إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الممكن والحادث

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الممكن والحادث

    ما هو البرهان العقلي على أن لكلّ ممكن مرجّح ؟ وأنّه لكلّ حادث محدث ـ غير الإستشهاد بفطريّة هذا المبدأ ـ ؟

    الجواب :

    أمّا الممكن ، فهو الشيء الذي يمكن ان يتحقّق ويمكن ان لا يتحقّق، أيّ نسبته الوجود والعدم إليه على حدّ سواء؛ فإذا وجد في عالم الخارج فلا محالة يأتي هذا السؤال العقلي لماذا وجد وتحقّق هذا الشيء ؟ وكيف وجد مع انّ نسبته الوجود والعدم إليه واحدة، وقد كان غير موجود ؟ فكيف خرج عن العدم وصار موجوداً ؟ فإمّا ان يوجد نفسه بنفسه، وهذا غير صحيح، إذ لم يكن في ذاته هذه الخاصيّة، فانّ نسبة الوجود والعدم إليه كانت على حدّ سواء، فلا محالة لا بدّ من سبب وعلّة ومرجّح اقتضى وجوده وخروجه من العدم إلى الوجود.

    وبعبارة أدقّ انّه إذا كانت نسبة الماهية إلى الوجود والعدم على حدّ سواء ، فترجيح كلّ واحد من كفّتي العدم والوجود على الأخرى من دون علّة وبدون مرجّح غير معقول ، واستحالة الترجّح بلا مرجّح من بديهيّات العقل ، وعلّة العدم عبارة عن عدم علّة الوجود.




    وأمّا الحادث، فمعناه انّه لم يكن ، ثمّ كان، في مقابل القديم الذي كان من الأزل، فنفس حدوثه بعد ان لم يكن موجوداً يدلّ على انّ هناك علّة أخرجته من العدم إلى الوجود، وإلّا كان يبقى على عدمه.

    وبعبارة أخرى الحادث الذي كان معدوماً ثمّ صار موجوداً قد حصل فيه التغيير بأن خرج من الحالة السابقة « العدم » إلى الحالة اللاحقة وهي الوجود. فنسأل كيف حصل هذا التغيير ؟ هل حصل عبثاً واعتباطاً أم ان هناك علّة لهذا التغيير ؟ لا سبيل إلى الأوّل ، لأنّ الحصول عبثاً واعتباطاً معناه الصدفة والاتّفاق ، فلو كان الحادث شيء واحد أمكن ان يكون وجوده لأجل الصدفة والاتّفاق ، لكن الصدفة لا تتكرّر ولا يمكن عقلاً ان تتحقّق الصدفة ملائين المرّات بان توجد جميع الحوادث بلا أسباب وعلل من باب الاتّفاق والصدفة ، ولو كان الأمر كذلك لزم أن يتحقّق الحريق بدون أيّ سبب واقعاً من باب الصدفة.





    وفي الحديث أَنَّ اِبْنَ أَبِي اَلْعَوْجَاءِ سَأَلَ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ حَدَثِ اَلْعَالَمِ فَقَالَ: (مَا وَجَدْتُ صَغِيراً وَلاَ كَبِيراً إِلاَّ إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ مِثْلُهُ صَارَ أَكْبَرَ وَفِي ذَلِكَ زَوَالٌ وَاِنْتِقَالٌ عَنِ اَلْحَالَةِ اَلْأُولَى وَ لَوْ كَانَ قَدِيماً مَا زَالَ وَلاَ حَالَ لِأَنَّ اَلَّذِي يَزُولُ وَ يَحُولُ يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ وَيَبْطُلَ فَيَكُونُ بِوُجُودِهِ بَعْدَ عَدَمِهِ دُخُولٌ فِي اَلْحَدَثِ وَفِي كَوْنِهِ فِي اَلْأَزَلِ دُخُولٌ فِي اَلْقِدَمِ وَلَنْ يَجْتَمِعَ صِفَةُ اَلْحُدُوثِ وَاَلْقِدَمِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ قَالَ اِبْنُ أَبِي اَلْعَوْجَاءِ: هَبْكَ عِلْمُكَ فِي جَرْيِ اَلْحَالَتَيْنِ وَاَلزَّمَانَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْتَ اِسْتَدْلَلْتَ عَلَى حُدُوثِهِا فَلَوْ بَقِيَتِ اَلْأَشْيَاءُ عَلَى صِغَرِهَا مِنْ أَيْنَ كَانَ لَكَ أَنْ تَسْتَدِلَّ عَلَى حُدُوثِهِا - فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّا نَتَكَلَّمُ عَلَى هَذَا اَلْعَالَمِ اَلْمَوْضُوعِ فَلَوْ رَفَعْنَاهُ وَوَضَعْنَا عَالَماً آخَرَ كَانَ لاَ شَيْءَ أَدَلَّ عَلَى اَلْحَدَثِ مِنْ رَفْعِنَا إِيَّاهُ وَوَضْعِنَا غَيْرَهُ لَكِنَّ أُجِيبُكَ مِنْ حَيْثُ قَدَّرْتَ أَنْ تُلْزِمَنَا فَنَقُولُ إِنَّ اَلْأَشْيَاءَ لَوْ دَامَتْ عَلَى صِغَرِهَا لَكَانَ فِي اَلْوَهْمِ أَنَّهُ مَتَى ضُمَّ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ كَانَ أَكْبَرَ وَ فِي جَوَازِ اَلتَّغَيُّرِ عَلَيْهِ خُرُوجُهُ مِنَ اَلْقِدَمِ كَمَا أَنَّ فِي تَغَيُّرِهِ دُخُولَهُ فِي اَلْحَدَثِ وَ لَيْسَ لَكَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ يَا عَبْدَ اَلْكَرِيمِ​) ؛
    فانقطع وخزي. [ الكافي، ج 1، ص : 77، باب حدوث العالم ]




    وهذا الحديث إشارة إلى ما يقوله الفلاسفة : العالم متغيّر ، وكلّ متغيّر حادث ، فالعالم حادث.

    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X