فلسفة الحج

[كادر المجلة]

الحج: مؤتمر عالمي إسلامي يعقد في كل عام على أفضل بقعة من بقاع الأرض، ألا وهي مكة المكرمة.

وللحج عدة آثار:

1- الآثار النفسية: بناء النفس من الباطن، وذلك بغسلها من الأدران بإطاعة الله في تطبيق أوامره وتقوية

الارتباط به، فلو أتى بها لوجه الله وبصورة صحيحة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وبذلك طهر قلبه من

الذنوب التي تغطي القلب.

2- الآثار الفردية: وذلك بتقويم أخلاق وسلوك الفرد مع نفسه، وذلك بلبس الزي الواحد والعمل الواحد،

والمساواة بين الغني الفقير، والحر والعبد، والرئيس والمرؤوس، فتراهم يطوفون حول البيت ويلبون الله بكلام

واحد ودعاء واحد، وهذا يعطي تربية للفرد، إذ يرفع عنه روح الأنفة والكبرياء والتفاخر التي يتعالى بها على
إخوانه في الدين.

3- الآثار الاجتماعية: قال تعالى في محكم كتابه.. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا

وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)/ (الحجرات:13)، إذن الحج لقاء المسلمين من كل بقاع الأرض للتعارف فيما بينهم، ولتبادل

التجارب وحل المشاكل، واتخاذ هذا الحشد الكبير سوقاً للتبادل التجاري، وبذا تصبح أرض مكة سوقاً عالمياً في

كل عام لعرض البضائع فيما بين المسلمين وتعود منافعه إليهم من أجل تحرير الاقتصاد من التبعية الأجنبية،

وهذا العمل بحد ذاته عبادة وجهاد في سبيل الله، ولا يمكن أن يكون حباً للدنيا أو طمعاً فيها. وعن الإمام الصادق

عليه السلام في حديثه: "فإذا أحل الرجل من إحرامه، و قضى فليشتر و ليبع في الموسم".

وبهذا الاجتماع في هذه البقعة المباركة يتذكر جهاد الرسول صلى الله عليه واله، ومعاناته في إبلاغ الرسالة

السماوية وترسيخها وتوطيدها بين الناس، وإرعاب قلوب أعداء الإسلام بهذا الاجتماع العالمي وعن الإمام

الصادق عليه السلام لما سُئل عن فلسفة الحج والطواف أجاب: "إن الله خلق الخلق... وأمرهم ونهاهم ما يكون

من أمر الطاعة في الدين، ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من المشرق والمغرب ليتعارفوا،

وليتربح كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد، ولينتفع بذلك المكاري والجمال، ولتعرف آثار رسول الله صلى الله عليه واله وتعرف أخباره ويذكر ولا ينسى".

أم محمد الحمداني
مدرسة الخطابة النسوية

تم نشره في المجلة العدد39