إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الموضوعاية في نهج البلاغة علي حسين الخباز

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الموضوعاية في نهج البلاغة علي حسين الخباز


    يعتبر علم الموضوع من أقرب الطرق لاكتشاف بعض أوجه تكوين النص المنجز.
    وقد دارت حول مصطلح (موضوع) خلال عقود طويلة نقاشات مصطلحية تكشف دوافع المفهوم الشامل.
    صحيح أن الدوافع تقدم تعريفات جوهرية لفن النص، لكن الكثير من النقاد يرون أن الموضوع عنصر بنيوي (للبنية)، بينما بعض النقاد يقولون أن الدافع هو أصغر جزء من المادة الموضوعية، وهو عنصر وسيط بين الطبيعة والثقافة. هناك موضوعات متعددة كثيرة وردت في نهج البلاغة منها موضوع الحرب؛ ومن خطب الحروب التي خاضها الأمام علي (ع) الجمل وصفين والنهروان، وعن الجمل يقول عليه السلام: (ولَقَدْ شَهِدَنَا فِي عَسْكَرِنَا هَذَا أَقْوَامٌ فِي أَصْلابِ الرِّجَالِ وأَرْحَامِ النِّسَاءِ سَيَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَانُ ويَقْوَى بِهِمُ الإِيمَانُ) ويرعف بهم: أي سيجود بهم الزمان، كما يجود الانف بالرعاف، يأتي بهم على غير انتظار.
    فالموضوع هنا يعرض الاستمرارية الزمنية لفعل القتال الذي سيحظى بشواهد مستقبلية صوّرها الإمام بمن في الاصلاب، ومن في الأرحام.
    فليست المعركة آنية بل هي متشعبة، ولها شواهد على مر العصور والأزمان. يقول الشيخ محمد عبده: تأملت جملا من عباراته في مواضيع مختلفة وموضوعات متفرقات، فكان يُخيل إليّ في كل مقام أن حروبا قد شنت... والمواضيع التي في نهج البلاغة كثيرة، ومنها ما يخص مواضيع السياسة والحياة والوحدة والموت، كقوله عليه السلام: (فَإِنَّكُمْ لَوْ قَدْ عَايَنْتُمْ مَا قَدْ عَايَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ لَجَزِعْتُمْ ووَهِلْتُمْ وسَمِعْتُمْ وأَطَعْتُمْ) والوهل: الخوف.
    وهناك موضوعات اجتماعية وتاريخية وموضوعات من حيث العناصر والأفكار والمشاعر الإنسانية كقوله عليه السلام: (إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أَحَدٍ أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ وإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ). يقول الشريف الرضي: ومن عجائب نهج البلاغة أن موارده في الزهد والمواعظ والتذكير والزواجر لا تكاد تعرف بأن من كتب هذا الكلام هو فارس منغمس في الحرب مصلتا سيفه.
    وهذا يدل على أن الإمام كان يكتب في جميع المواضيع لسعة إدراكه في كافة الشؤون العامة، وبحقائق الكون والحياة. وهذا مما يبين أن الموضوع هو أحد المبادئ المنظمة للنص.
    ويراه بعض النقاد أنه العنصر المؤسس له لأن خلو الموضوع يخلق فجوة نصية أي يكون حشوة النص.
    ثم هناك موضوع آخر من الممكن الارتكاز عليه في معرفة قيمة الموضوع هو تنوع عدة مواضيع داخل عنونة واحدة؛ ومثل هذه التنوعات تدلنا على سعة المواضيع وكثرتها في نهج البلاغة، كقوله عليه السلام في خطبة له عن ابتداء خلق السماء والأرض يذكر فيها صفات الله عز وجل: (الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ ولا نَعْتٌ مَوْجُودٌ ولا وَقْتٌ مَعْدُودٌ ولا أَجَلٌ مَمْدُودٌ) لكون الذات الالهية منزهة عن النعوت واشباهها، ثم يتطرق إلى موضوع ثانٍ هو إنشاء السماء، وكذلك موضوع خلق آدم، وموضوع آخر هو غواية الشيطان لآدم وهبوطه لدار الدنيا كقوله عليه السلام: (وأَهْبَطَهُ إِلَى دَارِ الْبَلِيَّةِ وتَنَاسُلِ الذُّرِّيَّةِ) فنقله من الفطرة السليمة إلى مقر خلط له الخير والشر، واختط له فيه الطريقان، ووكل إلى نظره العقلي، وابتلي في التمييز بين النجدين، واختيار أي الطريقين. وتناسل الذرية امتحان لقوته على التربية واقتدارا على سياسة من يعوله.
    وتطرق تحت نفس العنونة عن موضوع بعث النبي محمد (ص) ليتفرع بعد ذلك إلى عدة مواضيع منها موضوعة الحج، وكشف الواقع التاريخي كقوله عليه السلام: (والنَّاسُ فِي فِتَن انْجَذَمَ فِيهَا حَبْلُ الدِّينِ وتَزَعْزَعَت سَوَارِي الْيَقِينِ) انجذم: انقطع. السواري: جمع سارية، أي العمود او الدعامة.
    وهناك موضوعة أخرى في نفس الأهمية هي إمكانية الدراسة الموضوعاتية على خدمة التاريخ في مواجهة بين موضوعة النص، وموضوعة التاريخ، يوضح بعضها البعض بصورة متبادلة تكشف وجهاً من تاريخ الأفكار، علاوة على وجود واقعين داخل الواقع النصي؛ واقع مرجعي وواقع افتراضي.
    علي حسين الخباز
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X