ح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إذا داهمتك رياح الظنون والهواجس، لتعصف بحدائق الروح وغاباتها، فأعلم أنها انفاس الشيطان تقترب منك رويدا رويدا لتثير زوبعة حقد تشعل في قلبك نيران الغضب والرغبة بالانقضاض على الغريم، فإن لم تناله بلسان حالك انقضضت عليه بلسان عقلك لتقاضيه في محكمة انت فيها الخصم والحكم .
ومادام الغريم بعيدا ستبقى تكرر هذه المحاكمة، و تعيد فيها قائمة الادانات والشواهد والادلة والقرائن و...و....
ستكررها متلذذا بمتعة الانتقام ولو افتراضيا، لكن هيهات هيهات، فما تخاله متعة وراحة وتحقيق للمراد انما هو تعذيب للروح وانهاك لقواك النفسية والجسدية.
روحك المنهكة لن تعرف الراحة ولن تذوق طعم السعادة الحقيقية مادامت الاجواء حولها ملوثة بدخان الحرائق التي اشعلها ابليس في غابات النفس واعنته عليها حين اقتفيت خطواته
يقول الحق سبحانه(ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين)
قد يسأل سائل ويقول كيف نعرف انها وساوس الشيطان وليست ظنون حقيقية تكشف لنا العدو من الصديق!
انظر الى قلبك إن كان يستشعر الحقد والكراهية مما يجعلك تعيش في دوامة القلق والتوتر ، فينعكس سلبا على تصرفاتك التي يسودها المزاج العصبي، فاجزم انها وساوس شيطانية، وإلا فلا
(يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)
(وزين لهم الشيطان اعمالهم وصدهم عن السبيل)
صدق الله العلي العظيم فهذا تماما مايحدث، اذا يصور لهم الشيطان انهم سينالون بغيتهم وسيحظون بالراحة اذا ما انتقموا لانفسهم باللوم والعتاب واظهار اخطاء الشخص المقابل، والحال انك ستزرع بذور الكراهية والعداوة وستخسر اخا في الله او قريب او عزيز خاصة اذا كنت مخطأ او مبالغا في ظنونك
والاهم من كل ذلك إنك ستعصي الله فيما أمرك؛
قال تعالى (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثما)
لقد سعى نبي الرحمة الى اغلاق هذا الباب من اساسه وعلى نحو قاطع ليجنبنا الوقوع في هذه المهَلكة المهُلكةلنا ولغيرنا بقوله صلوات ربي عليه واله
"احمل أخاك المؤمن على سبعين محمل خير"
وعن جعفر بن محمد الصادق أنه قال:" إذا بلغك عن أخيك الشىء تُنْكِره فالْتَمِس له عُذْرا واحِدًا إلى سبعين عُذْرًا، فإن أصبته وإلاَّ قُل لَعل له عذرا لا أعرفه "
ان نروي الحديث او نحفظه ليس بالامر الصعب، لكن الصعوبة تتجسد في التطبيق العملي حيث يتوجب عليك محاربة النفس والشيطان،
فتمسك بقول النبي واجعله ملاذا لك من وساوس ابليس اللعين واصبر عليه صبرا جميلا فكلمات رسول الله (صلى الله عليه واله) وان كانت بسيطة في الظاهر الا انها تحمل مداليل عظيمة
يقول نبي الرحمة (صلوات ربي عليه واله)
احمل اخاك وهو تذكير بعمق الصلة واثارة لعاطفة المحبة بين الاخوة.
المؤمن؛ وهوتذكير بحقه عليك من باب وحدة المعتقد.
سبعين محملا؛ وهل يمكن احصاء هكذا عدد من الاعذار فعلا!
واي اعذار؟
محمل خير اي استبدل سوء الظن بحسن الظن
انه نبي الرحمة، رحيم بالمؤمنين، يدعوهم للتراحم فيما بينهم
(وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)
فحديثه (صلوات ربي عليه واله) يعلج الروح كطبيب حاذق يعلم بأمراض النفس وأدوائها، و يخاطب العقل بمدركاته الحسية الداعية الى حفظ النفس من الاذى، واي اذى ابلغ من الاصطلام بنار الحقد في الدنيا ونار جهنم في الاخرة لاتباعنا الشهوات واتخاذ الشياطين اولياء من دون الله.
قال تعالى(ان الشيطان لكم عدو فأتخذوه عدوا)
وقال سبحانه (يا أيها الذين امنوا ان كنتم تحبون الله فأتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم).