تمت مشاركة ذكرى بواسطة علي حسين الخباز.
1 ي ·
تمت المشاركة مع العامة
منذ ٥ سنوات
شاهد ذكرياتك
نشط علي حسين الخباز
...
أوووه... أنه قد هرم مثلي تماما... بعدما كان يينع بالحياة. كنت أحلم أن أراه صفا يعلم أبناءَنا أبجدية الحياة. منذ دخلته أحمل معي هزهزة المهد، وترنيمة أمي. وحملت معي كل أزقة المخيم وباب الطاق. أزقة ضيقة تتسع في دواخلي لتصير شوارع من أمل وحياة. ووجه أول معلم درّسني: (دار.. داران.. دور) أتذكره الآن انه أستاذ مرزا.. كنتُ لا افهم كيف يتبخر ماء الأنهار.. يصعد إلى فوق يلتقي البخار بطبقات باردة ثم ينزل مطرا.. مطرا.. يغسل وجه الأرض مطر.. مطر.. وهكذا كبرتُ لأعانق وجه أحبتي تحت المطر. كبرتُ وإذا بعريف يقضم العمر ليعلمني كيف أضع الفرضة على الشعيرة، وانظر بروحي تحت أسفل الساعة ستة.. ألا لعنة الله على الساعة ستة وما أسفلها. يقول أستاذ مرزا: إن البذرة لا تكبر بالمطر وحده بل هي بحاجة إلى ارض كي تنمو والى شمس والى هواء.. الأحلام لا تموت إذ كنا جمهرة نريد أن نعبر الفجر لا ادري أين هم الآن ؟ حين فتحنا خارطة الوطن أمامنا.. أحدنا اختار الشمال والآخر اختار الجنوب وصديقي كاظم عبد الله آه كاظم عبد الله هرب من نهر جاسم، ذهب ليسأل شرطي الأمن.. قل لي يا أخ بلا زحمة أي الجهات برأيك أكثر أمنا للهروب.. وأنا لم اهرب إلا لعينيها لأن لا مأوى لي سوى كربلاء.. أحبها إلى الحد الذي يجعلني أعيش جحيم السجن بلذة أهل النعيم.. هناك أشياء عزيزة جدا في الحياة لدرجة إنها تستحق التضحية بكل شيء حتى بالحياة نفسها. نحن لم نقتل ولم نسرق ولم نهتك عرض احد.. ولم نخن وطنا، والقضية وما فيها انهم يرون في أعيننا ما لا يملكون.. في زمن كنت لا تقدر أن تهمس في أذن أخيك.. إذ كان للحيطان آذان كان لجدران السجون قلوب ساعة الجراح كنا نرى دموعها تسيل.. بنا أصبحت تلك السجون جوامع قلوبنا مآذنها..
كم سلما هو الفارق بين ملك يمنح جزيرة تكلف الدولة طنا من الذهب لبناء مرصد فلكي قبل خمسة قرون وبين حاكم لا يجيد إلا بناء السجون...؟! فإذا مات سجين كنا ننظر إلى تلك النوارس العالية هناك فوق فنرى نورسا يرتقي الفضاء.. صهيل جراح تنادم الصمت.. منذ نعومة الحرف الأول وقد تنبأ الكثيرون لي قتلة بكر لم تلد بعد.. رأس يطاف عبرة للناس ويمنح حامله جائزة وعرس رأيت نداوة الشهادة على جسد أخ.. أوصيك.. أوصيك يا أخي.. فمثلك لا يباع ومثلك لا يخاف.. ومثلك لا يعطي يد الذلة لأحد لذلك صرت لا أسمح لأحد أن يقايضني الصحو.. يبدو إن المخاضات عسيرة في زمن الموت، وإلا هل يعقل أن اسلم اليد لمن أحذر الأقربين منه.. الذئاب لا تحتاج إلى عذر كي تلتهم فريستها، هي قبائل مكر صفوها بأيد مرتجفة والتواريخ شهود.
