إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المسرحُ الحسيني صوتٌ يتلو فاجعة بحجم الدهور

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المسرحُ الحسيني صوتٌ يتلو فاجعة بحجم الدهور


    الرؤية الأدبية هي إحدى الملكات التي تميز بها العقل البشري على مدى العصور؛ كونها استمدت من واقعه عمادها التكويني، وأخذت بنيتها من رموزه الغضة التي طالما حرص الإنسانُ على جعلها من أولويات المقومات الفنية.. وبما أن المسرح هو أحد العناصر الفنية المهمة، نجد أن الرمز في الأدب المسرحي بات يشكل ركيزة أساسية لايمكن إغفالها، إذ أن عملية التفاعل الحاصلة بين النص المسرحي والمتلقي تأخذ أبعادها الكلية من خلال اثارة الرمز للمشاعر والأحاسيس عند الانسان خالقة حالة من الثورة الداخليه التي سرعان ما ستخلق تأثيراً خارجياً يستمد استمراره من خلال عظم الرمز المراد وصفه. ولايمكن أن تصمد الأعمال المسرحية الكبيرة دون وجود شخصيات مؤثرة وفعالة، تستطيع أن تعبر الحدود الثقافية والحضارية؛ وبما أن النهضة الحسينية شكلت لغة عالمية استطاعت أن تترجم كل معاني الرفعة والسمو بمختلف اللغات العالمية، لذلك حرصت الأمانتان العامتان للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية على اقامة مهرجانها السنوي للمسرح الحسيني العالمي وبنسخته الثانية وتحت شعار (المسرح الحسيني صوت يتلوا فاجعة بحجم الدهور) وللفترة من 24-26 آذار 2011م وعلى قاعة خاتم الأنبياء في العتبة الحسينية المقدسة والذي تضمنت فعالياته اقامة مسابقة عالمية للنص المسرحي الحسيني..
    افتتح المهرجان بتلاوة آيات بيّنات من الذكر الحكيم، تلاها المقرئ السيد بدري ماميثة، تلتها كلمة الأمانتين العامتين للعتبتين الحسينية والعباسية المقدستين ألقاها سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة والتي جاء فيها:-
    السلام على الحسين، السلام على أبناء الحسين، السلام على أصحاب الحسين.. الامام الحسين (ع) لا يخفى على أحد كونه مدرسة، وهذه المدرسة الربانية التي شاء الله سبحانه وتعالى أن يحيي دين النبي (ص) من خلالها، لذلك تجد أن الامام الحسين (ع) انتشر انتشاراً يوكد اعجاز واقعة الطف على مرارة الواقعة وأهميتها، ولكن الانتشار الذي يحتله الامام (ع) في يومنا هذا، يمثل للباحث شيئاً مهماً، والوقوف على ساحل الامام (ع) يزيد الانسان تحيراً، الدخول إلى كنه الامام (ع) يزيده تفكراً.. ولو أن الانسان قضى حياته في البحث عن الامام الحسين(ع) لم يكن ذلك مضيعة للوقت، بل كان خيراً مستغلا له، وهذه الجوانب التي تكتنف شخصية الامام (ع) بعضها يمكن أن يقرأ من خلال أحاديث المعصومين (عليهم السلام) عنه، وترى هذا من خلال الواقع الخارجي الميداني الذي يشعر به الانسان، مادام يعيش في أجواء الامام (ع)، وبعض الأمور لا تُقرأ، انما تمر علينا مرورا، لكننا لا نفسرها بالشكل الذي نطمئن لصحة هذا التفسير.
    واضاف سماحته: (في مثل هذا المهرجان نستشهد بشيء من بعض ما يتعلق بقضية الامام الحسين (ع)، ومن باب التأكيد هناك أكثر من رواية تؤكد ان الإمام الحسين (ع) بعد ان استشهد عبد الله الرضيع (ع) رمى بدمه الطاهر إلى الأعلى ولم تسقط منه قطرة.. وهذه المسألة مؤكدة في الكثير من الروايات.
    طبعا عندما نقرأ هذا النص، لا نقرأه نصاً تأريخياً، ولا نقرأه نصاً يتحدث عن حاجة، وانما نقف عند هذا النص، ونسأل عن هذه الحالة التي برزت، وأوقفت قانوناً من قوانين الطبيعة المسمى بقانون الجاذبية.. ثم أين ذهب الدم؟ وبعد أن نحكم بصحة الرواية نتساءل: لماذا لم يسقط؟، ونقرأ مقطعاً من الزيارة يقول الامام(ع): أشهد أن دماءكم سكنت في أظلة العرش، وعندما نربط بينها والوقائع الخارجية لواقعة الطف، وهذه النصوص نمر عليها ولا نستطيع أن نفسرها بشكل نطمئن له بهذا التفسير، والامام (ع) – تاريخياً - بطل ما شئت أن تقرأ واقعة الطف من خلال بطلها الامام الحسين (ع) قطعا سوف نمر بمجموعة أسئلة بعض منها لها أجوبة، والأخرى ليس لها أجوبة..
    إذن نحن أمام حدث تأريخي مهم، وأمام شخصية عظيمة ونقلة نوعية حدثت في التأريخ الإسلامي؛ والبعض عندما يقرأ الأمور قراءة سطحية قد لا يستوعب ما حدث في واقعة الطف.. والواقع أن الواقعة تثير أسئلة كثيرة.. ثم بعد ذلك بدأت حالات تصوير هذه الواقعة.
    الرويات الشريفة أكدت على الزيارة حتى مع الخوف، وأكدت على المجيء إلى كربلاء وكيفية التعامل مع قضية الحسين (ع) ما بين التأكيد على الشعر وعلى مجالس التعزية, الامام(ع) بنفسه يعقد مجلساً ويستقدم أحد الشعراء، ويقول: اقرأ بطريقتكم.. ويحضر الإمام الحسين (ع) أجواء هذه المصيبة، بحيث أن العائلة تسمع، ثم يعطى أحد الصغار تشبيها بالطفل عبد الله الرضع (ع) وتذكيرا بواقعة الطف، ثم صار الحث على اظهار التباكي على الإمام (ع)، وتبلورت لدينا حالة مهمة في التعامل قضية الإمام (ع) ابتدأها النبي منذ ولادة هذا المولود من خلال تعامله معه.
    ومن جملة المعطيات التي تبرز واقعة الطف هي الأدوات، ومن أبرز الأدوات كانت أداة الشعر مبرزة في هذا الجانب، وقلّ ما يمر شاعر على هذه الواقعة ولا تستنطقه نفس الواقعة، وتتفجر قريحة الشعر.. وتعددت أدوات ابراز واقعة الطف الى أن وصل الحال الى قبيل سنوات انه استثمار الجانب المسرحي، واستفادة النص الخاص بالإمام الحسين (ع)، وعرضه على الطريقة المألوفة، والاستفادة من خشبة المسرح.
    ونحن الى هنا لا ندخل في تفاصيل الجانب المسرحي، ولسنا من ذوي الاختصاص، وهذه المسألة مركونة الى أهلها، ولكن يمكن أن نشير الى اشارات جانبية، ولا نكون متطفلين على أهل الاختصاص بقدر ما هو اثارة همة واثارة فكر.. طبعا الحدث وعمق الحدث يخلق من الكاتب مبدعاً، حدث يهز الكاتب والشاعر، وكلما كان الحدث يحتوي على صور كثيرة كلما تفنن الشاعر في ابراز هذه الصور، ولذلك المباراة الشعرية في قضية الحسين(ع) كانت ولا تزال من العوامل المهمة في إبراز شاعرية الشاعر.. نعم قد كان الجانب الإعلامي بخيلا في ابراز هذا المنعطف عن قضية تاريخية، وكان الشعر الحسيني عاملاً مهماً من عوامل ابراز طاقات الشاعر قديماً وحديثاً من خلال الندوات والمجالس لإظهار هذا الفن الحسيني حتى كتب من كتب، وأصبح عندنا موسوعات خاصة في الادب العربي منعوتة بأسم ادب الطف، أو أدب الإمام (ع).
    اعتقد أن فن المسرح من الفنون التي لم يتعاط معها الجمهور بشكل ايجابي، كما لم يتعاط مع الفنون الاخرى، لكن الان المسألة تختلف، الجانب المسرحي هو عبارة عن جانب صوري، كما ان الرسام يرسم لوحة وأتامل فيها، الجانب المسرحي ايضا رسم لهذه اللوحة من زاوية اخرى فيها من المواد الكثيرة لإبراز قضية الامام (ع).
