رجاء عارف
الحجاب لغة هو الستر والمنع والحجب...لذلك يسمى الحارس والبواب حاجباً؛ لأنه يحمي المكان، أما اصطلاحاً فيعني اللباس الساتر لجميع البدن..أما فلسفة الحجاب فقد كفانا القرآن الكريم مؤونة ذلك، حيث ذكرها لنا بعبارة واضحة في قوله عزّ وعلا:
﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾[1]
وفي آية أخرى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[2]
فالعلة من الحجاب إذن هي: ً﴿أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾، أي يكون القلب نقياً غير ملوّث بالتخيّلات والخواطر الشيطانية المريبة؛ لأن القلب يترجم ما تراه العين ويجسّده، فيتعلق القلب وتعمى العين، عندها تتولى الشهوات القيادة، فتنشأ المفسدة.. من هنا أمر الله تعالى عباده بغض الأبصار عما لا يحل لهم رؤيته، فإذا لم تر العين لا يشتهي القلب، وبالحجاب تكون المرأة مصونة وعفيفة، بعيدة عن تلاعبات الشيطان ووساوسه، قريبة من التقوى.
وفي قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾، فقد جُعل الحجاب حماية للنساء المؤمنات وصيانتهن من الفسّاق وعيون الأشرار؛ لأن رمز المؤمنة وشعارها هو الستر والعفاف فتتميّز عن غيرها، فلا يطمع فيها مَن في قلبه مرض فتكون أبعد عن الأذى، لأن إخفاء مفاتن المرأة وعدم إظهارها لا يكون مدعاة لتلاعب الشيطان في القلوب.
إذن علامة المؤمنة المحتشمة هو ستر مفاتنها بالحجاب، لتكون بحق مؤمنة بحكمة الله تعالى مطيعة لأوامره في لباسها الواقي، فقد قال الخالق العظيم في كتابه الكريم: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ [3]
ومن المفترض أن يكون ظاهر المرأة المؤمنة التقية -المتمثّل بالحجاب- حاكياً عن جوهر طاهر عامر بالإيمان والتقوى والصلاح، وكفى بها فخراً أن خطاب الله تعالى خصّ (المؤمنات) بالحجاب دون غيرها، فقد قال الباري الحكيم: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [4]
فمن لم تلتزم بتلك الأوامر الإلهية تخرج عن دائرة الإيمان، بل قد تكون أقرب للوقوع في المفاسد وقد تكون محلاً للريبة والتهمة.
الخلاصة: الحجاب ستر وطهارة وطاعة وتقوى وعفة وحياء وغيرة..
[1] -(الأحزاب: 53)،
[2] - (الأحزاب: 59).
[3] - (الأعراف: 26).
[4] - (النور: 31).