الشيخ محمد صنقور
#نشرة_الكفيل 922
ذو الحجة الحرام / 1444هـ - 22 / 6 / 2023م
ذو الحجة الحرام / 1444هـ - 22 / 6 / 2023م
السؤال: ما معنى عبارة: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ من قوله تعالى في (سورة الجن: 3): ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً﴾؟
الجواب: التعالي هو الارتفاع والسمو، والـجَدُّ في الآية بمعنى العظمة والجَلال، تقولُ العرب: جَدَّ الرجلُ في عيني أي كبُرَ وارتفع شأنُه، ويقال: جَدَّ سلطانُ زيد أي عظُم ملكه واتسع أو اشتدَّ وتأكَّد، وعليه فمعنى هذه الفقرة من الآية هو أنَّه قد تعالى وتسامى جلالُ ربِّنا وارتفعتْ عظمتُه.
فهو نحوٌ من التسبيح والتقديس والثناء على الله تعالى، كما جاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: «الحَمْدُ للّـهِ الفَاشِي فِي الخَلْقِ حَمْدُهُ، والغَالِبِ جُنْدُهُ، والمُتَعَالِي جَدُّهُ» [1] فمعنى قوله: ﴿المُتَعَالِي جَدُّهُ﴾ هو المتساميةُ عظمتُه والمتعاظمُ جلالُه.
وقد يُطلق الجَد بفتح الجيم ويُراد منه الجَاه والغِنى، ومن ذلك ما رُوي من قول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): «ولا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجَّدُّ» [2]، فالجَدُّ هو الغنى أو الجاه، وذو الجَد هو ذو الجاه أو الغنيُّ، ومعنى الحديث هو: إنَّ صاحب الغنى وصاحب الجاه لا ينتفعان بما هما عليه من غنىً وجاه يوم القيامة، فلا ينفع العبدَ عند الله يوم القيامة غنًى ولا جاهٌ وإنَّما تنفعه طاعتُه لله تعالى.
فلو كان المراد من الجَدِّ في الآية هو الغِنى أو الجَاه لكان معناها هو أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد اتَّسع غناهُ وعلا شأنُه، فمِن علوِّ شأنِه وسعة غناهُ -غير المحدود- أنَّه متنزِّهٌ عن الصاحبة والولد.
[1] -(نهج البلاغة، تحقيق الصالح: ص283)،
[2] - (مصباح المتهجّد، للطوسي: 509)