عند النظر في بنيات التشكيل الخطابي المتكونة في بحث السيد العميدي نجد الكثير مما يفرضه الواقع بمعطياته الاجتماعية و التاريخية و النفسية ..بدءاً من مدخله الاول الذي أستعرض فيه خفايا (الموائمة) لمساحات البحث التي تحتاج إلى عوالم قرائيه خاصة من حيث التهيؤ النفسي لاجواءه .
وتلك أشياء يراها السيد العميدي لايمكن احتوائها في محفل مولود الحسن (عليه السلام) الذي اقامه قسم الشؤون الفكرية و الثقافية – قاعة الكفيل – حيث كان معدا لاجواء احتفالية متنوعة قد لا تكون موائمة لتنامي الرؤيا عبر بحث يتوخى الدقة ..فلذلك سعى لتبني شبكية التكوين النصي ..سخر عدة محاور متفرعة تصب كروافد حية في بؤرة المسعى القصدي و التي تسمى نقديا (التبئير النصي) لاحتواء المفاهيم التاريخية و الواقع المعاش في نسيج تقاض-تاريخي-يهيؤ بمغزى اخلاقي يحتضن الواقع الاني ليتدفق بها كل رافد من تلك الروافد المتعددة ضمن موضوعة صفات الامام الحسن عليه السلام .
إلى تشكيلات سردية عن بعض الوقائع و الاحداث المقرونة بتاريخيه يصل بنا إلى مفهوم رؤيوي عن المعنى الاسمى لنمو المجتمع الشيعي ثم ينتقل منه إلى رافد آخر يستخدمه كفاعل أبداعي لما يؤسس الوعي فهو يرجع مثل هذا الفهم إلى خبرة معرفية تراكمت بفضل المجالس الثقافية الدينية و المحاضرات الاكاديمية التي كونت مصطلح الخاص الشيعي مع وجود بعض التخبطات الفهمية (سوء الفهم) عند البعض الآخر فتاه بالمصطلح الشيعي العام الذي يجمع كل من آمن بولاية علي (عليه السلام) كالزيدية و الاسماعلية و الحسينية وغير ذلك من فرق الشيعة ذات الطابع الحقيقي أو الوهمي ومثل هذا الخلط سيفتح المجال لتخرصات مدسوسة تدعي ان شيعة الحسين قتلوا الحسين (عليه السلام) وشيعة الحسن تخلفوا عنه وحاربوه وسيفقدنا في نفس الوقت المعنى الاسمى لانتمائنا (الشيعة الاثنى عشرية-الامامية)وتلك هوية لابد أن نعتبرها ثم يذهب السيد الباحث باتجاه رافد (توضيحي) آخر ليكشف مناحي التاريخ الانساني عبرة ..فالتعود الاستعبادي لبني أسرائيل جعلهم يبحثون عن العبودية فقد أصبحوا لا يستطيعون قيادة أنفسهم ولذلك نجد أن خدعة السامري ارجعتهم إلى عبوديتهم ..وتلك عبرة سخرها السيد الباحث لمعنى أستنتاجي ليفرز بها البعض ممن لايرى إلى الان لنفسه قيمة داخل المجتمع الشيعي ..فنحن الاكثرية ومع هذا نستنكر على انفسنا أن نحكم أنفسنا ..ثم يسعى السيد العميدي لتعميق هذه البؤرة بمعنى أشمل وأعم أذ يرى أن هذا الضعف الفردي هو أساءة اكثر أذى لخط اهل البيت عليهم السلام وهذا تنازل مجاني بمكاسب عظيمة حققته الائمة عليهم السلام وعلماء المرجع الشيعي وإلى الموالين العظماء من انصار الحسن (عليه السلام)الذين نقلوا التشيع إلى جيل الحسين عليه السلام رغم قتلهم وقساوة الظرف السياسي و المعاناة و لا انسانية المواجهة العنيفة ..ثم تراوحت الاجيال لتصل الراية إلى الامام الحجة المهدي عجل الله فرجه وهناك امثلة كثيرة اظهرتها صبر وصمود الشيعة وجهاد مراجعنا العظام في زمن الخوف و الكبت و اللا نظام ..و الا من الطبيعي جدا أن يواجه المجتمع الشيعي بردود فعل عنيفه.
وبعد هذا نجد أن تلك الروافد الموضوعاتية قد زينت البحث بجمالية الحبكة الذهنية وهيأت البنية الاشتغاليه للتقرب من المفترض المطلوب ..
قال الامام علي عليه السلام اعينوني بورع وجهاد ..اذا نحن مدعويين لبذل هذا الورع وهذا الاجتهاد لنحافظ على تسليم الراية إلى الاجيال اللاحقة بامانة هي منوطة في اعناقنا وقد ورثناها من جهود عظيمة عبر كل هذه القرون تضحية وجهاد .