    النص المسرحي يحتاج الى طاقة وقابلية ومادة، وهذه كلها موجودة، والمشكلة في بعض الاخوان هناك تهيب وتردد ان يخوض في هذا الجانب، ولدينا مشكلة في بعض المجتمعات الشرقية نوجه نقدا في بعض الحالات مع غض النظر عما يترتب على هذا النقد من عملية احباط، أو عملية بناء، ولا ندرس القضية من جوانب متعددة.. عندما نرسل الكلام على اطلاقه بمجرد أن أشخص قضية نقدية أحاول أن أقسو بهذه القضية، وربما الطرف المقابل يتردد أو يتخوف، وقد ورثنا هذه القضية من المنظور والبيئة، وجعلتنا نتكلم أكثر مما نسمع..! أعتقد ان هذه القضية يجب ان نتحرر منها، ويجب أن نستنطق كل ما يصب في مصلحة القضية الحسينية والنص المسرحي.
    الاخوة مطالبون بعرض النصوص المسرحية الرصينة التي لا تكون حكراً على جهة واحدة، وان المسرح أداة ممتازة، لكن غيبة المسرح بسبب أهل المسرح الذي أحب أن أسمعه أو أراه أو أشاهده.. المشكلة في أهل المسرح أن المسرح صنّف وصودر لاعتبارات غير موضعية، وجُعل له جمهور خاص في معزل عن الجمهور الحسيني، وهو معني بالدرجة الاساس على أن يستعيد عافيته، ويدخل في الادوات التي تبرز قضية الامام (ع)، ولذلك انطلقت هذه المبادرة من الاخوة في العتبات حتى نكسر هذا الحاجز أو هذه الغربة ما بين هذا الفن وما بين بقية الادوات التي تبرز واقعة الطف بشكل جيد..
    هذا الجانب بلا شك لا ينجح بدعم العتبات، وانما يحتاج إلى أهل الاختصاص أن يبدعوا لا أن يشتركوا فقط؛ وفي هذه السنة عندنا ثمانية وثلاثون نصاً، (36) من هذه النصوص طرحت نفسها للمسابقة، أعتقد أنه رقم جيد وهذا تفاؤل، مع ذلك لابد أن نطمح الى الأكثر، علينا أن نشجع بعضنا البعض في هذا الجانب، والاخوه عليهم ان لا يتهيبوا من هذه النقطة، بل يحتاجون أن يكونوا في مستوى من الدقة، وهذه مسألة ممكنة، والى طرح المسالة بشكل موضوعي، لا نكتفي بالنص المسرحي وانما من يبرز هذا النص المسرحي الى الافضل. البناء يحتاج الى من يخطط ومن يكتب النص، ويحتاج الى أداة ليست الخشبة فقط وانما دور يبرز هذه المسألة، وهي اشبه بقضية فن الخطابة، وان على الخطيب في بعض الحالات ان يكون ممثلا عندما يصل الى نقطة او حالة لابد ان يكون فيها ممثلاً، وان كان على نحو التكلف؛ لأن وظيفته هي اقناع الاخر، والأساليب الاقناعية كما يعرف الاخوة في البلاغة وغيرها، وان الأساليب البرهانية مبنية على أساليب بحتة، وتحتاج الى اختصاص خاص لون البحث العلمي يختلف عن لون البحث الاقناعي وفي النتيجة قد يكون النص جيدا، لكن المشكلة هذا النص يسقط ازاء من يحاول من يبرزه، وان عنوان المسرح ليس كتابة فقط وانما كتابة نص ومن يحاول ان يسوق هذا النص بالطريقة التي يريدها.
    الانسان عندما يشعر بالمسؤولية يستطيع أن يشعر أن مسألة الابداع قريبة منه، إذا شعر ان هناك مسؤولية ملقاة على عاتقه، والفنون المسرحية في العالم تتنافس على اداء يكون في مستوى هابط جدا، لكن مع زخمة التطبيل والدعاية وامثال ذلك يرتفع الى مستوى وهمي الى ان يكون له حضور حقيقي، فكيف بالاخوة الذين يريدون أن يكتبوا عن الامام الحسين (ع) فلابد ان يتمتعوا بهذا العمق وهذه الدقة.. وأعتقد ان طريق الحسين مفتوحة، وفي بعض المناسبات التقينا بالكثير من الاخوة الذين عندهم اداء مسرحي في عاشوراء وهي طاقات شابة قد لاتكون مهنية بالمعنى المهني، ولكن هذا الجانب يستهويهم، وقد أدوا بشكل متوسط أو جيد. اعتقد ان هناك مجمل امور فاذا اردنا ان دخل في القضية فيجب ان نحقق شيئا اضافيا للقضية الحسينية وبكل امكانياتنا، ولكن هذه المحولات الجادة يجب ان تتواصل.
