لمكارم الأخلاق هيبة تتجلى في أهمية التنشئة، والتأثيرات المحفزة على تنامي العلاقة لمقوم سلوكي، وللابداع التدويني نشاط يسلط الضوء على اهمية الأخلاق، ويفعّل مكوناتها، ليجسد هذا الابداع بمعطى (إنساني، روحي، فني)، وبهذا المفهوم اصدرت وحدة الدراسات والنشرات - شعبة الاعلام، كتاب مكارم الاخلاق من اعداد الاستاذ (بدر فياض العلي).
بدأ البحث بتعريف الاخلاق التي تعني عنده السجية، وما تسمو به الأخلاق في القرآن الكريم من مدح خلق النبي الكريم (ص) أو عباد الله الصالحين، ومحاسن المكارم الاخلاقية، وذم رذائل الأخلاق، وتدوين بعض الاستشهادات القرآنية، يمنح الموضوع بعدا انسانيا ودينيا، اضافة الى البعد الفني، ليبلور لنا المدون بروح الادب، ومنه ينتقل الى مدرسة اخلاقية لها متممات البعد الرسالي، مدرسة اهل البيت عليهم السلام، لتشكيل الموقف المعنوي الذي يرتقي لتمثيل مقاماتهم السامية، واعطائهم المكانة القيادية، والارتكاز على تلك الاحاديث التي قدمت دلالات موضوعية لحسن الخلق كجزء من الدين ومكمل للإيمان، وأحب الاعمال عند الله الفرائض: كحديث الرسول (ص): (الخلق وعاء الدين) ومثل هذه الاستشهادات لها عمق وجداني عند المتلقي، تمثل جمالية المسعى القصدي، وهو الحث على التزود بهذه المكانة السامية.
وهناك مناطق جمالية داخل المعنى، جمل منتقاة عبر سبل الصياغة والتعبير المبتعدة عن القسرية... اغلب تلك الجمل الوعظية المكونة للكتاب تشتغل على اسلوبية ادب التوقيع (من أعود الغنائم دولة الاكارم)،(اذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم)، تمثل بزهد لغوي وحظوة المعنى المباشر، يدور الملفوظ في عوالم الموروث القرآني والرسالي لاستثمار هذه العوالم المضمونية للحث على الأخلاق؛ فالجهاد الأكبر عند تشخيص الرسول الكريم (ص)، كان جهاد النفس فوق جهاد السيف، فالإمام الصادق عليه السلام: (من هزم جند هواه ظفر برضا الله)، وقال عليه السلام: (اجعل قلبك قرينا برا)، ثم توغل الأستاذ بدر في العمق النصي، ليصل بنية تفاعلية تجسد مفهوم الدعوة بالعمل الصالح، وإعطاء نبذة معرفية عن ثمار مكارم الاخلاق بمنحيين مهمين اولهما: المنحى الدنيوي، كقول الامام الصادق عليه السلام: (لا حسب كحسن الخلق)، والتركيز على ما يمثله حسن الخلق من قيم العزة والقربى والسعادة والهناءة والجمال والتقوى والكمال والمنحى الاخروي، المتمثل في قول امير المؤمنين عليه السلام: (حسن الخلق خير قربى).
واعتبر النبي محمد (ص) حسن الخلق تقوى، وعادله بالصيام والجهاد في سبيل الله والفضل، واحتواء للتكامل الموضوعي عرض الكاتب سلبيات سوء الخلق، مستحضرا تشخيصات الائمة عليهم السلام: كقول الامام جعفر الصادق عليه السلام: (من ساء خلقه عذب نفسه) واجتماعيا قول الإمام علي عليه السلام: (من ساء خلقه مله اهله).
وأخرويا قول النبي (ص): (سوء الخلق في النار) وتعريف الامام الصادق عليه السلام: (الفضائل جنود العقل، والرذائل جنود الجهل)، ومثل هذه المعاني تعد موجهات اشارية لكل كينونة من البنى المعروضة، تضادات تمثل طرفي الصراع الانساني، بذكر سمات الفضائل: كالإخلاص والانصاف، التقوى، الحكمة، الحلم، الفهم، السخاء، وبالمقابل ذكر السمات السلبية: كالاسراف والغرور, والهتك والبهتان والحسد والغيبة والغضب غيرها الكثير، مكونا من تلك الحالات ابنية خطابية، تمثل معنى المعنى، ولينتج كتابا نافعا بكل تفاصيله