إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقالات نشرة الخميس 893 (رائعة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر( رضوان الله عليه)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقالات نشرة الخميس 893 (رائعة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر( رضوان الله عليه)

    الشيخ حسن الجوادي
    من أعظم العهود والمواثيق التي دُونت في تاريخ البشر فيما يخص الحكم وإدارة شؤون الحياة الاجتماعية.. هو العهد الذي أُثر ورُوي عن الإمام علي (عليه السلام) لواليه مالك الأشتر (رضوان الله عليه)لما ولاه مصر.
    ويتجلى بوضوح من هذا العهد أهمية أن يكون الحاكم مهذباً رحيماً محباً للناس قريباً منهم، لا يستعمل سلطته عليهم كالسبع الضاري، ولا يتقوّى عليهم ويسلبهم حقوقهم، ويظهر ذلك بقوله (عليه السلام): (وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَالمَحَبَّةَ لَـهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ[1] لأنّ النّاس يقعون في الأخطاء، وربما يفعلون ما لا يُعجب المسؤول أو القائد، وربما يمارسون أفعالاً تُغضب الرئيس، وهذا هو المتوقع من بعض الناس، فما على المسؤول إلا الصفح والرحمة وعدم الانتقام والبطش؛ لأنّ الغاية التي جاء من أجلها أسمى من الانشغال بالقضايا الهامشية التي تظهر أنانية الحكم لا عدله وإنصافه.
    ولذلك يضع الأمير (عليه السلام) قاعدة ذهبية في تعامل القائد مع الناس بقوله: (يَفْرُطُ مِنْهُمُ الزَّلَلُ، وَتَعْرِضُ لَـهُمُ العِلَلُ، وَيُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي العَمْدِ وَالخَطَأ، فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَصَفْحِكَ مِثْل الَّذِي تُحِبُّ وَتَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللّـهُ)[2].
    ثم يقرر الإمامُ (عليه السلام) حقيقةً يعيشها السلاطين والحكام وممن لديهم نفوذ على الناس، تلك الحالة المقيتة السلبية، وهي الشعور بالزهو والعظمة والقوة: (وَإِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً أَوْ مَخِيلَةً، فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اللّـهِ فَوْقَكَ، وَقُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ، وَيَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ، وَيَفِيءُ إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ)[3].
    ومن هنا، لا بد لكل حاكم أو سلطان أو مسؤول ممن يرى أنّ السلطان والحكم والموقع قد شكّل في نفسه أُبهة أو رفعة.. أن يراقب حاله ويلتجئ إلى ربه، ويتذكر ضعفه وقوة الله تعالى وقدرته عليه، فإذا استجاب الإنسان ووعى هذه الحقيقة؛ فإنه سيكون في مأمن من الانحراف أو الانجرار إلى ظلم الآخرين أو الاستعلاء عليهم بصورة سلبية.
    وربما يغفل الكثير عن هذه الحقيقة، لكن الإمام (عليه السلام) يضع هنا منهجاً رائعاً في الإدارة، حيث إننا نجد كيف يدعو إلى ربط الإنسان بنفسه في كل أحواله؛ كي لا يقع المرءُ في فتنة التحكم بالآخرين والتسلط على رقابهم، فالقاعدة الأسمى: أن يبقى الإنسان على إنسانيته وإخلاصه وورعه.


    [1] - شرح نهج البلاغة للبحراني 5/136.
    [2] - المصدر نفسه .
    [3] - المصدر نفسه.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X