المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قرن من الزمان يفصل بين حدثين مهمين، الأول: حين حملوا بنقالة ابن السبعين وهو مهدم الجسم محطم الروح ومرهق النفس يقف أمام محكمة الكنيسة دون أن ترأف بمرضه وشيخوخته، كل هذا لأن الكنيسة لا تؤمن بأن الأرض تدور، فهي ترى أنه اختراع شيطان يدعى:{التليسكوب الانكساري} الذي أفصح هو الآخر على أن سطح القمر جبلي والمجرة تتألف من عدد هائل من النجوم، واكتشف أقمار المشتري الأربعة الكبيرة ولاحظ أنها تلتف حوله- واكتشف حلقة زحل ووجود الزهرة وكلف الشمس.. ترى الكنيسة أن كل شيء في الأجرام السماوي ترفعه الملائكة، والأرض فيض من الفساد لأنها مأوى الشياطين، وما جاء به جاليليو فاسد فلسفياً ومخالف للكتاب المقدس وأخيراً حكمت عليه المحكمة بالسجن الرسمي للكنيسة- لتتلو عليه:{مزامير الندامة} (حكمة جاليليو): أنني غير مدعو لأن أؤمن بأن الإله الذي منحنا الحواس والعقل والإدراك فكيف لا يسمح لنا أن نستعملها، وأنه يرغب بأن نصل إلى معرفته بأنفسنا عن طريق ما منحنا من قوى- يهمس في إذن صاحبه- أنني اشتم الساعات التي جاهدت فيها رغم إني لست بالنادم على ما أعطيت-
ثم فقد بصره وكان قد طلب دفنه في مقبرة العائلة في فلورنسا .
أما الحدث الثاني المهم أنها في 1737م وبعد مائة عام نقلت جنازة جاليليو باحتفال عظيم إلى المدفن الذي اختاره ودفن مع أصدقائه وشيد صرح ضخم فوق لحده وكتبه المنشورة في ستة عشر مجلدا لم تعد محرمة من قبل الكنيسة- قلت: أن التطور الحاصل بين الموقفين المتناقضين يدلنا على أن تعاليم الكنيسة هي تعاليم دنيوية لا علاقة لها ولا لكتبها المحرفة وتعاليمها بالدين، وإلا فتعاليم الدين تعاليم ثابتة متطورة لكنها غير متناقضة أبداً..