    هناك نخب اجتماعية قد لا تتعاطف مع بعض ما يبرزه الجانب الحسيني، وأعتقد ان المسرح يغطي مساحة زمنية على مدار السنة، وممكن ان يناغم النخب التي قد يبدو لها ان الحضور في المسرح اكثر ثقافة من الحضور في غير المسرح.. وممكن ان يناغم هذه الطبقات ويعكس هذه الصورة المهمة لواقعة الطف من خلال قوة المشهد والنص واحتواء النص على معان قوية.. ولابد أن نثقف على المسرح الحسيني، ولابد أن يكون في طبيعة الاسلوب المسرحي، والعتبات عادة تفتح أبوابها لكل نشاط يحمل القضية الحسينية نحو الكتابة أو القصيدة او المجلة أو الفضائية والخاص هو اللون المسرحي.. وأتمنى التوفيق ويجعل هذه النيات متمحضة في خدمة القضية الحسينية.
    تلتها كلمة اللجنة التحضيرية لمهرجان المسرح الحسيني العالمي الثاني والتي ألقاها الأديب (رضا الخفاجي):
    دأبت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية منذ أن أنعم الباري على شعبنا العراقي بالخلاص من عصور الظلم والاضطهاد على نشر مبادئ مدرسة أهل البيت النبوي الأطهار متخذة العطاء الحسيني الخالد نموذجاً رسالياً متقدما جديراً ومؤهلاً لقيادة كافة الشعوب المتطلعة للحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، لما يحتويه من قيم النبل والفروسية والشهامة والتضحية، ومن خلال نافذة المسرح الحضارية والمؤهلة لنشر مبادئ الإمام الحسين (ع) كاستحقاق طبيعي شرعي، بعد ما عانى عشاق مذهب آل البيت النبوي الأطهار من ظلم وتهميش وقتل متعمد نتيجة السياسات الغاشمة لطغاة العصور.. وكمساهمة رائدة من قبل العتبتين في رفد المسرح الحسيني فكرياً وفنياً الى اقامة هذا المهرجان، لكي يكون تقليداً سنوياً تساهم فيه أقلام مبدعة خلاقة، حتى تسد النقص في المكتبة الثقافية العربية والاسلامية.
    واليوم تطل كربلاء بإشعاعها الفكري والحضاري من خلال مشاركة هذه النخبة من الأساتذة والباحثين الأكاديميين والمتخصصين بالشأن المسرحي، ومن الكتاب الذين رفدونا بنصوص إبداعية ضمن المبادرة لكتابة النص المسرحي الحسيني.. وتأتي هذه الفعاليات متزامنة مع الذكرى السنوية ليوم المسرح الحسيني العالمي لتؤكد تواصلها مع معركة المسرح الأصيلة ذات النزعة الانسانية والتطلعات المشروعة لإقامة مجتمعات حضارية.
    بعدها جاءت كلمة اللجنة الأكاديمية المكلفة بإدارة الورش الفنية للمهرجان، ألقاها الدكتور (عباس الدده) رئيس قسم اللغة العربية في جامعة بابل.. يبارك فيها بولادة مسرح حسيني جديد منطلقاً في فعالياته من الامانتين العامتين للعتبيتين الحسينية والعباسية المقدستين قائلاً:-
    بملامح فارقة، ومناخ خاص، مسرح أرادت له النوايا الحسنة أن يكون (عالمياً) ثم سعت الى تحقيقها النصوص المشاركة.
    لقد توافرت لهذه المسرح (الحسيني) مقومات تلك (العالمية)، فسمةُ الحدث الحسيني تفارق الهمّ اليومي، وتنأى عن العابر، وتغادر مساحة الهامشي.. لتضرب بجذورها في متن الهم الوجودي العام وتغازلَ الجوهر الانساني..
    ومغزى الحدث الحسيني يتجاوزُ حدود المحلية، ويكسر طوق الآنيةِ، ويسافر في فيافي المكانية.. حتى لتغدو(القضية الحسينية) رمزاً كونياً، ومصدراً للاشعاع الحضاري، ونبعاً ثراً لمنظومة القيم الدائمة الفعالية أو الفاعلية.
    ودائماً، اذا كان وجود الصراع - اي صراع - في الحدث من أهم اشترطات الحدثِ المسرحي الناجح، فأن الواقعة الحسينية قد اختزلت جل الصراعات سواء التي بين الفرد وذاته او بين الفرد والاخر، أو بين الفرد والسلطةِ الحاكمة.. فكل تلك الصراعات، وكل شُعبها تجد لها في (الحدث الحسيني) خير تجسيد.
    إذن هل يمكن الاطمئنان الى مسرحةِ الواقعة الحسينية؟
    وهل يمكن الارتقاء بها - من ثم - الى مصاف(العالمية)؟
    لاشك، الجواب سيكون نعم وبلا أدنى تأمل !
    فما من تنظيرٍ مسرحي عالمي قديماً أوحديثا، إلا وهو واجد في تلك الواقعة موردا، وسندا، ومادة، وموضوعا.. فعندما نقول ان الواقعة الحسينية هي بالمنظور الانساني(استحالة) فهي كذلك لكنها (استحالة محتملة) وليست (احتمالاً جامحا غير ممكن)، وعند ذاك نكون في صميم (المحاكاة) حسب الاشتراط الارسطي الذي القديم..
    وعندما يراد لفعل المأساة – بالمعنى الارسطي – ان توصلَ الى (التطهير) الذي يعقب مشاهدتها فأنهما معا – أي المأساة والتطهير - يجدان خير ممثل في الواقعة الحسينية ومشاهدتها.. وعندما تشترط المأساة سمو الشخصية الرئيسة ورفعتها، ونبل الخاتمة في نهايتها، فأن شخصية الإمام الحسين(ع) قد ضربت في ذلك أرفع مثلٍ في الاشتراطين المذكورين فضلاً عن جلل الحدث.. بل اننا نطمح ان يجد ثراء ذلك الحدث وسمو شخصه ورفعته ونبل خاتمته مايوازيه على مستوى النص وألأداء..
    نريد أن نؤكد مجدداً على هوية المسرح الحسيني الذي أردنا له أن يكون عالمياً، ليس من خلال العودة به الى كنف الدين الذي كان قديما قد نشأ في طقوسه إغريقياً، ولكن إكسابه هوية انسانية شاملة تفيدُ من الخطاب الجمالي والمعرفي العام.. نريد أن يستنطق البنية الثقافية للواقعة، لعري الانساق المضمرة التي تحكمه.. نريد أن نعيد إرسال الواقعة الحسينية بعد ترجمتها جمالياً ومعرفياً، وإعادة تقديمها أو إعادة إنتاجها.. نريد أن نحافظ على قدسية الواقعة الحسينية، ونحن نعرج بها الى أرض الواقع عبر صرح معرفي جديد ليس هو المسرح المعروف بموضوعةٍ
    أو ثيمةٍ حسينية، بل هو مسرح جديدٌ ومغايرٌ اسمه المسرح الحسيني العالمي.
    لتنطلق بعدها فعاليات الورش الفنية التي أدارتها نخبة مختصة من الأساتذة الأكاديميين والمعنيين بأمر المسرح في عراقنا الحبيب.. وقد توصلت لجنة الإخراج، بعد مناقشات مستفيضة، إلى ما يأتي:
    1- في حال رغبة المخرج الحذف والإضافة والتعديل في النص المسرحي عليه العودة إلى المؤلف للاتفاق على ذلك، باستثناء كلام المعصوم فهو غير خاضع للإضافة.
    2- من حق المخرجين انتقاء نصوص مسرحية من خارج النصوص التي انبثقت عن مسابقة النص المسرحي التي أقامتها العتبة العباسية المقدسة.
    3- المخرج حر في أسلوبه ورؤيته الإخراجية.
    4- ابتعاد المخرج عن الإسقاطات الذاتية والنعرات الطائفية.
    5- إقامة مهرجان للنصوص لعروض المسرح الحسيني.
    أما عن مقررات ورشة الاداء فقد كانت ما يأتي:
    1- الدعوة إلى أن يتسم الأداء التمثيلي بلغة تعبيرية عالمية تحقق التواصل.
    2- الإفادة من فلسفات الأداء التمثيلي في الواقعية والرمزية والتعبيرية وسواها، لبلورة اداء تمثيلي حسيني يكون واحداً من أسس نظرية خاصة بالمسرح الحسيني.
