المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كأن الصمت دلالة تنجلي في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام... هي برهة حلم انعكست على الكثيرين استفهاماً وحرقة أعصاب، ما الذي ينتظر أمير المؤمنين عليه السلام حتى يبقى ماكثاً على صدر عدوه لا يجهز عليه...! فجاء الجواب من لدنه عليه السلام لكشف ذلك الإبهام: بصق في وجهي فغضبت... هدأت غضبي كي يكون قتلي له غضبة لله تعالى... آه ما أروعها من كلمة... لم يشأ الإمام علي عليه السلام أن تكون لحظة رد فعل لحادثة شخصية بل أرادها موقفاً يدافع به عن دينه ونفسه وماله وعرضه... نحن بحاجة أن نستوعب هذا الدرس ونفهم أن الغضبة للأمة وللدين لا بد أن توقر وأن نقف أمامها وقفة اعتزاز، وإذا امتلك المجتمع دوافع المواجهة ضد عوامل الفتنة والفرقة والقتل والإبادة والاستهانة بوجوده وهويته وانتمائه وسعادته لا بد أن يغضب لها... وإلا لكان الجبن والمذلة والخذلان... ولا بد لقادة الأمة من الاستثمار الصحيح لغريزة الغضب لكي يتوازن ويتناسب مع وسائل الصلاح والكمال من خلال بث روح الإيمان والاعتقاد بنمو الوعي العقلي المثابر، وبهذا ستتم عملية تهذيب الغضب كي لا يكون فوضويا باعثاً للشقاء. يقول الإمام علي (ع):{أعدى عدو للمرء غضبه وشهوته فمن ملكهما علت درجته وبلغ غايته} لنصل إلى نتيجة مفادها أن واقعة الطف استثمرت ملكة الغضب ضد قيم الانحراف... إذ يصف الإمام الحسين(ع) حكم بني أمية: {بأنهم أظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء...} ذلك الوصف الجامع للظلم والعدوان... فهو دعا إلى توحيد الغضب وتوجيه الأمر لله سبحانه وتعالى، فقلبت الموازين... لأنها ترفعت عن الأداء الفردي والغايات الدنيوية، ولأن الغضبة لله تبارك وتعالى فقد كان يفكر الإمام عليه السلام في خلاص الأمة، ويتأسف لهم لكونهم جلبوا غضب الله عز وجل على أنفسهم واستحقوا العذاب بقتل ابن بنت أبيه وليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره... فكان سيد الشهداء عليه السلام ينصحهم غاضباً لهم لآخر رمق فيه.
أعجبني
تعليق
مشاركة