علي الأسدي
الخميس 924السنة التاسعة عشرة / رمضان / 1444هـ - 23 / 3 / 2023م
ها هو شهر رمضان المبارك يطلّ علينا بفيوضاته وبركاته التي لا تعدّ ولا تحدّ، فهو الشهر الذي فرض الله تعالى صيامه على عباده، ومن عظيم كرمه تعالى وعد فيه الرحمة والمغفرة، لتسمو النفس نحو المعالي والتقرّب من العالي، فهو غايتها في المقصد والمآل.الخميس 924السنة التاسعة عشرة / رمضان / 1444هـ - 23 / 3 / 2023م
ونحن إذ نخوض في بحار هذا الشهر الفضيل من الرحمات والبركات، نعلم أنه شهر تربية إيمانية وأخلاقية، يفلح مَن أكثر اغترافه من هذه البحار الزاخرة، ولا يصح أن يكون هذا الشهر الكريم كبقية الشهور، فمن تساوى يوماه فهو مغبون، فكيف بمن تساوى شهراه! فضلاً عمّن تناقص عمّا سبق! فالمؤمن في زيادة في الورع والتقوى، في الأخلاق والسلوكيات، فهو يروم الكمال نحو العلا.
هذا الشهر محطّة فعلية للتزكية والتصفية، فهو شهر الارتباط بالقرآن الصامت والناطق، ساعاته وأيامه ونهاره وليله ليس كبقيتها في باقي الشهور، فلله درّه ما أعظمه وأكرمه!
هو بالفعل نقطة تحوّل لمن رام التغيير والتحوّل من سيئة إلى حسنة، من ذنب ومعصية إلى توبة ومغفرة ، من فعل منكر إلى مرضي، من غفلة إلى تنبّه، من خصيصة مذمومة إلى ممدوحة؛ وتبديل الصفات التي تهلك الانسان من غضب وكره وحسد وبغض وغرور وعجب وتكبر وتجبر وظلم وغيبة ونميمة وقطيعة رحم وخصومة وكذب وسوء معاملة وتبرّج محرم وزينة،الى اخرى معاكسة .
إذن هو شهر بداية أو قل (نقطة انطلاق) لمن أراد أن يبتدئ حياة إيمانية تقوائية طاعتية، فيتنكّر لما سبق من هذا الشهر المعطاء من أفعال وسلوكيات لا تليق بالإنسان فضلاً عن المؤمن، فيدخل في لجج بحار هذا الشهر الفضيل فيغتسل غسل التوبة ويتعهد بعدم العودة، فيتطهّر من موبقات تلك الأيام وما فيها من الأعمال والأفعال والنزعات والجذبات غير المرضية عند خير البرية وخالق الدنيا الدنية.
وفي الوقت ذاته هو شهر تحصيل النتائج مما عمله المؤمن الغيور على دينه ومذهبه في السابق ليتبعه اللاحق بأحسن منه، فيرتقي سلّم المجد العلا نحو الكمال، فيختمه بأحسن حال، لمن يرجو الآخرة بزراعة الأولى؛ من تواضع وحلم وصبر وصدق وحسن معاملة وحسن خلق وحجاب وعفاف وغض بصر... فيكون هذا الشهر الجميل محطة روحية يجد المؤمن نفسه قد عانقت أشعة النور المتشعشة من نوافذه المطلة على قلبه فيكون بحق عرش البهاء والنور من غير زيغ ولا غرور!
هو شهر للمستجير بداية التحضير لذلك اليوم الخطير، فتبيّض فيه الوجوه فتكون ناضرة إلى ربها ناظرة!