    3- استثمار بعض مقومات الأداء التمثيلي في الطقوس الحسينية كالارتجال والعفوية.
    وسعيا منها إلى توصيل المتلقي الى تذوق الفن المسرحي الحسيني الهادف، أي أن يتم الحصول على علم الفن الهادف.. وتواصلاً مع الحدث الاستمراري الحسيني وتطويع مجرياته المتعددة الأوجه لإيصالها محلياً وعالمياً، فقد جاءت مقررات التقنيات المسرحية بما يلي:-
    1- توظيف مفردات البيئة المحلية العراقية من (مواد وأحداث) وانعكاسها في المشهد الحسيني.
    2- توظيف الحدث المحلي والعربي والعالمي المعاصر وانعكاس تجليات المشهد الحسيني تقنيا.
    3- تعزيز الرمزية في استخدام التقنيات، اي توزيع خارطة (سينوغرافية) جديدة.
    4- ادخال العلامات السيميائية وترميز دلالاتها في تقريب الفكر الحسيني للمتلقي.
    5- البحث في ماوراء الحدث التاريخي في قضية الامام الحسين (ع) واستنباط رؤى جديدة تساهم في تطوير التقنيات المسرحية.
    6- تقليل استخدام السرد والتأكيد على التأثيرات البصرية بما في ذلك حركة الممثل والديكور.. الخ.
    7- استخدام طرق الابهار وشد المتلقي في العرض من خلال تجزئة المشاهد واتحادها تقنيا مع الحدث الحسيني.
    مقترحات وتوصيات:
    1- توفير المعالجات التجريبية المسرحية المعاصرة للمخرج قبل بدء عمله.
    2- تشجيع المجاميع والفرق المسرحية الشعبية المؤدية للمسرح الحسيني وحثها على عمل الأفضل مستقبلاً، ونعني بالفرق المسرحية الشعبية شمول الأنشطة المدرسية وتوفير التقنيات لها.
    3- توسيع المسرح الحسيني بجميع تقنياته الحديثة والتقليدية في محافظات البلد، وتبني المسرحيات المثلى منها.
    4- توجيه دعوات الى المختصين بالشؤون الفنية والتقنية المسرحية من الأكاديميين وغيرهم لتطوير الفن المسرحي في اطار المسرح الحسيني في العراق والعالم.
    5- بناء مسارح معاصرة وبكافة التطورات التقنية عالمياً ليتماشى مع القضية الحسينية.
    رفعت بعدها هذه المقررات إلى لجنة النقد التي تكونت من أساتذة مختصين في عمل الورش التي أقيمت على هامش المهرجان من أجل الخروج بورقة نقدية تم تقديمها في الجلسة المسائية، ليكون الختام مسكا في فعاليات اليوم الثالث 26/3/2011 وعلى قاعة خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في العتبة الحسينية المقدسة، ابتدأت بتلاوة آيات من القرآن الكريم عطر بها أسماع الحاضرين السيد جعفر الشامي تلتها الكلمة النقدية للجنة التحكيم الخاصة بالنصوص المشتركة في المسابقة والفائزة وقد أنجزت اللجنة عملها على وفق الآلية الآتية:
    1. تم اعتماد المعايير المتبعة في المسابقات العالمية في تقويم النصوص المسرحية المشاركة قياساً إلى المنجز المسرحي العالمي، بما ينسجم مع صفة العالمية المتصلة بالمهرجان.
    2. تضمنت آلية التقويم حجب أسماء المشاركين عن لجنة التحكيم واستبدالها بأرقام ترمز إلى المشاركات، وقد وضعت الدرجات مقسمة على عناصر المسرح باتفاق لجنة التحكيم مع اللجنة التحضيرية بما يساوي مجموعها مئة درجة.
    3. وضع أعضاء لجنة التقويم لكل نص مشارك درجته بمعزل عن بعضهم، وبعد الانتهاء عقد اجتماع بحضور اللجنة التحضيرية وتم جمع الدرجات وتقسيمها على ثلاثة لكل نص لاستخراج معدل الدرجة النهائية.
    وقد توصلت اللجنة إلى النتائج الآتية:
    1. لعدم وجود نص يوازي درجة الامتياز عالمياً، فقد قررت اللجنة حجب الجائزة عن المرتبة الأولى وتدويرها إلى الدورة الثانية.
