بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد |
وقد وصف أبو العلاء المعرّي الشريفين في قصيدة يرثي بها والدهما بقوله :
أبقيتَ فينا كوكبين سناهُما | في الصبح والظلماء ليس بخافِ |
ساوى الرضيُّ المرتضى وتَقاسَما | خُطط العُلى بتناصفٍ وتصافِ (٢) |
هكذا بدأ العلمان حياتهما الفكريّة والعلميّة ، ونشئا وترعرعا في مدرسة اُستاذ واحد ، غير ان كل واحد انطلق حسب ذوقه ومواهبه الطبيعية، وفي مجاله الخاص، فركّز الرضي اهتمامه على العلوم الادبية والشعر والحديث والتفسير، وهو يتولّى نقابة الطالبيّين، الى غير ذلك من مهامّ الامور.
بينما صبّ المرتضى جهوده على الفقه والكلام ثم التفسير، ونبغ كل واحد منها في مجال خاص، مع اشتراكهما في سائر المجالات العلميّة والفكريّة.
ولأجل ذلك نجد ان الرضي يراجع أخاه المرتضى في المسائل الفقهية ويطلب منه حلها.
قال الشهيد الاول في (الذكرى) ، والشهيد الثاني في (الروض) في مسألة الجاهل بالقصر في السفر ـ حيث ان الإمامية تذهب إلى صحّة صلاة الجاهل بالحكم إذا أتمّ مكان القصر ـ سأل الرضيّ أخاه المرتضى وقال : إن الإجماع واقع على أن من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية ، والجهل باعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية ، (فكيفَ تكون صلاة الجاهل بوجوب القصر إذا أتمّ صحيحة) فأجابه المرتضى بجواز تغيّر الحكم الشرعي بسبب الجهل ، وإن كان الجاهل غير معذور (٤).
ما ينبىء عن أن المرتضى يرجع إلى أخيه الرضيّ في الفنون التي برع فيها أخوه ، روى السيد نعمة الله الجزائري قال : دخل أبوالحسن ، على السيد المرتضى ـ طاب ثراه ـ يوماً ، وكان المرتضى قد نظم أبياتاً من الشعر ، فوقف به بحر الشعر فقال : يا أباالحسن خذْ هذه الأبيات الى أخي الرضي قل له يُتمَّها وهي هذه :
سرى طيفُ سلمى طارقاً فاستفزّني | سميراً وصحبي في الفلاة رقودُ | |
فلمّا انتبهنا للخيال الذي سرى | إذ الأرض قفرٌ والمزار بعيدُ | |
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي | لعلّ خيالاً طارقاً سيعودُ |
فردتُ جواباً والدموع بوادرُ | وقد آن للشمل المشتت ورودُ | |
فهيهات عن ذكرى حبيب تعرّضت | لنا دون لقياه مهامه بيدُ |
________________________________
(١) دمية القصر، ص : 75.
(٢) ديوان السقط ، لشاعر المعرة ، طبعة القاهرة.
(٣) رياض العلماء، ج 4، ص 23 .
(٤) بحر الفوائد ، للعلامة الشيخ محمد حسن الإشتياني، ص : 45 وغيرها.
(٥) رياض العلماء، ج 4، ص : 64.