إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأسلوب الادبي والإعلام.. علي حسين الخباز

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأسلوب الادبي والإعلام.. علي حسين الخباز


    ينحصر شغل الاعلام في نقل الخبر؛ لأن المجتمع اليوم لا يكتفي بسماع الخبر او قراءته، بل يحتاج الى فلسفة الخبر، اساس الخبر، التأويلات المستقبلية لهذا الخبر، معدنه، مؤولاته.. لذلك تحول الاعلامي الى أديب.
    هنا سيبرز السؤال: هل التحقيق اعلام أم ادب؟ يرى النقاد أنه مادام في التحقيق رأي، فهو جزء من اللعبة الأدبية، الاعلام لا يسمح لنا بإعطاء الرأي، علينا فقط العناية بصياغة ونقل الخبر.
    وهذا الكلام يقودنا الى سؤال آخر: ما هو الفارق بين العمود والافتتاحية؟ هناك خطأ كبير يستخدم في كثير من الصحف، فليس من حق رئيس التحرير ان يضع اسمه، وليس من حقه أن يدرج له رأياً، العمود الافتتاحي هو رأي هيئة التحرير، سياسة المنشور ملخصة في الافتتاحية.
    هناك من يتحدث عن تجربته الحياتية والاعلامية داخل افتتاحية المنشور..! كانت الافتتاحيات ومازال بعضها الى اليوم مكدسة بالكلمات 500 كلمة او اكثر يقال انها افتتاحية..! شيء مهول ما ان تفتح الجريدة ينفجر امامك كدس الكلمات هذا والمشحون بلغة عادية بحجة شمولية القراءة..!
    اصبحت الكتابة الاعلامية اليوم كتابة تلميحية وليست تصريحية، تميل الى الاشتغالات الأدبية؛ كونها قادرة على منحنا نفس النتيجة التي نرجوها من المنبر الوعظي.
    لو اجيدت لعبة الادب اليوم في الاعلام لحصل على جاذبية قراءة، دور الاعلامي بدأ الآن بترسيخ دور هذا المنبر، امام الاسقاطات الفكرية والسياسية التي تريد ان تنحيه من دوره.
    مهمة الابداع الاعلامي اليوم ان تردف هذه الوعظية بلغة ادبية وجمال تلميحي، ان لا نحبس المفردة بين اضلاع احرفها، وانما نمدها لتعمل خارج اختصاصاتها اللفظية، قال رجل لأمير المؤمنين (عليه السلام): سيدي انا احبك لكني احب معاوية ايضا، فقال له امير المؤمنين:ـ أنت اعور..! كيف نقرأ هذه المفردة من كلام سيد البلغاء؟ هل لها علاقة بعور العين؟
    اذن، لننظر الى ابعد من حدود المفردة اللفظية، نحن نبحث عن هذا الاتزان اللفظي الذي هو ابعد من مساحته اللفظية الايحائية.. احد الأدباء يصف المقال:ـ كاتب المقال عبارة عن سائق ومعه راكب نائم السائق يلح على ايقاظه، يتفنن في احداث اهتزازات بالسيارة تصحي النائم، الكاتب مثل هذا السائق، لا يريد لمتلقيه ان يستكين.. جملة استعارية هنا، انزياح ومباغتة هناك، قرصة شعورية، ومكونات ادب السندويج، أدب ايحائي داخل الجملة، شاعر يصف بيت صديق له (بيت أعزل لا حبل غسيل فيه) أي البيت بلا امرأة.
    امرأة تشكو لمعاوية: (لا جرذان في بيتي) يعني لا أكل في البيت، ليس هناك لحم او سمن..!
    افتتاحية الغصة هي من افتتاحيات صدى الروضتين نقاط ونقاط وجملة توقيع (تلك غصتي) ليشتغل التأويل عن التلقي، المباشرة في عرض المواضيع لا تمس شعور المتلقي، لابد من جواذب محملة؛ كي نشغل ذهنية المتلقي.
    استطاع الغرب ان يغزونا بفكرة اشغال ذهنية شبابنا بلعبات ذهنية تصل احيانا الى فقدان الذات والعيش بالمجتمع، عزلته اكبر منه، المؤولات هو صناعة حراك التلقي، تبني العلاقة الوطيدة بين الكاتب والمتلقي.
    في أحد مواضيع صدى الروضتين بحثنا عن موضوع فيه شيء من الابتكارية او عدم استهلاك موضوع له قيمة الدهشنة، لنكتبه عن ولادة امير المؤمنين وكل المواضيع مطروقة، فاستحضرنا ابن قعنب هذا الشاهد الذي رأى كل شيء يخص حدث شق جدار الكعبة ودخول فاطمة بنت اسد(عليها السلام).
    يتكون التحقيق الصحفي من الاستطلاع، البحث، التحليل.. فما فرق التحقيق عن الخبر؟ الخبر يقول لك ما حصل، لكن التحقيق يقول لك لماذا حصل؟ كان مرتكز الاعلام في العالم هو أدبي وتحرك الادبي في الاعلام، ابدعوا في سمو الآلام ليرتقي بالمتلقي.
    جاءت شركة فرنكفورت.. تزرع تدني مستوى الكتابة، لتزرع ما دونه الكتاب لاحتواء القارئ الكسول، صناعة مرسومة لكي يجبر الكاتب على كتابة المباشرة، هذا درس أنماط الكتابة التي سعت لتقليل قيمة الادب، صنعت التنميط في الكتابة، تنميط استهلاكي.
    الصحافة الادبية، هي خاصة لمتابعة صحافة ادب برز بها اسماء كبيرة مثل ناظم السعود، كانت الاخبار ترد من الصحفيين الى الاذاعات ضمن تشكيلات تنميطية عبارة عن جمل جاهزة ترفع مباشرة دون ان تدونها ورقة.
    نحن نريد ان ننهي مثل هذا اللعب الرخيص وان نتقرب الى عوالم الفكر في صناعة اعلامنا بما فيه الخبري، ونبتعد عن اداء الجمل الجاهزة والتي تشكل بمعناها استهانة بالمتلقي.​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X