إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الواثق بالله رزنة صالح

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الواثق بالله رزنة صالح


    المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
    في أحدى ليالي البردِ القارسِ التي تسقطُ فيها اوراقُ الأرضِ ذعرًا، سقطَ رجلٌ عجوزٌ على زاويةِ الرصيفِ وتمزقتَ ثياب أمله حتى غدا لا يحملُ في جعبتهِ ما يجعلُهُ يواصلُ العيشَ ، حاولَ النهوضَ فاشتكت ملابسهُ عقمَ الدفء وتمزقَتْ هي الآخرى وبقيَ وحيدًا في أحشاءِ الشارعِ وعلى رئتيه البرد.
    حاولَ الاقترابَ من المنازلِ طلبا لبعض الدفء العالق بين ثناياها، يغلبه لينامَ. ولكنهُ لم يجدْ. شعرَ بأنَّ جسدَهُ بدأ بالتهالك ولم يعدْ يشعرُ بأطرافِه حاولَ تهدئة نفسه ولكن البرد يحضر لمن لا ماوى لهُ كسلطانِ الموتِ لا يخفيه شي حينَ يقررُ الحضورَ.. قررَ حينَها الاستسلام لقدره وركنَ جسدَه الثقيلَ في أحدِ ممراتِ المدينةِ وباتَ يفكرُ في أحلامِ طفولتِه الصغيرةِ التي حلمَ بها حين خرج من ظلمةِ بطنِ أمهِ إلى نورِ الحياةِ، تمتم ها أنا أخيرا تأكدتُ بأنّ الظلمةَ التي كانتْ في بطنِ والدتي هي الأمانُ الحقيقي وما بعدها ليس إلا جرم في حقِ أنفسِنا. ،جلسَ يتذكرُ ويتذكرُ كمن يحاولُ أن يشعلَ ذكرياتَهُ ليدفئ نفسَهُ...
    وفي النهايةِ أخذَ يرددُ أحدَ الادعيةِ، ويقولُ يا الله في نهايةِ عمري أعيش صغيرًا احلمُ وكبيراّ أتسول في المباني والأسواقِ ولكني لم اشتك يوماً لأنني ايقنت أنك تعلم من أنا بالرغمِ من صغرِ حجمي إلّا إنكَ خلقتني ولنْ تُضيعني.أن كان هذا اخرَ يومٍ لي في الحياةِ فأسالُكَ النورَ والسكينةَ ويكفي عثورَ أحدَهم على جثتي ويكرمني بدفنٍ يليقُ بي كإنسان ويرحم عمري الذي أفنيته وانا ابحثُ عن بريقِ السعادةِ... انا احبُكَ يا الله لذلك لا أخافُ ابدًا...
    وأغمضَ عينيه إلى الأبد...
    لم تشعرْ المدينة بالخسارة من موتِ أحدِ متسوليها؛ ولكن الذي حدثَ بأنّ شابة في الثلاثينات رأت جثمانَهُ بعد يومين وحملتْهُ إلى المستشفى ومن ثم قامتْ بمراسيمِ الدفنِ كأنها ابنته، تعجبَ الجميع منها ، أدعت بانها طبيبة اتتْ من القريةِ لتعملَ هنا ورأت هذا الرجلُ في هذا المكانُ في منامِها يوصيها بدفنِه كطلبٍ أخير في حياتِه وهرولتْ نحوه مسرعةٍ.
    تلك هي الثقةُ باللهِ، رحلِ وهو واثقٌ أن اللهَ لن يجعلَ جثمانَه يهتري في أحدِى الممراتِ كما اهترأت روحه أمامَ الحشودِ. كان واثقا من الله فبعثَ اللهُ من وضعه في تابوتٍ ويدفنه في قبره مطمئنا يشعرَ بالسكينةِ والرضا ،​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X