بسم الله الرحمن الرحيم
شروط الظهور هي كل ما يتوقف عليه ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) توقف المعلول على علته أو النتيجة على أسبابها، وعليه لا يمكن تحقق الظهور المقدس بعيداً عن تلك المقدمات والمقومات التي تشكل أبعاداً وجودية للدولة المهدوية أو شروطاً غائية، والذي يمكن رصده من خلال الروايات والأحاديث التي تحدثت عن ذلك أن بعض هذه الشروط لا دخل للإنسان في أصل تحققها ووجودها، والقسم الآخر منها يرتبط بالإرادة الإنسانية وفعاليتها.
فأمّا الشروط التي لا دخل للإنسان في تحققها والتي ترتبط بالسماء، فأولها الإذن الإلهي للإمام (عجّل الله فرجه) بالظهور، ولا يخفى أن هذا الشرط لابد منه في كل حدث يمكن أن يقع في عالم الإمكان، وبدونه لا يتحقق شيء ولو توفرت جميع أسبابه وعلله الأخرى، وقد دلّ على ذلك جملة من الأخبار، منها ما رواه المفيد في الإرشاد عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أذن الله (عز اسمه) للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه.... [الإرشاد للشيخ المفيد: ج٢، ص٣٨٢]
وكذلك ما ورد في التوقيع الأخير من الناحية المقدسة للسفير الرابع والذي جاء فيه عنه (عجّل الله فرجه): يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحدٍ يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله (عزَّ وجلَّ). [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٥١٦]
وأمّا الشرط الثاني فهو حصول التمحيص والتمييز والغربلة للناس، فقد دلَّت عدة روايات أن الإمام (عجّل الله فرجه) لا يظهر إلّا بعد حصول هذا الشرط، ولا مطمع في ذلك إلّا بعد تحققه ليتَّسق مع طبيعة السنن الإلهية الجارية في الكون، فقد روى الكليني عن المنصور بن الوليد عن الإمام الصادق (عليه السلام): يا منصور إن هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس، لا والله لا يأتيكم حتى تميزوا، لا والله لا يأتيكم حتى تمحصوا. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٧٠]
وورد عنه (عليه السلام): والله لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا. [قرب الإسناد للقمي: ص٣٦٩]
وورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): والله لتميزن، والله لتمحصن، والله لتغربلن، كما يغربل الزؤان من القمح. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢١٣]
وأمّا الشرط الثالث: فهو حصول المزايلة والتي تعني هنا خروج النطف المؤمنة من أصلاب غير المؤمنين، فقد روى إبراهيم الكرخي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله، ألم يكن علي (عليه السلام) قوياً في دين الله (عزَّ وجلَّ)؟ قال: بلى، قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) منعته؟ قال: قلت: وأية آية هي؟ قال: قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ إنه كان لله (عزَّ وجلَّ) ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع، فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله (عزَّ وجلَّ)، فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص١٤٧]
ولا يخفى الفرق بين الشرط الأول والشرطين الأخيرين، من جهة أن الأول هو شرط وجودي وسبب تكويني لأصل الظهور، بخلاف الشرطين الآخرين فإنهما شرطان غائيان يمثل تحققهما في الواقع الخارجي مبدئان لنهاية عصر الغيبة الكبرى ليتحقق تبعاً لذلك الشرط الرابع الآتي ذكره.