1 ي ·
تمت المشاركة مع العامة
منذ ٥ سنوات
شاهد ذكرياتك
نشط علي حسين الخباز
...
أوووه... أنه قد هرم مثلي تماما... بعدما كان يينع بالحياة. كنت أحلم أن أراه صفا يعلم أبناءَنا أبجدية الحياة. منذ دخلته أحمل معي هزهزة المهد، وترنيمة أمي. وحملت معي كل أزقة المخيم وباب الطاق. أزقة ضيقة تتسع في دواخلي لتصير شوارع من أمل وحياة. ووجه أول معلم درّسني: (دار.. داران.. دور) أتذكره الآن انه أستاذ مرزا.. كنتُ لا افهم كيف يتبخر ماء الأنهار.. يصعد إلى فوق يلتقي البخار بطبقات باردة ثم ينزل مطرا.. مطرا.. يغسل وجه الأرض مطر.. مطر.. وهكذا كبرتُ لأعانق وجه أحبتي تحت المطر. كبرتُ وإذا بعريف يقضم العمر ليعلمني كيف أضع الفرضة على الشعيرة، وانظر بروحي تحت أسفل الساعة ستة.. ألا لعنة الله على الساعة ستة وما أسفلها. يقول أستاذ مرزا: إن البذرة لا تكبر بالمطر وحده بل هي بحاجة إلى ارض كي تنمو والى شمس والى هواء.. الأحلام لا تموت إذ كنا جمهرة نريد أن نعبر الفجر لا ادري أين هم الآن ؟ حين فتحنا خارطة الوطن أمامنا.. أحدنا اختار الشمال والآخر اختار الجنوب وصديقي كاظم عبد الله آه كاظم عبد الله هرب من نهر جاسم، ذهب ليسأل شرطي الأمن.. قل لي يا أخ بلا زحمة أي الجهات برأيك أكثر أمنا للهروب.. وأنا لم اهرب إلا لعينيها لأن لا مأوى لي سوى كربلاء.. أحبها إلى الحد الذي يجعلني أعيش جحيم السجن بلذة أهل النعيم.. هناك أشياء عزيزة جدا في الحياة لدرجة إنها تستحق التضحية بكل شيء حتى بالحياة نفسها. نحن لم نقتل ولم نسرق ولم نهتك عرض احد.. ولم نخن وطنا، والقضية وما فيها انهم يرون في أعيننا ما لا يملكون.. في زمن كنت لا تقدر أن تهمس في أذن أخيك.. إذ كان للحيطان آذان كان لجدران السجون قلوب ساعة الجراح كنا نرى دموعها تسيل.. بنا أصبحت تلك السجون جوامع قلوبنا مآذنها..
كم سلما هو الفارق بين ملك يمنح جزيرة تكلف الدولة طنا من الذهب لبناء مرصد فلكي قبل خمسة قرون وبين حاكم لا يجيد إلا بناء السجون...؟! فإذا مات سجين كنا ننظر إلى تلك النوارس العالية هناك فوق فنرى نورسا يرتقي الفضاء.. صهيل جراح تنادم الصمت.. منذ نعومة الحرف الأول وقد تنبأ الكثيرون لي قتلة بكر لم تلد بعد.. رأس يطاف عبرة للناس ويمنح حامله جائزة وعرس رأيت نداوة الشهادة على جسد أخ.. أوصيك.. أوصيك يا أخي.. فمثلك لا يباع ومثلك لا يخاف.. ومثلك لا يعطي يد الذلة لأحد لذلك صرت لا أسمح لأحد أن يقايضني الصحو.. يبدو إن المخاضات عسيرة في زمن الموت، وإلا هل يعقل أن اسلم اليد لمن أحذر الأقربين منه.. الذئاب لا تحتاج إلى عذر كي تلتهم فريستها، هي قبائل مكر صفوها بأيد مرتجفة والتواريخ شهود.