مَنْ قَتَلَ الخليفه عمر بن الخطاب -2
الفصل الثاني
مَنْ صاحب المصلحه الحقيقيه بقتل الخليفه عمر بن الخطاب
مَنْ صاحب المصلحه الحقيقيه بقتل الخليفه عمر بن الخطاب
قبل ان نحاكم الاحداث لابد لنا من نظره سريعه لواقع المسلمين في تلك المرحله
الحسد جمع بين حاسدي بني هاشم
أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمد صلى الله عليه واله الى قريش لهدايتهم وإنقاذهم من الجاهليه وعباده الاوثان ووأد البنات وإنتهاك الحرمات
قال تعالى
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
﴿ ٩الصف ﴾
وتنبأ اليهود بقرب ظهور النبي الموعود وقد علموا إسمه ومحل مبعثه وهجرته فسموا مواليدهم في تلك السنين( محمد) وهاجروا الى مكه وماحولها لعل النبي يكون منهم والا فانهم سيقتلونه ويتخلصون منه لكي لا يسلبهم ملكهم
قال تعالى :
وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿ ٨٩ ﴾ البقره
وإستنكرت قريش أن تكون النبوه في محمد صلى الله عليه واله
قال تعالى :
(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ﴿ ٣١ ﴾ الزخرف
يقول الطبري في تفسير هذه الايه :
قال هؤلاء المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله: هذا سحر, فإن كان حقا فهلا نـزل على رجل عظيم من إحدى القريتين مكة أو الطائف
وأختلفوا في الرجل الذي وصفوه بأنه عظيم فقال بعضهم: هوالوليد بن المُغيرة المخزومي من أهل مكة, أو حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي من أهل الطائف؟
وأما بنو أميه فقد كانت صدورهم تغلي حسداً وحقداً على بني هاشم عند سماعهم خبر النبوه في محمد من بني هاشم وقد أوردت تفاصيل النزاع والصراع الدموي بينهم وبين بني هاشم في الفصل الاول من كتاب (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه )
جمع الحقد و الحسد الحاسدون الثلاثه اليهود وقريش وبنو أميه في حلف ثلاثي للقضاء على محمد صلى الله عليه واله وعلى وصيه علي بن ابي طالب عليه السلام و على الدين الاسلامي
وتجلى التحالف باقوى صوره في غزوه الاحزاب حيث أحاط بالخندق 10000 مقاتل من قريش واليهود بقياده ابو سفيان
ونصر الله نبيه وإندحرت قوى التحالف وفتحت مكه وأسلم الطلقاء نفاقا لحقن دمائهم وتحول عمل التحالف لهدم الاسلام من داخله
وفي يوم غدير خم
عاد رسول الله (صلى الله عليه واله) من الحج وفي منطقه غدير خم نزلت الايه الكريمه
۞ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67 المائده)
فجمع الرسول (صلى الله عليه واله) المسلمين وخطب خطبته المعروفه وبلَغ أمر الله بتنصيب الامام علي (عليه السلام) إماما ووليا وخليفه من بعده
وقد روى النسائي في سننه عن محمد بن المثنى ، عن يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ، ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، ثم قال :
(كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) ثم قال : ( الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن ) . ثم أخذ بيد علي فقال : ( من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه )
فقلت لزيد : أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه
وقال الحافظ ابن الجوزي : في حديث 356
( أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ أَلَسْتَ وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ). فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَصْبَحْتَ مَوْلايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}
وقال الامام الالباني :
لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد علي بن أبي طالب فقال: (ألست ولي المؤمنين؟) قالوا: بلى يا رسول الله قال
من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب
( بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم)
قاده من قريش نكثوا بيعه الامام علي يوم غدير خم بعد رجوعهم للمدينه
(أصحاب الصحيفه الملعونه )
ولما رجع المسلمون من الحج ودخلوا المدينه إجتمع قسم من قاده قريش ونكثوا بيعه علي وتحالفوا وتعاقدوا على أن لايطيعوا رسول الله (صلى الله عليه واله ) فيما عرض عليهم من ولايه علي بن ابي طالب بعده وكتبوا صحيفه بينهم وكان أول ما فى الصحيفه النكث لولايه على بن ابى طالب عليه السلام و إن الامر الى ابى بكر و عمر و أبى عبيده و سالم مولى حذيفه ومعاذ بن جبل و هذا هو السر في قول عمر قبل وفاته لو كان أبو عبيده حيا لاستخلفته... لو كان سالم حيا لاستخلفته
و شهد بذلك أربعه و ثلاثون رجلا أصحاب العقبه و عشرون رجلا آخر، و إستودعوا الصحيفه أبا عبيده بن الجراح و جعلوه أمينهم عليها
قال حذيفه: حدثتنى أسماء بنت عميس الخثعيمه إمراه أبى بكر: إن القوم إجتمعوا فى منزل أبى بكر فتامروا فى ذلك، و أسماء تسمعهم و تسمع جميع ما يدبرونه فى ذلك حتى إجتمع رأيهم على ذلك، فأمروا سعيد بن العاص الاموى فكتب الصحيفه باتفاق منهم
ثم دفعت الصحيفه الى أبى عبيده بن الجراح ليتوجه بها الى مكه
ثم إنصرفوا و صلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بالناس صلاه الفجر، ثم جلس فى مجلسه يذكر الله تعالى حتى طلعت الشمس فالتفت الى أبى عبيده بن الجراج فقال له
بخ بخ من مثلك و قد أصبحت امين هذه الامه، ثم تلا
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقره: 79.]
