من المفروض ان الإعلام سلطة رابعة تمارس دور الرقيب الأمين على مصالح المجتمع ونقل الحقائق لهم دون تزيف او تزوير او تحيز او نفاق ومن خلال مانجده على الواقع نجد انه مأجور في كثير من الأحيان ولم يعد إعلاما حرا يخدم المواطن حصرا بقدر مايخدم السلطان ، إنما هو إعلام ممول في الغالب من جهات متنفذة او ثرية معنية بالترويج لنفسها او لسياساتها .
قد يكون هذا الإعلام حرا على الواقع لكن جهات التمويل المباشر تشترط سلفا على العاملين فيها التقيد وفق ماتوصي هذه الجهة المغنية لتنفيذ مخططاتها المشبوهة
وقد أصبح الإعلام يخدم مصادر النفوذ ولو كان على حساب الفقراء والمظلومين وأصبح هذا الإعلام في العقود الأخيرة سيفا على رقاب المواطنين .
ان هبوط الإعلام الي مستوى خداع المواطن وغياب الثقة بالإعلام يعود إلى عدة عوامل منها
اولا : اعتاد الفرد العربي سماع الكذب من الاعلام الي درجة بات يعزف عن الاستماع إلى نشرات الاخبار ومتابعة البرامج الثقافية والحوارية وارغم على سماع اخبار الانتصارات والإنجازات العارية عن الحقائق إذ يسمع شيئا ويرى شيئا على الواقع وبخلاف مايسمعه .
انا إعلامي وخدمت لأكثر من ٣٥ سنة في المؤسسات الاعلامية ومن السخرية تجد القنوات الفضائية عندما تستضيف رئيس تحرير مجلة او مسؤول حكومي للتحدث قي الأحداث على الساحة السياسية وهي تعرف انه سيكذب او انه سيلقن ما يحدث به أمام الكاميرا وحسب ما يؤمر به من قبل أصحاب الشأن مقابل توظيف ضميره لصالح هذه الجهة ويبيع شرف المهنة مقابل المادة وهذا يمثل قمة انهيار العلاقات القائمة على الثقة والمبادىء والقيم.
ان مفهوم التضليل الاعلامي بشكل عام هو الكذب وهذا عكس الحقيقة
وقد يذكر بمضمونه جزء من الحقيقة حتى يخفى معالم التضليل ويبعد الشبهات عن المعلومة الخبرية للوصول لتحقيق الهدف وتزيف الحقيقة.
ان عمليات التضليل في أساليب نقل الخبر وتداوله يصبح جزء من هذا النشاط مع تزايد وتيرة الحراك السياسي والاجتماعي في المنطقة العربية وتنامي الدور للإعلامي في تحديد مسارات الصراع وترجيح الكفة لصالح قوة او جهة معينة على حساب الجهة الأخرى من خلال طريقة نقل وتداول الخبر
في كثير من الأوقات يتفاجأ ويرى المواطن العربي استاذ جامعيا على الفضائيات يدافع عن نظام عربي ويبرر له اعماله بعد كل هذا الفشل الذي لحق بالامة العربية على مدى عقود وهذا يعود إلى تراجع القيم والمبادىء التي يتصف بها بعض الأفراد المحسوبين على العلم والمؤسسه التربوية
ان مفهوم التضليل الاعلامي يهدف الي التعتيم على الأخبار الحقيقية او إخفاء جرائم الحروب وتهميش القضايا المصرية
ان الأحداث الأخيرة التي مر بها العراق من حرب فرضتنا داعش وماتعرض اليه العراق من قتل وتهحير واقصاء واغتصاب النساء من داعش وقف الإعلام العربي موقف المتفرج وأحيانا تذهب بعض الأطراف للدفاع عن داعش واجرامه وارهابه بقصد مذهبي او طائفي ومنها بعض القنوات المغرضة
ان الإعلام العربي أصبح منحاز الي السلطة والمتنفذين من أصحاب الشأن وسخر معظم طاقاته في سبيل وصول المعلومة المزيفة للمتلقي بعيدا عن الحقائق.
وأود ان أوضح كيفية مواجهة الإعلام المضلل والمشبوه عن طريق تنمية الوعي المجتمعي والتثقيف ابتداء من المؤسسة التعليمية لإخراج المجتمع من الوصاية الاعلامية والتخدير الذي يمارسه الإعلام مع الفرد العربي
وكذلك تنشيط دور وسائل الإعلام عن طريق رفدها بعناصر نزيهة وكفوءة لغرض الوقوف على الخلل
وإنتاج برامج تعزز التكاتف الوطني وعدم تصديق كل ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرتعا خصبا الشائعات والأخبار المزيفة والوهمية التي اصخت ذا تأثير كبير على الجمهور
وكذلك الانتباه الي ما يعرض من صور وهمية التي تضخم الحدث وتؤله بصوره مباشره على المتلقي
ويبقى الضمير وما يحمله الإنسان من قيم ومبادئ هي الفيصل في الوصول المعلومة الصادقة والدقيقة وربما ومن خلال الأيام تظهر الحقائق تباعا وتذهب التضليل والكذب ادراج الرياح