اهلكوني من الضرب ، كلما يتعب واحد يتناوشني الثاني وسيل الشتائم لاينقطع ، العجيب في الامر ان هؤلاء الغرباء يتصرفون تصرف المالك للارض والعرض والدواب والبشر ، لم ار اي منهم طوال حياتي ، خذلتنا البلاد والبيت بيتنا ، صار بمعلوم جميع الاسرى اننا بانتظار الامير وهم يتلذذون بالدموع التي تنهمر فوق خدود الاسارى وهذا التعذيب الوحشي هو اول السلام فما في الجعبة على ما يبدو اكبر ، وحضر اخيرا اميرهم المدعو هارون الرشيد ممتعظا يلعن الجريشي واهل الجريشي ويصيح كلاب جئنا ننقذكم من براثن الصفويين ونعيد لكم اعتباركم واذا بكم تقفون ضد االدولة الاسلامية ، عليكم ان تعرفوا اني لن اسمح بالخيانة ابدا سالني :ـ اسمك ؟ ::ـ وليد وليد خالد
:ـ من اي العمام ؟قلت :ـ عبيدي فقال :ـ انت من اهل السنة طبعا :ـ نعم انا سني عراقي ، يبدو ان هذا الجواب لاينفعه فرحت اضيف له مالا يعجبه انا ابن الجريشي وعمري ما وقفت مثل هذه الوقفة المهانة في بلدي ، فكيف بي ان اقف اليوم ذليلا تحاكمني باسم ديني ومذهبي لاحاكم بتهمة لااعرف مغزاها ، نظرت الى ابي الواقف بين الناس شعرت انه اصيب بدوار وصرت انظر الى دموعه التي تتساقط من عينيه دون ان يقدر على ان يبدي حزنه ، ولو تقدم خطوة واحدة لنالته اضعاف ما نلته من جلد حاول ابي ان يصم اذنيه عن قرقعة السياط وصوت الجلد الذي ينهش اللحم ،
لم انس وقفة ابي المسحوقة امامهم ، والخوف من غد واشياء كثيرة هي اغلى من الحياة نفسها فناس مثل هؤلاء لاتقف امام اعينهم حرمة عرض او كرامة شرف ، افزعني صقيع الخواء في حقيقية العلاقات البشرية والميل الى الذئبية والتحكم في مسار ،احاسيس مرعبة تنتابني كلما ارى ابي صامتا والنساء مرعوبات ، الريح الصحراوية تزمجر وهي تقرع طبولا اسطورية والمطر يتساقط في وحشية فيعتمر السهول ويحضر البريق اشباحا غريبة تتتشكل ، كل شبر في جسدي يؤلمني اثر الضرب وكان التهديد امر حين يمس عفة البيوت ،
انكفأ أبي بعد ان رفض شمالنا الحبيب استقبالنا كلاجئين ، أبتسمت حينها فقد طفرت الى الراس فكرة جميلة من حسن الصدف الانسانية ان هناك اصدقاء يصعدون الى الرأس ساعة المحن ، :ـ من هو ؟ صديقي منذ ايام الجامعة انه سامر سليم الفتلاوي، تنهدت الام بحسرة وهي تحذرني ولدي عليك ان تعرف ان اليوم يختلف عن الامس لقد قتل منهم شباب كثيرون وقدموا ضحايا لاتعد وهذا قد يؤثر على طبيعة التعامل مع عائلة من غير مذهبهم ،اجابها ابي اطمئني هؤلاء اناس يختلفون كثيرا عن الذين جلدوا ابنك باسم الدولة الاسلامية ، اتصلت به هلو سامر :ـ اهلا وليد اين انت ؟ انا قلق عليك ؟ قلت :ـ انا غريب بلا بلاد ، طردونا من بلدتنا ورفضنا الشمال ، ونحن الان في الشارع نبحث عن عراق ، صاح سامر وليد عيوننا لكم بيوتا تعال انا انتظرك في عفك ، استأجر اي سيارة ولاتخشى شيئا ، وحين عانقت سامر يعني عانقت العراق ،اهله وفروا لنا الامن والامان فصاروا هم الوطن والناس وادركت حينهاان الوطن يعني الناس اكثر مما يعني الأرض،بيتنا امتلأ بالبيض البلدي والسمن الحيواني والحليب والفواكه والثمار من جميع بيوت عفك العظيمة الشيء الوحيد الذي اشعرني بالخجل كثيرا وانا اعيش بين اهل عفك هو حماس شبابهم للتطوع ضمن صفوف الحشد الشعبي مما زاد في محنتي ان القاطع المحتشد من اهل عفك سيذهب للقتال في الجريشي فانا اشعر اني اولى بهذه المهمة وخاصة بعدما عرفت ان سامر مع المتطوعين ،وهناك في الجريشي كان سامر لايفارقني والجميع يعتزون بالفتي ولقد قدمنا مجموعة من الانتصارات التي اذهلت الدواعش فانا اعرف المنطقة شبرا شبرا واعرف خبايا المكان ، وفي احدى الهجومات الكبيرة التي شنها للرد على هذه المقاومة الكبيرة كانت عربات الموت تحيطنامن اكثر من محور ،
فجأة شعرت بالهدوء التام لاشيء من الم الجراح ادركت حينها اني حققت الفوز ونلت الشهادة ، واصبحت الان محض شهيد ، نهضت من موتي ابحث عن صديقي سامر واذا بي اجده يبحث عني هو الاخر روحا من غير جسد ، بكيت عندما رأيت اهل عفك عن بكرة ابيهم خرجوا ليحمولننا على اكتافهم صحت حينها سامر ::ـ ما اجمل عفك وما احلى ناسها
أعجبني
تعليق