علي الأسدي
من الطبيعي أن ينتاب الطالب في المرحلة الابتدائية -وخاصة المرحلة الأولى- الخوف من الحياة الجديدة في كل شيء وابتعاده لأول مرّة عن والديه -خاصة لمن لم يلتحق برياض الأطفال- ولم يلتق بجمع كبير من الأطفال، وهناك قوانين يجب أن يلتزم بها، ووقت منظم للحضور والمغادرة، وأوقات للدروس.. كل ذلك يجعله ينفر بداية من هذا العالم الجديد والغريب عليه!لذا فالمسؤولية بالدرجة الأساس -إضافة للوالدين- تقع على المعلّم، الذي بخبرته وتعاطيه في مثل هذه المواقف أن يكسب ثقة الطفل ويُشعره بأن هذا العالم وُجد لراحته وتطويره ليصبح رجلاً صالحاً في المستقبل. الهدوء والتعامل بلطف -خاصة لمن يعانون من مشاكل اجتماعية أو صحية- يُذهب رهبة الطفل ويجعله واثقاً بمعلمه، فتبتنى على أساسه علاقة وطيدة بين الطالب ومعلِّمه يُشعره وكأنه في بيته الثاني، فيتمنى ألا ينتهي وقت الدوام، وأن يعود بسرعة في اليوم التالي، لحبه وشغفه بالمدرسة، وهذا هو حصاد المعلّم الذي يعرف كيف يتعامل مع طلبته.
قد يكون هناك بعض الأطفال كثيري الحركة أو المشاغبين أو المتمردين.. مما يجعل المسؤولية أكبر على المعلّم بأن يحاول أن يكون قريباً من الطالب، ويتعامل معه كصديق، وأن يعرف السبب وراء ذلك، فلربما بسبب الجو العائلي الذي يعيشه أو ظلم المجتمع إياه أو بعض زملائه يضايقونه أو حالة صحية أو نفسية يعاني منها.. فالمعلّم الذكي والحاذق هو الذي يخلق رابطة قوية بينه وبين طلابه مما يجعل الطالب يبوح له بما يشعر به أو يعانيه.
وهناك بعض الأطفال يجدون بعض الصعوبة في التعلّم فيتعثرون في دراستهم، وهنا يأتي دور المعلّم ومدى علاقته بطلابه بأن يشجعهم ويحفّزهم على الجد والاجتهاد والمثابرة في تحصيل النجاح، وأن يبدي اهتماماً أكبر بهذه الفئة، فقد أثبتت الدراسات أنه في المستوى الطبيعي لا يوجد هناك طالب غبي، وقد قرأنا الكثير من القصص التي تثبت هذه الحقيقة، ويكفينا مثالاً قصة (أديسون)، الذي تحوّل من طالب غبي (كما تصوّره مدير مدرسته) إلى أعظم المخترعين.
خلاصة الكلام: يُعد المعلّم هو القدوة والسلطة الأبوية الثانية بعد الوالدين المؤثرة بشكل مباشر على شخصية الطفل، لذا من المهم جداً بناء علاقة طيّبة يسودها الاحترام، فهي اللّبنة الأساس لصنع شخصية ناضجة واثقة، تسعى للنجاح في شتى مجالات الحياة.