لقد أشبه هولاء رجال فى هذه الامه ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) [النساء: 108.]
ثم قال: لقد أصبح فى هذه الامه فى يومى هذا قوم ضاهوهم فى صحيفتهم التى كتبوها علينا فى الجاهليه و علقوها فى الكعبه، و إن الله تعالى يمتعهم ليبتليهم و يبتلى من ياتى بعدهم تفرقه بين الخبيث و الطيب و لولا إنه سبحانه أمرنى بالاعراض عنهم للامر الذى هو بالغه لقدمتهم فضربت اعناقهم
قال حذيفه: فوالله لقد راينا هولاء النفر عند قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم هذه المقاله و قد أخذتهم الرعده فما يملك أحد منهم نفسه شيئا، و لم يخف على أحد ممن حضر مجلس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ذلك اليوم إن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم إياهم عنى بقوله و لهم ضرب تلك الامثال
لا تجتمع النبوه والامامه في بني هاشم
عن إبن عباس، قال: قال عمر بن الخطاب
يا بن عباس، أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ فكرهت أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة، فتبجحوا على قومكم بجحاً بجحاً، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت
فقلت: يا أمير المؤمنين، إن تأذن لي في الكلام، وتمط عني الغضب تكلمت
فقال: تكلم يا بن عباس، فقلت: أمّا قولك يا أمير المؤمنين: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت، فلو أن قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار الله عزّ وجلّ لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود. وأما قولك: إنهم كرهوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة، فإنّ الله عزّ وجلّ وصف قوماً بالكراهية فقال:
" ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم "
فقال عمر: هيهات والله يا بن عباس! قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أفرّك عنها، فتزيل منزلتك مني؛ فقلت: وما هي يا أمير المؤمنين؟ فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه فقال عمر بلغني أنك تقول إنما صرفوها عنا حسدا وظلما فقلت أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم وأما قولك حسدا فإن إبليس حسد آدم فنحن ولده المحسودون فقال عمر هيهات أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا ما يحول وضغنا وغشا ما يزول فقلت مهلا يا أمير المؤمنين لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فإن قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم من قلوب بني هاشم فقال عمر إليك عني يابن عباس فقلت أفعل فلما ذهبت لأقوم استحيا مني فقال يابن عباس مكانك فوالله إني لراع لحقك محب لما سرك فقلت يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم فمن حفظه فحظه أصاب ومن أضاعه فحظه أخطأ ثم قام فمضى(1)
أدرك عمر أن لا أحد يستطيع دفع بني هاشم عن خلافه رسول الله غير بني أميه ولتحقيق هدفه في عدم تولي بني هاشم النبوه والخلافه التجا الى بني اميه وعزز موقعهم
عمر يسلَم السلطه لبني اميه
بعد وفاه يزيد بن أبي سفيان والي الشام من قبل عمر عين عمر أخيه معاويه بن أبي سفيان الطليق إبن الطليق الملعون ابن الملعون في مواقع عده ليصبح الوالي المدلل المطلقه يداه فيما يفعل وذلك لان الحزب الاموي المنافس العنيد لبني هاشم هو الوحيد القادر على إبعاد علي (عليه السلام ) عن الخلافه وقهر بني هاشم وقد تطرقت لذلك بالتفصيل في الفصل الثالث من كتاب (لاتبقوا لاهل هذا البيت باقيه – عمر بن الخطاب يسلًم الخلافه لبني اميه )
: عن المغيرة بن شعبة أنه قال
