الولوج في بنى الوروث الولائي يأخذنا نحو مفهوم الامتثال الاسمى الذي جسده ائمة الهدى عليهم السلام ... ولخلق التواصل المعرفي الذي يوثق الصلة بيننا وبين هذا الموروث المقدس من ادعية ومناجاة وزيارات تحمل سمات الامامة ـ اي القيادة الروحية والفكرية التي لابد ان يقف عند حيثياتها كل جيل لما تملك من تناميات فكرية تكيف لنا المعرفي العام مع التركيبة الدلالية لكل مضمون .. ويسعى الكاتب ( حيدر الجد )في كتابه ( وهج النبراس في شرح زيارة العباس (ع) ) للكشف عن المنظومة الدلالية وتفسير المعنى القصدي وعالج موضوعة السند واحالاته ليصل الى موضوعة مهمة هي كيفية الزيارة مستفيدا من دلالات المكان في كلمة الامام الصادق عليه السلام ( اذا اردت زيارة قبر العباس (ع) وهو على شط الفرات بحذاء الحائر فقف على باب السقيفة ) .. فالفرات هو النهر المندرس العلقمي والحذو جوار الجهة المحاذية .. والقيفة السقف .. ويبدا المنجز بتفسير كلمات بعض المفردات بدالها ومدلوها فسلام الله الذي يبتدا به الامام عليه الزيارة يدل على عظمة وسمو مرتبته والسلام سلامة دين وتعني زيادة الالطاف .. تأخذ الوظائف الدلالية العمل داخل المنجز لمعرفة تقدم الملائكة كمفردة على الانبياء في الزيارة وذلك لالكونهم افضل بل لترتيب الورود وعالج شرح معنى مفردة الشهداء ... قيل تطلق على من قتل في سبيل الله .. وتأتي بمعنى شهدت الملائكة غسله وانتقاله الى الجنة ويرى بعض اهل المعنى بسقوطة على الشاهدة وهي الارض ..
واما الصديقون قوم دون الانبياء .. ويمضي لكشف ملامح المعنى سعيا لفهم توصيلي يرى به معنى الزاكيات الطيبات جمع زاكية وهي النامية الزاكية نفس لم تذنب والمغفور لها هي النفس الزكية والزاكيات يراها بعض المفسرين تعني ارواح المؤمنين ـ وهكذا بدأ المشار المتنامي الى الولوج في عمق كل دلالة .. ثم ولج عوالم كل مفردة مثل ( تغتدي وتروح ) القدوة ما بين صلاة العشاء وطلوع الشمس قبل الرواح ... وتروح من الرواح وهو الوقت المعين من زوالي الشمس الى الليل ... وعند العرب يستعملان بمعنى الاستمرار الوقت المفتوح ..
ودراسة المعنى اوصلنا الى فكرة الدلالة وفي العلاقة بين الكلمة ومعناها الدال عليه في تراكيب الجملة .. ( فالتسليم ) كما قيل للامام الصادق عن رجل كان كلما يذكر اسم واحد من الائمة عليهم السلام يقول انا أسلّم فترحم عليه الامام .. وسألهم أتدرون ما التسليم .. ؟ هو الأخبات وهو فوق مرتبة الرضا .. اما ( التصديق ) نسبة الصدق ( والوفاء ) خلق رفيع و( النصيحة ) تخليص الفعل من الغش .. وبعض المفردات تأخذ منحى يخوض في معطيات القصيدة لجملة ( أني بكم مؤمن وباياكم من المؤمنين ) ويعني الرسوخ والاياب الرجوع والقصد من الاياب الرجعة وهي عند لشيعة الامامية مستندة بموروث اهل البيت عليهم اتلسلام .. سأل المامون للامام الرضا عليه السلام :ـ ما تقول في الرجعة اجاب انها الحق اجا انها الحق ونطق بها القرآن كما نلاحظ تدوين المعنى في بعض الكلمات يعني تنوع المظهر الابداعي .. مثل مفردة الامة فهي تعني الملة والدين لقوله تعالى ( وما كان للناس الاملة واحدة ) وتأتي ايضا بمعنى الزمن ( واذكر بعد امة انا أنبئكم) وبمعنى القدوة في الخير ( ان ابراهيم كان امة ) وقد سعى الاستاذ حيدر الجد باستيعاب ثلاثة محاور مهمة اولها .. متابعة تفسيرية لكل مفردة من مفردات الزيارة ـ ثانيا تسليط الضوء على حياة العباس عليه السلام ... وخاصة في مسألة من عقب من اولاد ... فيرى الشيخ عبد الواحد المظفر .. له ولدان ( محمد ـ القاسم ) قتلا في واقعة الطف ويقول ابن عنبة ان عقب العباس عليه السلام من ابنه عبيد الله ، والشيخ علي النمازي يؤكد ان للعباس ولدين عبيد الله واتلفضل ,,, والمحور الثالث ...
هو السعي لخلق تعابير مليحة تضيف للمنجز جمالية ومنفعة .. مثل اخبار رجالات السند والاعجاتز الموجود في لفظ الجلالة سبحانه تعالى ..
1ـ لو حذف الحرف الاول ( لله ) قوله تعالى ( ولله الاسماء الحسنى )
2ـ لوحذف الحرفين اللالف و اللام بقيت ( له ) لقوله تعالى ( وله مافي السموات والارض )
3ـ حذف الالف واللامين لصبقيت (هًـُ ) لقوله تعالى ( هو الذي لااله الا هو
واستطاع هذا المنجز ان يقدم لنا مفاهيم وتقارب دلالات وشرح بعض المفردات التي اثر في استيعابها البعد الزماني المتمثل في عصر الامام الصادق عليه السلام .. واستطاع ان يسلط الضوء على أدب تراثي مهم ..