    ليتم الاعلان عن أسماء النصوص الفائزة وهي:-
    2. النص الفائز بالمرتبة الثانية هو (القربان والمقصلة – مأساة شعرية) للأديب علي شبيب.
    3. النص الفائز بالمرتبة الثالثة هو (النظر بعين الطائر) للأديب أحمد العبيدي.
    4. النص الفائز بالمرتبة الرابعة هو (ألواح الطف) للأديب عبد الجبار حسن.
    5. النص الفائز بالمرتبة الخامسة هو (جواز سفر) للأديب عقيل أبو غريب.
    6. النص الفائز بالمرتبة السادسة هو(لو ترك القطا لنام) للأديب سعدي عبد الكريم.
    7. النص الفائز بالمرتبة السابعة هو (سفينة النجاة) للأديب عدي المختار.
    8. النص الفائز بالمرتبة الثامنة هو (الزلزال) للأديب عبد الكاظم حسوني.
    9. النص الفائز بالمرتبة التاسعة هو (طوعة) للأديب علي عبد النبي الزيدي.
    10. النص الفائز بالمرتبة العاشرة هو (المزار) للأديب نوفل الفضل.
    ليتم توزيع الجوائز على الاخوة الفائزين والشهادات التقديرية لكل من ساهم وشارك ضمن فعاليات هذا المهرجان من ورش واعلاميين وقنوات فضائية.
    ليخرج المهرجان بعد ذلك بعدة توصيات تهدف للنهوض بواقع المسرح والتي جاء فيها:-
    1- توصي اللجنة المشرفة على المهرجان أن تضاف فقرة العروض المسرحية على الدورة الثالثة، على أن تنظم بقانون بحسب النظام الداخلي للمهرجان.
    2- يُصار إلى تشكيل لجنة علمية، تُعنى بتهيئة مؤتمر بحثي علمي مختص بالمسرح الحسيني بوصفه مفردة من مفردات المهرجان.
    3- يترك أمر تشكيل الورش البحثية بحسب حاجة المهرجان.
    4- تحديد مفهوم النص المسرحي الحسيني وآليات اشتغاله بكونه نصاً يستمد رؤيته من مضمون واقعة الطف ومنظومته القيمية على أن يكون هذا النص متحركاً داخل نص الواقعة وخارجاً عنها إلى ما هو معاصر.
    5ـ ينفتح النص على التجريب مع مراعاة خصوصية المعصوم قولاً وفعلاً.
    6ـ التأسيس لاستراتيجيات النص المسرحي الحسيني على نحو يستوعب المبادئ الإنسانية.
    7ـ الدعوة إلى أن يتسم الأداء التمثيلي بلغة تعبيرية عالمية تحقّق التواصل.
    8ـ الانفتاح على المناهج الحديثة في الأداء التمثيلي وغيرها من عناصر (سينوغرافيا) العرض.
    9ـ استثمار بعض مقومات الأداء التمثيلي في الشعائر الحسينية كالارتجال والعفوية.
    مانشيتات
    يجب أن نستنطقَ كل ما يصبّ في مصلحة القضية الحسينية والنصّ المسرحي
    المسرح معني بالدرجة الأساس على أن يستعيد عافيته، ويدخل في الأدوات التي تبرز قضية الإمام الحسين (ع)، ولذلك انطلقت هذه المبادرة حتى نكسر هذا الحاجز ما بين هذا الفن وما بين بقية الأدوات التي تبرز واقعة الطف بشكل جيد..
    العتبات المقدسة تفتح أبوابها لكل نشاط يحملُ القضية الحسينية نحو الكتابة أو القصيدة أو المجلة أو الفضائية أو المسرح
    مسرح أرادت له النوايا الحسنة أن يكون (عالمياً) ثم سعت الى تحقيقها النصوص المشاركة
    نريد أن نعيدَ إرسال الواقعة الحسينية بعد ترجمتها جمالياً ومعرفياً، وإعادة تقديمها أو إعادة إنتاجها..
    نريد أن نحافظ على قدسية الواقعة الحسينية، ونحن نعرج بها الى أرض الواقع عبر صرح معرفي جديد ليس هو المسرح المعروف بموضوعةٍ أو ثيمةٍ حسينية، بل هو مسرح جديدٌ ومغايرٌ اسمه المسرح الحسيني العالمي
    أعجبني
    تعليق​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X