قال لي عمر بن الخطاب يوما : يا مغيرة هل أبصرت بعينك العوراء منذ أصيبت؟ قلت لا. قال: أما والله ليعورون بنو أمية الاسلام كما أعورت عينك هذه.ثم ليعمينه حتى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء (2)
وروي أن ابن عباس سأل الخليفة عمر عن رأيه بعثمان بن عفان فقال عمر:
(أوه ثلاث مرات، والله لئن كان الأمر إليه ليحملن بني أبي معيْط على رقاب الناس، ووالله لئن فعل لَيَنْهَضُنّ إليه فلَيَقْتُلُنَه، واللّه لئن فعل ليفْعَلَن، والله لئن فعَلَ ليفْعَلن)(3)
ومع ذلك وضع عمر شروط الشوري بحيث تصل الخلافه لعثمان بن عفان الاموي حتما كما أفصح عن ذلك علي بن ابي طالب (عليه السلام )
فليستلم عثمان الخلافه ولتفقأ بنوا أميه عين الاسلام طالما إن عليا لايصل الى الخلافه
إنها العصبيه القبليه والحسد القاتل لبني هاشم الذي دمر حياه المسلمين ودينهم وجرً عليهم الويلات والنكبات وسفك الدماء
وفي محاوره بين عمر وإبن عباس وصف بها عمر كل من المرشحين السته للخلافه الى ان جاء دور علي (عليه السلام ) فقال
(أجرؤهم والله إن وليها أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك – يعني علي عليه السلام – أما إن ولي أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم)(4)
يقسم عمر بان علياً سيعمل بسنه الله ورسوله ومعنى ذلك أن عليا إن وصل للخلافه سيغيّر كل القرارات المخالفه لسنه رسول الله (صلى الله عليه واله) التي بدلها عمر وذلك بالتاكيد سيؤدي الى أن تنفض الناس عنه ويقتلونه وهذا ماحصل فقد إنفض عنه اول من بايعاه وهما طلحه والزبير
يقول إبن مسكويه في «تجارب الأمم» والطبري في تاريخه، كان علي بن أبي طالب يعرف أن الشروط التي وضعها عمر لاختيار الخليفة الجديد تصب في غير مصلحته. يظهر ذلك في نقاشه مع عمه العباس بن عبد المطلب، فقد ورد أن عليا بعدما عرف بأمر الشورى قابل عمه فقال له :
عَدَلَتْ الخلافة عنا. فقال العباس: وما علمك؟
قال: قرن بي عثمان، وقال: كونوا مع الأكثر، فإن رضى رجلان رجلًا، ورجلان رجلًا، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون، فيوليها عبد الرحمن عثمان، أو يوليها عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني
عمر يهيأ معاوية بن أبي سفيان (كسرى العرب ) لترسيخ أسس مملكة بني أمية
كان معاوية بن أبي سفيان ابن عمر المدلل , فكان لاينهره ولايأمره ولاينهاه , وكانت معاملة الخليفة عمر لمعاوية تختلف أختلافا كبيرا عن معاملة باقي ولاته والصحابة
ذُكر معاوية عند عمر بن الخطّاب فقال دعوا فتي قريش وابن سيّدها; إنّه لمن يضحك فى الغضب ، ولا ينال منه إلاّ علي الرضا ، ومن لا يؤخذ من فوق رأسه إلاّ من تحت قدميه (5)
(6) وقال عمر إذ دخل الشام ورأى معاوية : هذا كسرى العرب
وقال عمر بن الخطاب : تذكرون كسرى وقيصر ودهاءهما وعندكم معاوية (7)
لقد هيأ عمر لمعاوية الشام كأقليم مستقل عن دولة الخلافة فكان لايأمره ولاينهاه
وقال الطبري في تأريخه :
( خرج عمر بن الخطّاب إلي الشام ، فرأى معاوية فى موكب يتلقّاه ، وراح إليه فى موكب ، فقال له عمر : يا معاوية ! تروح فى موكب وتغدو فى مثله ، وبلغنى أنّك تصبح فى منزلك وذوو الحاجات ببابك ! قال : يا أمير المؤمنين إنّ العدوّ بها قريب منّا ولهم عيون وجواسيس ، فأردت يا أمير المؤمنين أن يروا للإسلام عزّاً ، فقال له عمر : إنّ هذا لَكيد رجل لبيب أو خدعة رجل أريب) (8)
وفي رواية الذهبي ( فقال معاوية يا أمير المؤمنين مُرنى بما شئت أصِر إليه ، قال : ويحك ! ما ناظرتك فى أمر أعيب عليك فيه إلاّ تركتنى ما أدرى آمرك أم أنهاك) (9)
