الشيخ محمد صنقور
#نشرة_الكفيل 921
26 / ذي القعدة الحرام / 1444هـ - 15 / 6 / 2023م
#نشرة_الكفيل 921
26 / ذي القعدة الحرام / 1444هـ - 15 / 6 / 2023م
السؤال: ما معنى قول الله عزّ وجلّ: ﴿النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾؟
الجواب: إن الآية الكريمة المشار إليها هي قوله تعالى من سورة الإسراء: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفاً﴾ [1]
والمقصودُ بالناقة هي ناقةُ صالحٍ (عليه السلام) والتي جعلها الله تعالى معجزةً له لإثبات نبوَّته عند قومه ثمود، فقد خلقها اللهُ تعالى ابتداءً أي دون تناسلٍ ودون أنْ تُحملَ في بطن، كما اقترحوا ذلك على نبيِّهم تحدِّياً.
فقد ورد أنَّهم طلبوا منه -لإثبات نبوَّتِه لهم- أن يُخرج لهم ناقةً من صخرةٍ عظيمةٍ كانت عندهم، فدعا ربَّه فأخرج لهم ناقةً من تلك الصخرة، وكانت عظيمةَ الجثة، فكانت تشربُ ماء عينِهم يوماً، ويشربونه مجتمعين يوماً، كما قال تعالى: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّـهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ [2]، وكانوا يشربون مجتمعين من لبنها يوم قسمتِها.
وأما قوله تعالى: ﴿مُبْصِرَةً﴾ فمعناه أنَّها بيِّنة وواضحة وظاهرة الدلالة على نبوَّة نبي الله صالح (عليه السلام)، فمُبصِرة نعتٌ لمحذوفٍتقديره: آيةٌ ومعجزة، فمؤدَّى قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ هو أنَّه آتينا ثمود الناقة حال كونها آيةً ومعجزةً بيّنةً لصالح (عليه السلام)، كما في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [3]، فالآياتُ المُبصِرة هي المعجزاتُ البيِّنةُ والواضحة.
وأفاد بعضُهم أنَّ معنى ﴿مُبْصِرَةً﴾ هو أنَّها آيةٌ مُبصِّرة، أي موجبة للبصيرة والهداية، كما يقال: الولد مجبنة أي موجبٌ لـجُبن أبيه، فناقةُ صالح (عليه السلام) نظراً لكونها معجزةً واضحة وظاهرةَ الدلالة، لذلك فهي مقتضيةٌ -لولا المكابرة- لهداية مَن يقفُ عليها، وموجبةٌ لاستبصاره وإيمانِه بصدق نبيِّ الله صالح (عليه السلام)، وبحقانيَّة ما يدعو إليه، لذلك فهي مبصِّرة وهادية. وعليه، فالمعنيان يؤولان إلى مؤدىً واحد.
[1] - الإسراء: 59).
[2] - الشعراء: 155.
[3] - النمل: 13.