بعض الكتب لا تحتاج إلى قراءة انطباعية كونها هي أساسا قراءات نقدية لذلك تكون مهمة المعاينة أو العرض انتقاء ما ينفع المعنى الشمولي الذي تنتمي إليه مجلة صدى الروضتين ، كتاب محمد اراكون / دراسة النظريات ونقدها وفي كلمة المركز نقف عند حيثيات الفكرة أو المشروع الجريء ، فالفكر يتبلور على أرض الواقع حينما تشهد الساحة ظهور فكر آخر بصفته ثقافة وسلسلة مفاهيم دلالية منافسة ، النظام الدلالي المنبثق من الفكر الغربي قد أسفر عن إيجاد تحديات كبيرة لذاتنا الإسلامية بفضل تفوقه سياسيا واقتصاديا ويتسع نطاق التحدي وتطرح العديد من الحلول لمواجهته ، البعض استسلم لواقع الأمور بعد أن شعر بالخشية من الغرور الغربي ، تبدأ من هنا نواة الفكرة المقترحة في نشأة هذا الكتاب الفكر أما السعي لملائمة ذواتنا مع الفكر الوافد ا و أن نفعّل تراث ذاتنا ،وقد تم تأسيس المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية بهدف استقصاء التحديات المعرفية في الفكر العربي الإسلامي على ضوء الاحتياج الثقافي الغربي ، ، يتضمن الكتاب مباحث تحليلية حول مختلف جوانب مشروع محمد اراكون الفكري ، ، نقرأ المنهجية التأسيسية لمحمد اراكون في مشروع نقد العقل الإسلامي ، للدكتور مهدي رجبي هو باحث في المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية متخصص في فلسفة علم الاجتماع والفكر المعاصر ، ومحمد اراكون هو مفكر جزائري أقام مشروع ( نقد العقل الإسلامي ) على أساس نقد العقلانية الإسلامية يجمع اراكون بين مخالفة الرؤية الاستشراقية الى الإسلام بين مخالفة الرؤية الاستشراقية إلى الإسلام وبين معارضة التيارات الإسلامية ونوع الرؤية التي تحملها هذه التيارات عن الإسلام ، جزائري من أسرة امازيغية فقيرة ، انتقل إلى باريس لمواصلة دراساته العليا وفي عام 1957 م قدم أطروحته في موضوع نزهة الانسنة في الفكر العربي مسكويه الفيلسوف والمؤرخ على مستوى الدكتوراه وحاز الدكتوراه نهاية العقد السادس ومارس التدريس في حقل ال( تاريخ الفكر الإسلامي) توفى عام 2010م ، ابتكر لنا مصطلح
( الاسلاميات الكلاسيكية )
ولتعريف هذا المصطلح أهمية فهو يرى ان جهود المستشرقين بالإسلام جاءت من خلال الكتب الفقهية لكبار الفقهاء التقليدين فهم في الحقيقة غرباء ومتطفلين على الدراسات الإسلامية فأنهم يفضلون نقل النصوص كبار المتقدمين الى لغة اخرى ،
مفهوم العقل الإسلامي
مراد اراكون من النقد في مشروع نقد العقل الإسلامي ليس هم العمل على إسقاط العقل الإسلامي من الاعتبار والدعوة إلى التشكيك وإنما مراده هو الكشف التاريخي عن كيفية تبلور هذا العقل التاريخي وكيفية تبلور هذا العقل التاريخي وكيفية نشاطه وتأثيره في المجتمعات العربية والإسلامية ،
يرى اراكون إن المجتمعات الإسلامية من الناحية الحضارية بشكل عام تسير القهقرى فهي ترجع إلى الوراء بدلا من التقدم نحو الأمام ، في تشخيص دقيق للدكتور مهدي رجبي يرى فيه اراكون لا يدعو إلى تقليد الغرب بشكل اعمي ، لكنه يرى علينا ان نسلك الطريق الذي سلكته أوربا ، من الأمور التي تقبل النقد في أبحاثه وهي كثير ومنها انه ينفي الحقيقة والقداسة لضمان التعايش السلمي لأنه يتصور ان الإيمان بالحقيقة تلازم القول باحتكار الحق وعدم تحمل واستيعاب الآخر، وهو لا يفصل بين السياسة الدينية والدين السياسي ، السياسة ترشد من الدين ويكون الدين معيارا وعلامة هذا الأمر امتزاجها بالأخلاق وتبلور هذه الأخلاق في سلوك وأداء السلطة ويعني أن الناس لا تريد أن ترى الدين في الدائرة النظرية بل يؤيدون رؤيته وتجسيده في دائرة العمل وفي أخلاق وسلوك الحاكمين وأما قضية الدين السياسي فتكون المصالح السياسية هي المحور ، والكثير من الحكومات قد عملت على توظيف الدين سياسيا والحكومة الأموية تمثل النموذج البارز لهذه الحقيقة ، ومن المغالطات التي استخدمها اراكون عدم فصله بين المذاهب والتيارات التي تدعي الإسلام ، يعمم إشكالات المذاهب والتيارات الأخرى ، وهذه من المغالطات الكثيرة عند اراكون ،العقلانية إذا غابت عن مذهب ما فهي موجودة في الفكر الشيعي تمثل حركة حيوية، والعقلانية في التفكير الشيعي اقوى من العقلانية الاعتزالية ومن الخطاء الكبيرة عند اراكون انه يعمم الجمود الفكري للقاعدة على جميع التيارات الإسلامية ، ومن بين الفروق البارزة بين الفقه الشيعي وغيره التي جهلها اراكون أو تجاهلها، موقع ودور العقل في استنباط الأحكام الشرعية ويبدو إن عدم التفات اراكون إلى هذا الاختلاف ناشىء من ضعفه في معرفة أصول الفقه الشيعي ، ومن المؤاخذات على فكر اراكون انه غفل تماما عن نقد الأساليب الغربية وكأنه يراها بريئة من كل عيب ، بينما من العيوب الكبيرة في منهجه هو نقل المفاهيم الغربية إلى البيئة الثقافية العربية دون أن يعالجها لتتوائم مع مقومات الثقافة العربية باعتبار ها مهد آخر لابد من استخلاص المنهجية لصالح الثقافة المستهدفة وإنما هو حافظ على شكلها المتبلور في مهدها الثقافي الرئيسي ليستعملها كما هي عليه في ثقافة مختلفة تمام الاختلاف ، وعمل للاستفادة من المناهج والاتجاهات المختلفة والمتناقضة أحيانا ، ولم يتمكن من صهرها في بنية منهجية واحدة ومنسجمة ، وهو يقوم بإعادة قراءة التراث الإسلامي من منظار الغرب ومعطياته ، يرى ابن عاشور في كتاب بلا تاريخ ان إستراتيجية اراكون هي إستراتيجية أيدلوجية والدكتور فاضل السعدي يرى إن دراسته تصب في خدمة هدافه وغاياته قبل أن تكون مستندة الى دراسة الاراء ، ومعظم نظريات اركون ليس من إبداعاته بل هو مستعار من جاك غودي ومن دريدا فتأتي نظرياته مجرد دعوى من دون دليل ، الرجل يتبع الاتجاهات العلمانية التي ترفض التقديس ومع هذا هو لا ينكر الوحي ولا يشكك في البعد الإلهي لهذه الظاهرة ومع ذلك يمكن اعتبار توجهه علمانيا فهو استبعد البعد الإلهي للوحي ، خفض الوحي القرآني الى المستوى البشري ، بل اعتبره ظاهرة نفسية تتحقق في روح النبي صلى الله عليه واله ، وفي بحثه عن القرآن بدلا من استعمال كلمة ( القرآن ) أستخدم مصطلح ( الظاهرة القرآنية ) كتب الدكتور احمد فاضل السعدي وهو أستاذ الحوزة العلمية والجامعة / مدير قسم الدراسات ، إن اراكون فكك بين القرآن الشفهي والقرآن المكتوب ، لا يعترف إلا بالقرآن الشفهي ويقول ان هذا القرآن هو القرآن الحقيقي ، وأما القرآن المدون المكتوب فلا يبدو حقيقيا ،الألفاظ الشفهية للنبي والذي لم يعد الوصول إليه ممكنا ويرى ابن عاشور ان أنسنة القران وقطع صلته بعالم الغيب هو المسار الذي تنتهجه عامة الاتجاهات الحديثة ، اي انه يرى ان القرآن المكتوب هو غير مقدس ولا هو سماوي ، هو ليس سوى مدونات كتبها الصحابة وهذا الادعاء لا يقوم على أساس علمي وان القرآن الكريم تم تدوينه بشكل كامل في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ، إن اراكون كما يدعي شخص مسلم ورأيه من داخل البيت الإسلامي كان عليه ان يراجع القرآن الكثير من القرآنية تخالف اراءه فهو يخلط بين التدوين وجمع المصاحف ويحيل اراكون مرحلة تدوين القرآن إلى ما بعد رحيل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حديث لا ينسجم مع الكثير من الروايات ومنها حديث الثقلين ( إني تركت فيكم .....) العمل الوحيد الذي قام به اراكون هو ترجمة النظريات الغربية وأراء المتنورين من اليهود والمسيحين بشأن ( الكتاب المقدس ) وإسقاطها على القرآن
أعجبني
تعليق
مشاركة