ويروي الذهبي كذلك: (لمّا قدم عمر الشام ، تلقّاه معاوية فى موكب عظيم وهيئة ، فلمّا دنا منه ، قال : أنت صاحب الموكب العظيم ؟ قال : نعم . قال : مع ما بلغنى عنك من طول وقوف ذوى الحاجات ببابك ؟ قال : نعم . قال : ولِمَ تفعل ذلك ؟ قال : نحن بأرض جواسيس العدوّ بها كثير ، فيجب أن نُظهر من عزَّ السلطان ما يُرهبهم ، فإن نهيتنى انتهيت ، قال : يا معاوية ! ما أسألك عن شىء إلاّ تركتنى فى مثل رواجِب الضَّرِس .لئن كان ما قلت حقّاً , إنّه لرأى أريب ، وإن كان باطلا فإنّه لخدعة أديب . قال : فمُرنى . قال : لا آمرك ولا أنهاك) (10)
تأمل قول عمر لمعاوية : لاآمرك ولا أنهاك! فكأن معاوية صار مستقلاً عن أوامر الخليفة. أستطاع معاوية بدهاءه ومكره من قهر تسلط عمر ونقول إن لعقدة النقص الطبقية دور في ذلك فكان عمر يرى أن معاوية أفضل منه لأنه إبن سيد قريش وكان معاوية حتما يشعر بذلك فاستغل تلك العقدة وفاز بتطويع عمر وتليينه
لقد مهد عمربن الخطاب لبني أمية تميهدا , فقد أعطى ولاية الشام لمعاوية بن أبي سفيان وسن معاوية حينها أقل من عشرين سنة على قول بعض الروايات , وقبل ذلك كان أخو معاوية على الشام وهو يزيد بن أبي سفيان ,وولى عمر كذلك الوليد بن عقبة بن أبي معيط صدقات بني تغلب وقربه, وولى عبد الله بن أبي سرح وهو أخو عثمان من الرضاعة صعيد مصر , وجعل المغيرة بن شعبة الصديق الحميم لمعاوية أميرا على الكوفة . وولى عمرو بن العاص الصديق القريب لمعاوية ولاية فلسطين والاردن وكان والي الطائف في عهد عمر هو عنبسة بن ابي سفيان الاخ الاخر لمعاوية
رأى الخليفه أبو بكر الصديق أن يوصي بالخلافه الى عمر الخطاب قبيل وفاته
: روى الطبري عن الواقدي بسنده قال
(كان أبو بكر خاليا بعثمان بن عفان فقال له: اكتب: ( بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين ، أما بعد) .. ثم أُغمي عليه ، فكتب عثمان : (فإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، ولم آلكم خيرا منه ) ثم أفاق أبو بكر فقال لعثمان : اقرأ عليّ ، فقرأه عليه ، فقال (أراك خِفت أن يختلف الناس إن افتُلِتَت نفسي في غشيتي !)
قال ( نعم) ، فأقرّها أبو بكر وخرج عمر من عنده ومعه مولى أبي بكر : شديد ، ومعه الصحيفة فيها استخلافه عمر ، وبيد عمر جريدة يشير بها إلى الناس ويقول: أيها الناس اسمعوا قول خليفة رسول اللّه))
السؤال هنا لماذا كتب عثمان بان الخليفه بعد أبو بكر هو عمر
هنا احتمالين لاثالث لهما اما ان يكون ذلك عن اتفاق مسبق بين أبو بكر وعمر وعثمان أو أن عثمان كتب ذلك بدون إتفاق وهذا فضل من عثمان على عمر يجب أن يرده عمر لعثمان وبني أميه
تيقن معاويه من إن عمر سيولي عثمان بن عفان الخلافه وهذا يعني ان الخلافه ستصبح لبني أميه لان عثمان شيخ كبير وطوع بنان معاويه واذا مات عثمان قبل عمر فان الخلافه ستفلت من بني اميه لان معاويه وبقيه بني اميه طلقاء ولاتجتمع الامه عليهم ولذلك يجب ان يموت عمر سريعا وتنتقل الخلافه الى بني اميه فان كسرى العرب تعجل الملك وسيحرق المراحل من أجل الوصول الى الملك
وبذلك يكون كسرى العرب المستفيد الاول من قتل عمر
وسنتطرق في الفصل الثالث ان شاء الله الى المستفيد الثاني من قتل الخليفه عمر بن الخطاب وتفاصيل خطه القتل ... ان شاء الله
المصادر
(1) تاريخ الطبري ج 2 ص 578
(2) البصائر والذخائر ج1 ص 195
(3) تاريخ الطبري وابن الأثير في الكامل
(4) شرح نهج البلاغة 12: 51 – 52
( البداية والنهاية لابن كثير المدشقي ج8 ص 124 ) (5)
( الاستيعاب ج3 ترجمة معاوية, لابن عبد البر) (6)
(7) تاريخ الطبري ج3 ص224, أحداث سنة 60
( تاريخ الطبري ج3 ص224 أحداث سنة ستين) (8)
(9) ( سير أعلام النبلاء للذهبي , ترجمة معاوية
( سير أعلام النبلاء للذهبي, ترجمة معاوية) (10)