الشرط الرابع: وجود الفئة المؤمنة الواعية الخاصة والقاعدة الشعبية التي تمتلك استعداد الوعي والقبول لنصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والنهوض بمشروع الدولة المهدوية ضرورة أن الوظيفة الملقاة على عاتق الإمام (عجّل الله فرجه) تتجاوز في معطياتها إلقاء الحجة أو إقناع الآخرين بأحقية مهمته أو المسؤولية المناطة به، والتي هي إرساء العدل المجتمعي وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذا المعنى لا يمكن أن يتحقق بعيداً عن وجود من يعتمد عليهم الإمام (عجّل الله فرجه) في هذا الشأن، وهذا الشرط يمكن استنباطه من القرآن الكريم فيما دلَّ عليه من كون الهدف من أصل بعثة الرسل هو قيام الناس بالقسط والعدل، وهو ما يتطلب منهم المؤازرة والمساندة من جهة الواقع العملي والتنفيذي، لذلك يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ والآية كما هو واضح تعطي للجهد البشري والإنساني بُعداً في معادلة تحقيق الحق وإقامة العدل، وبدون ذلك لا يمكن افتراض النجاح للمشروع المهدوي إلّا بقانون المعجزة والذي يؤدي في مآلاته الأخيرة إلى سلب الناس إرادتهم وإجبارهم القسري على هذا المشروع وهو ما لا يمكن القبول به على أي حال لمخالفته للسنن الإلهية في حفظ الإرادة الإنسانية ليتحمل الإنسان بعد ذلك مسؤولية أعماله أمام الله تعالى، ومن جهة أخرى وبناءً على هذه الفرضية لن يبقى معنى محصل لأصل غيبة الإمام (عجّل الله فرجه)، فإن القدرة الإلهية حاضرة في كل وقت ولا تتوقف على قبول الناس أو عدم قبولهم فيما لو أرادت السماء أن تقوم بذلك بعيداً عن الإرادة الإنسانية وتأثيرها في معادلة التغيرات الكبرى كقيام الدولة المهدوية في الأرض، ومضافاً لما دلّ عليه القرآن الكريم من محورية هذا الشرط ودخالته في عملية الظهور المقدس نجد في السياق ذاته جملة من الأحاديث والروايات والتي أشارت لذلك بشكل واضح، منها ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): لا يخرج القائم (عليه السلام) حتَّى يكون تكملة الحلقة، قلت: وكم تكملة الحلقة؟ قال: عشرة آلاف. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٣٢٠]، ومثلها ما روي عن الإمام الجواد (عليه السلام): فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل، خرج بإذن الله (عزَّ وجلَّ)، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله (عزَّ وجلَّ). [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٣٧٨]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
من مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام
شروط الظهور هي كل ما يتوقف عليه ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) توقف المعلول على علته أو النتيجة على أسبابها، وعليه لا يمكن تحقق الظهور المقدس بعيداً عن تلك المقدمات والمقومات التي تشكل أبعاداً وجودية للدولة المهدوية أو شروطاً غائية، والذي يمكن رصده من خلال الروايات والأحاديث التي تحدثت عن ذلك أن بعض هذه الشروط لا دخل للإنسان في أصل تحققها ووجودها، والقسم الآخر منها يرتبط بالإرادة الإنسانية وفعاليتها.
فأمّا الشروط التي لا دخل للإنسان في تحققها والتي ترتبط بالسماء، فأولها الإذن الإلهي للإمام (عجّل الله فرجه) بالظهور، ولا يخفى أن هذا الشرط لابد منه في كل حدث يمكن أن يقع في عالم الإمكان، وبدونه لا يتحقق شيء ولو توفرت جميع أسبابه وعلله الأخرى، وقد دلّ على ذلك جملة من الأخبار، منها ما رواه المفيد في الإرشاد عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أذن الله (عز اسمه) للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه.... [الإرشاد للشيخ المفيد: ج٢، ص٣٨٢]
وكذلك ما ورد في التوقيع الأخير من الناحية المقدسة للسفير الرابع والذي جاء فيه عنه (عجّل الله فرجه): يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحدٍ يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله (عزَّ وجلَّ). [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٥١٦]
