاقاتهم، وإن الزمن يمضي ولا يعود وعلى الانسان أن يبذل جهدا مضاعفا لتعويض ما فاته، فلا بد ان نهيئ انفسنا على عدم التفريط بالوقت، وأخذ الحيطة واليقظة في كل الأمور، وان رجاحة العقل مطلوبة للشباب، وعليهم ألا يستسلموا في سبيل الوصول الى وضوح الرؤية بعيدا عن الضبابية.
وصف المتظاهرين بأجمل وأبهى صور الوصف، ووقف مع دعواتهم للإصلاح وحرية إبداء الرأي والطرح والإسناد الواضح للثورة. كانت هذه النبذة دليلا على الزهد والتواضع وسنين طوال من العلم والثقافة والخلق الرفيع والتواضع.
هذه نبذة عن حياة كفاح لرجل المرحلة والإعمار الأستاذ والعالم الجليل السيد (أحمد الصافي) المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، دام صوته في عراق المجد والبناء بخطوات مدروسة بالخير، ونفتخر به لغد مشرق إن شاء الله .
أعجبني
تعليق
مشاركة