قراءة انطباعية في نصوص المجموعة الشعرية
(تراتيل في رحاب أمير المؤمنين (ع))
للشاعر العراقي ابراهيم الباوي
قراءة: علي الخباز
عندما تحمل الأنا الشعرية قيم الموقف المبدئي، عبر استحضار التاريخي، وتتجلى بقوام من صدق العاطفة والوضوح، تصبح تلك (الأنا) أنا انتماء وعافية، وأرى أن هذه الأنا التي مثلت الشاعر (ابراهيم الباوي)، وهو أحد شعراء مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي، ومن شعراء مهرجان مسابقة الجود الشعرية العالمية، قد تماثلت مع واقع طبيعي في التخاطب، يبحث عن روح التفاعل المؤثر، فحلم أن يصوغ الشاعر أناه بحضور الرمز المقدس، لتكون هذه الأنا منطلقاً تنويرياً في النص الشعري، وينفتح على عوالم شعرية:
(أنا قد زرعت الحب وسط مفاصلي * من ذا رأى زرعا يقلّ غموما
وسّدتُ من أذكى الفؤاد أضالعي * وأذاقــني بـــدلَ الوفـــاء هموما) ص13
ونرى ان (الأنوية الواعية) تختلف تماماً عن الأنا الشعرية الاعتيادية، بما تملك من نضوج فكري، وحضور متحرك داخل بنية النص، وهي ليست تابعة لأي ظرف زماني أو مكاني، وهذا هو روح الابداع الخلاق، أن تشتغل على أنا محورية، تفعّل عملية التحاور مع المخاطب، بواسطة ضمائر متصلة ومنفصلة ظاهرة ومضمرة، تولد صيغاً تفاعلية: (أصوغ، فكري، اكتسبتُ، أراك) تماثلات للأنا كثيرة، تملأ المساحة النصية للمجموعة، استطاعت خلق تنوعات فضائية اختزلت الأزمنة، ليكون التخاطب بين محور أنوي معاصر، ورمز حيوي مقدس، أي أن هذه الأنا صارت مركز استقطاب لفاعلية التاريخ؛ لكونها مارست الانصهار في بوتقة هذا الحضور المقدس:
(فعليك تُحنى بالولاء أضالعُ * وإليك تهفو في الحياة قلوبُ
سيظل رسمك في المآقي ماثلاً * ويظل اسمك في القلوب وجيبُ) ص16
فـ(أنا) الشاعر الباوي هي أنا مقنعة بـ(الأنت) الرمز المخاطب، وبـ(إرماز) المشار اليه في عملية التخاطب، أي انها تتعالق مع الرموز المقدسة، وهذه هي أمنية الشاعر الولائي في تكوين هوية مؤمنة، فكيف به وهو يضع اسمه مع اسم امير المؤمنين (ع): (أبحثُ، ألقي، أبكي، عصرتُ الجفن)
ويرتكز الشاعر ابراهيم الباوي على الأنا الجمعية التي هي حصيلة أناه الواعية، لتغمر جسد المشهد الشعري. خلاصة تجربة الشاعر الباوي أنه قدم لنا صياغة الوضوح المعنوي، ورسم الملامح التوحيدية، واستجلى ملامح التأريخ (الرموز، الأحداث) وأهمل الخطاب التضادي، متجهاً نحو الولائية، ليتسامى بالقداسة، ويغتنم المؤثر الوجداني؛ كونه شاعر مبدأ يبحث عن مرتقاه الإيماني:
(وأنا الذي والى الهداة ونهجهم * وبغيرهم رغم الأذى لم أقتد
فعليك أقسم سيدي بالمرتضى * وعليك أقسم سيدي بمحمد
أن تعفو يا رب الرحيم خطيئتي * مما أهدد من جحيم سرمدي)