شفقنا- يعتبر برنامج “أرتميس” من وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، خطوة كبيرة للأمام في تعميق رحلات البشر إلى الفضاء، وقضاء وقت أطول هناك أكثر من أي وقت مضى.
تخطط بعثات “أرتميس” المستقبلية لنقل البشر إلى القمر ، وفي مرحلة متقدمة إلى المريخ، الذي من المحتمل أن تستغرق الرحلة إليه ثلاث سنوات ذهابًا وإيابًا.
لكن السؤال المهم، بحسب ما نشر ” ذا كونفيرسيشن ” هو: “ماذا سيأكل رواد الفضاء على سطح القمر، أو في الطريق إلى المريخ؟”، إذ لا يوجد الكثير من ألواح البروتين والفيتامينات التي يمكن للمرء تحملها والبقاء على قيد الحياة لسنوات.
النباتات هي أساس الحياة على الأرض، مع قدرتها المذهلة على تحويل الضوء والماء وثاني أكسيد الكربون إلى طعام، وهي الحل المنطقي لدعم البشر في الفضاء.
خلال السنوات الماضية، أكل رواد الفضاء بالفعل الفجل والفلفل الحار والخس المزروعين في محطة الفضاء الدولية، ويمكن أن يدعم الحصول على الخضار المزروعة حديثا الصحة. ولكنْ، هناك عدد من التحديات في زراعة حديقة فضاء مزدهرة.
بيئات الفضاء غنية بثاني أكسيد الكربون، وتفتقر إلى ميكروبات التربة، وقد تغيرت بفقدان الجاذبية، وتتعرض لإشعاع شمسي ضار، وتحتاج إلى استخدام الماء المعاد تدويره وهو عالي الملوحة، ولكي تزدهر النباتات في الفضاء وتوفر مجموعة كاملة من العناصر الغذائية لصحة الإنسان، فإنها تحتاج إلى إعادة تصميم.
بعد أشهر من تناول طعام الفضاء المجفف أو المعلب، تخيل أن تذهب إلى حديقة الفضاء الخاصة بك، واختيار الطماطم الناضجة والفلفل الحار لإضافتها إلى وجبتك، كانت إضافة المنتجات الطازجة طريقة جيدة لتحسين رفاهية رواد الفضاء، وتزويدهم بالفيتامينات والمعادن الأساسية، وإضافة التنوع والنكهة، خاصة أن البيئات منخفضة الجاذبية تؤثر على تذوقنا والروائح التي نشمها.
ووجود مصدر متجدد للأغذية الطازجة يعد أمرا ضروريًا لبعثات الفضاء طويلة الأجل في المستقبل، لتجنب تعرض رواد الفضاء “للإرهاق الغذائي” وسوء التغذية وفقدان الوزن.
وتزرع نباتات الفضاء حاليّا في صناديق مغلقة مزودة بمصابيح LED منخفضة الطاقة، وطين مسامي ”تربة” غني بالمياه والمغذيات والأكسجين الذي يتم توفيره للجذور، إضافة إلى أجهزة استشعار وكاميرات عالية التقنية تراقب صحة النبات.
ومع ذلك، لم تتطور النباتات لتنمو في صندوق وتستخدم الطاقة والموارد استعدادا للتغيرات في الضوء ودرجة الحرارة والمرض، مما يحد من إمكانات النمو الكاملة.
لذلك، هناك فرصة كبيرة لتكييف علم الوراثة النباتية لإنتاج محاصيل غذائية سريعة النمو “للقطف والأكل”، مثل الطماطم والجزر والسبانخ والفراولة المصممة للوصول إلى أقصى إمكاناتها في البيئات المغلقة والمراقبة.
ويجب أن تكون أنظمة نمو النباتات المستقبلية للفضاء مستدامة تماما. وهذا يعني أنه علينا العمل جنبا إلى جنب مع جميع الأنظمة الأخرى في محطة فضائية أو قاعدة قمرية أو مريخية، وإعادة تدوير المياه والمغذيات.
يجب أن تكون جميع أجزاء النبات إما طعاما، أو سمادا، أو تحويلها إلى منتجات مفيدة مثل الوقود والبلاستيك. أضف إلى ذلك أن الفضلات البشرية توفر مصدرً غذائيًا للنباتات، ومع ذلك فهي تحتاج أيضا إلى أن تكون قادرة على التعامل مع المياه المالحة.
ومع ذلك، هناك نبتة واحدة يمكن أن تكون مناسبة بشكل خاص لهذه المهمة؛ طحلب البط أو Duckweed، هذا النبات سريع النمو يمكن أن يكون موجودا في جميع حدائق الفضاء، بفضل قدرته على الازدهار في المياه المعاد تدويرها، إضافة إلى إمكانية تناول النبات بالكامل.
يضاعف طحلب البط وزنه في غضون يومين فقط، ويتم حصاده باستمرار، وهو غني بالبروتينات والمغذيات ومضادات الأكسدة والفيتامينات. لا يوجد سوى عدد قليل من العناصر الأساسية (مثل فيتامين B12 / D) التي يمكن أن تجعلها مصدرًا أساسيّا موثوقا لتغذية الإنسان الكاملة.
يمكن تسخير التطورات التقنية الحديثة في تحرير الجينوم وتنظيم الجينات وطرق تحليل العناصر الغذائية لتكييف طحلب البط والنباتات الأخرى، لتحقيق النمو الأمثل والحد الأدنى من النفايات والتغذية الكاملة.
ويمكن أن تحتوي النباتات الجديدة التي تم تطويرها بهذه الطريقة على بروتينات متوازنة تماما لهضم الإنسان واستخدامها، وزيوت نباتية صحية لزيادة الطاقة، وألياف قابلة للذوبان لتحسين صحة الأمعاء والقلب والأوعية الدموية.
لقد جلب لنا السعي لاستكشاف الفضاء آلاف الابتكارات التي نستخدمها في الحياة اليومية. ويمكننا أن نتوقع أن الاختراعات التي توصلنا إليها لدعم البشر الذين يسافرون في الفضاء، ستوفر فوائد استدامة متعددة وأساسية للأرض، لا سيما لتوريد التغذية والمواد الحيوية عند الطلب.
ويعمل الخبراء في جميع أنحاء العالم معا لتحقيق هذه الأهداف المزدوجة، بما في ذلك علماء الأحياء النباتية والمهندسون وكيميائيو الأغذية وعلماء النفس وخبراء التغذية والخبراء القانونيون.
*عربي
شفقنا