وأمّا الشرط الثاني فهو حصول التمحيص والتمييز والغربلة للناس، فقد دلَّت عدة روايات أن الإمام (عجّل الله فرجه) لا يظهر إلّا بعد حصول هذا الشرط، ولا مطمع في ذلك إلّا بعد تحققه ليتَّسق مع طبيعة السنن الإلهية الجارية في الكون، فقد روى الكليني عن المنصور بن الوليد عن الإمام الصادق (عليه السلام): يا منصور إن هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس، لا والله لا يأتيكم حتى تميزوا، لا والله لا يأتيكم حتى تمحصوا. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٧٠]
وورد عنه (عليه السلام): والله لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا. [قرب الإسناد للقمي: ص٣٦٩]
وورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): والله لتميزن، والله لتمحصن، والله لتغربلن، كما يغربل الزؤان من القمح. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢١٣]
وأمّا الشرط الثالث: فهو حصول المزايلة والتي تعني هنا خروج النطف المؤمنة من أصلاب غير المؤمنين، فقد روى إبراهيم الكرخي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله، ألم يكن علي (عليه السلام) قوياً في دين الله (عزَّ وجلَّ)؟ قال: بلى، قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) منعته؟ قال: قلت: وأية آية هي؟ قال: قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ إنه كان لله (عزَّ وجلَّ) ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع، فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله (عزَّ وجلَّ)، فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص١٤٧]
ولا يخفى الفرق بين الشرط الأول والشرطين الأخيرين، من جهة أن الأول هو شرط وجودي وسبب تكويني لأصل الظهور، بخلاف الشرطين الآخرين فإنهما شرطان غائيان يمثل تحققهما في الواقع الخارجي مبدئان لنهاية عصر الغيبة الكبرى ليتحقق تبعاً لذلك الشرط الرابع الآتي ذكره.
الشرط الرابع: وجود الفئة المؤمنة الواعية الخاصة والقاعدة الشعبية التي تمتلك استعداد الوعي والقبول لنصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والنهوض بمشروع الدولة المهدوية ضرورة أن الوظيفة الملقاة على عاتق الإمام (عجّل الله فرجه) تتجاوز في معطياتها إلقاء الحجة أو إقناع الآخرين بأحقية مهمته أو المسؤولية المناطة به، والتي هي إرساء العدل المجتمعي وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذا المعنى لا يمكن أن يتحقق بعيداً عن وجود من يعتمد عليهم الإمام (عجّل الله فرجه) في هذا الشأن، وهذا الشرط يمكن استنباطه من القرآن الكريم فيما دلَّ عليه من كون الهدف من أصل بعثة الرسل هو قيام الناس بالقسط والعدل، وهو ما يتطلب منهم المؤازرة والمساندة من جهة الواقع العملي والتنفيذي، لذلك يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ والآية كما هو واضح تعطي للجهد البشري والإنساني بُعداً في معادلة تحقيق الحق وإقامة العدل، وبدون ذلك لا يمكن افتراض النجاح للمشروع المهدوي إلّا بقانون المعجزة والذي يؤدي في مآلاته الأخيرة إلى سلب الناس إرادتهم وإجبارهم القسري على هذا المشروع وهو ما لا يمكن القبول به على أي حال لمخالفته للسنن الإلهية في حفظ الإرادة الإنسانية ليتحمل الإنسان بعد ذلك مسؤولية أعماله أمام الله تعالى، ومن جهة أخرى وبناءً على هذه الفرضية لن يبقى معنى محصل لأصل غيبة الإمام (عجّل الله فرجه)، فإن القدرة الإلهية حاضرة في كل وقت ولا تتوقف على قبول الناس أو عدم قبولهم فيما لو أرادت السماء أن تقوم بذلك بعيداً عن الإرادة الإنسانية وتأثيرها في معادلة التغيرات الكبرى كقيام الدولة المهدوية في الأرض، ومضافاً لما دلّ عليه القرآن الكريم من محورية هذا الشرط ودخالته في عملية الظهور المقدس نجد في السياق ذاته جملة من الأحاديث والروايات والتي أشارت لذلك بشكل واضح، منها ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): لا يخرج القائم (عليه السلام) حتَّى يكون تكملة الحلقة، قلت: وكم تكملة الحلقة؟ قال: عشرة آلاف. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٣٢٠]، ومثلها ما روي عن الإمام الجواد (عليه السلام): فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل، خرج بإذن الله (عزَّ وجلَّ)، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله (عزَّ وجلَّ). [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٣٧٨]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
من مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام