إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تأثير القلب على الشخصية الإنسانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تأثير القلب على الشخصية الإنسانية

    تأثير القلب على الشخصية الإنسانية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾
    صدق الله العلي العظيم

    المحور الأول: الوعي الإدراكي للقلب.
    هل هذا القلب - الذي هو قطعةٌ من الدم في صدر الإنسان وجوف الإنسان - له وعي وإدراك أم لا؟ هنا عندنا اتجاهات ثلاثة:
    الاتجاه الأول: الاتجاه الفلسفي.
    وهو الذي يقول بأنَّ البدن كله بجميع أجهزته ليس له وعي وإدراك، والوعي والإدراك في الروح، والروح جوهرٌ مجرَّدٌ متعلَّقٌ بالبدن تعلَّق التدبير والتصرّف، الروح بنظر الفلاسفة ليست في البدن، هي في عالم خاص، البدن مجرد جهاز تستخدمه الروح لاسترفاد المعلومات لا أكثر، فالوعي والإدراك والتحليل كله من قبل الروح، أما البدن فهو مجرّد آلة وجهاز تستخدمه الروح للتوصّل إلى المعلومات، ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، السمع والأبصار والأفئدة كلها أجهزة تستخدمها الروح.
    الاتجاه الثاني: الاتجاه القرآني.
    القرآن ينسب الوعي إلى القلب الموجود في قلب الإنسان، نرى عدة آيات في القرآن تنسب إلى القلب - الذي هو قطعة في صدر الإنسان - الوعي، تنسب إليه الإدراك، تارة تعبر عنه بأنه يعقل، ﴿فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾، وتارة يعبر عنه بالفقه، ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾، فينسب الفقه إلى القلب، وتارة يعبر عنه بالمرض، ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾، تارة يعبر عنه بالسلامة، ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، تارة يعبر عنه بالعمى، ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾، إذن القلب له وعي، ولذلك يكون أعمى ويكون على هدى، ويكون مريضًا ويكون سليمًا، ويكون غافلًا ويكون ملتفتًا، بل نسب له القرآن الإثم، قال تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾، القلب يرتكب الإثم، إذن القلب له وعي.
    الاتجاه الثالث: الاتجاه المادي.
    بعض الماديين يشنّع على القرآن الكريم أنَّ القرآن ينسب الوعي إلى القلب، وهذا خطأ علمي في القرآن، من الأخطاء العلمية في القرآن بنظر هؤلاء الماديين أن القرآن نسب الوعي إلى القلب، والقلب لا وعي له، القلب مضخة تجمع الدم من الجسم وتعيد ضخه إلى الجسم بعد تحميله بالأكسجين، وانتهى دوره، أما المخ هو مركز الوعي، وهو الذي يتحكم في عدد ضربات القلب وتوجيهها بالمقدار الذي يحتاجه الجسم، القلب مجرد مضخة، فكيف ينسب القرآن إلى القلب الوعي؟! هذا البحث أريد أن أركز عليه في هذا المحور.
    نحن نقول: منذ أربعين سنة أو أكثر اكتشف العلماء أنَّ هناك وعيًا تبادليًا بين القلب والمخ، الوعي لا ينحصر في المخ، بل هنالك وعي تبادلي بين القلب والمخ، كيف نستدل هذا من كلمات العلماء المختصين؟ من خلال نقاط ثلاث أتعرّض إليها.
    النقطة الأولى: التأثير المغناطيسي للقلب.
    كلّ عضلة من عضلات القلب تمتلك مئات الآلاف من الخلايا التي تعمل كوحدة واحدة في دفع الدم عبر الغرف الأربع للقلب، إلى أن يصل الدم إلى البطين الأيسر الذي هو الغرفة الأخيرة، البطين الأيسر يدفع الدم إلى الشريان الأورطي الذي يقوم بتوزيع الدم على أجزاء الجسم كلها.
    هذا من ناحية مادية واضح، لكن الناحية المهمة أن كل خلية من هذه الخلايا لها مجالٌ كهرومغناطيسي، وهذا المجال الكهرومغناطيسي يمثّل لغة التواصل بين الخلايا، الخلايا المستقبلة تستقبل هذا التأثير، تفك الشفرة، بعد ذلك إذا فهمت الرسالة تقوم بتوجيه عدد وقوة ووقت الانقباض، انقباض نبض القلب وضربات القلب.
    أي تغير في النشاط الكهربائي للقلب يولّد تغيرًا في المجال الكهرومغناطيسي للقلب، بحيث هذا المجال الكهرومغناطيسي يبلغ خمسة آلاف ضعف المجال الكهرومغناطيسي في المخ، وبالتالي يمكن تمييزه حتى من مترين أو ثلاثة من جسم الإنسان، يعني ليس بالضرورة أن يوضع الجهاز على جسم الإنسان مباشرة، من مترين أو ثلاثة يمكن تشخيص التأثير المغناطيسي لقلب الإنسان، نتيجة قوته وشدّته.
    فهمنا أن القلب له تأثير كهرومغناطيسي، لكن ما هو تأثير هذا المجال المغناطيسي على المشاعر، على الأفكار، على الوعي، حتى نقول بأن للقلب نصيبًا من الوعي، نصيبًا من الإدراك، نصيبًا من الالتفات، ما هو تأثيره؟ تأثيره يتبيّن في موارد ثلاثة:
    المورد الأول: التداخل في المجال الكهرومغناطيسي في القلوب المتجاورة.
    أول محطة للقلوب المتجاورة رحم الأم، نحن عندما كنا في أرحام أمهاتنا قلوبنا بقلوب أمهاتنا، كنا مغمورين بالتأثير للمجال الكهرومغناطيسي لقلوب أمهاتنا، قلوبنا خاضعة لهذا التأثير تمامًا، وُلِد الطفل، بدأت المحطة الثانية، وهي محطة الرضاعة، تقوم الأم بوضع الطفل على صدرها لإرضاعه، هنا قاس العلماء دقّة المجال الكهرومغناطيسي لقلب الطفل، قاسوه بدقة، ضبطوه بدقة، رأوا أن الطفل حال الرضاعة يرى أن المجال المغناطيسي لقلب الطفل يتزامن تمامًا مع المجال الكهرومغناطيسي لقلب أمه في حال الرضاعة، يتزامنان ويتلاءمان تمامًا في حال الرضاعة، حتى أن الأم تبثّ معلومات وجدانية عبر نبض قلبها، هي لا تتحدث، تبث معلومات وجدانية من الحنان والرأفة والحب لقلب طفلها من دون أن تتحدث.
    لذلك، «كوخ» - أستاذ الغدد الصماء في كاليفورنيا - يقول: إنَّ لبن الأم ليس مصدرًا للغذاء فقط، بل هو طريقٌ للمعرفة، هذا اللبن يبثّ معلومات ومعارف إلى قلب الطفل. نحن نقرأ هذا الشعر:
    لا عذّب الله أمي إنها شربت
    وكان لي والد يهوى أبا حسنٍ حبَّ الوصي وغذتنيه في اللبنِ
    فصرتُ من ذي وذا أهوى أبا حسنِ
    المسألة مسألة علمية، وليست فقط شعرًا وأدبًا. أثبتت الدراسات أن 90% من النساء حال الإرضاع، بطريقة لاشعورية تأخذ الأم الطفل إلى جهة اليسار لا إلى جهة اليمين، 90% من المرضعات بطريقة لاشعورية تحمل الطفل وتضعه إلى اليسار ليكون قلبه بإزاء قلب أمه، بحيث يستورد المعلومات ويستورد هذه المعارف الوجدانية من قلب أمه من حيث لا يشعر.
    المورد الثاني: رسائل الأم نحو ولدها.
    عندما نرى التأثير الكهرومغناطيسي للرسالة الصادرة من القلب نحو القلب الآخر، هذا أين يتجلى؟ عندما تضع الأم يدها على ظهر ولدها، حتى لو كان الولد عمره خمسين سنة، الأم لها تأثير، وضع الأم يدها على ظهر ولدها يؤثر تأثيرًا عجيبًا عبر موجات كهرومغناطيسية تنقل الأثر من قلب الأم إلى قلبه، وضع اليد على ظهر الولد يوجب تهدئة مشاعره ورد غلواء عواطفه بدرجة لا تتصوَّر.
    المورد الثالث: شعور التجاذب بين شخصين.
    أنت بعض الأشخاص تلتقي به من أول مرة، تشعر بانجذاب نفسي نحوه، تحبه، مع أنك تلتقي به أول مرة، لكنك تشعر أنك تحبه، تنجذب إليه، من دون مثير مادي، لا جمال عنده حتى تنجذب له، وليس مستخدمًا عطرًا جذّابًا، ولا ابتسم في وجهك، لا يوجد أي مثير مادي، لا جمال، لا عطر جذّاب، لا ابتسام، أبدًا، فجأة رأيته فانجذب قلبك إليه، ما هو سر هذا الانجذاب؟ كيف نحن نوجّه هذا الانجذاب؟
    طبعًا بعض العلماء وجّه هذا الانجذاب توجيهًا ماديًا غير التوجيه الذي نحن نذكره، بعض العلماء قال: ظاهرة الانجذاب ترجع إلى مواد كيميائية تعرف بالفيرمونس، يفرزها عرق الشخص، عرق الشخص الذي أنت رأيته يفرز هذه المادة ويولّد مشاعر تجاهه من قبل الشخص الآخر، لكن علماء آخرين قالوا: لا، هذا لا ربط له بعرقه ولا بشيء من هذا القبيل، هذا كله يرجع للتأثير الكهرومغناطيسي، يحصل تداخل بين التأثيرين الكهرومغناطيسيين، بين القلبين، نتيجة التداخل في المجال الكهرومغناطيسي بين القلبين يحصل الانجذاب أو يحصل النفور، المسألة ترجع إلى تأثير مغناطيسي لا إلى مواد كيميائية يفرزها عرق الشخص الذي تستقبله أو تراه.
    هذه موارد ثلاثة تثبت لنا أنَّ للقلب إدراكًا ووعيًا، يحمل معلومات من قلب أمه بمجرد نوم الإنسان إلى جانبها، بمجرد أن تضع الأم يدها على ظهر طفلها أو ولدها.
    النقطة الثانية: تغيّر الوعي والإدراك بتغيّر القلب.«اشوارتز» - أستاذ الطب النفسي في جامعة أريزونا - تابع أكثر من 300 مريض أجريت لهم عملية زراعة القلب، يعني يستبدل قلبه بقلب آخر، 300 مريض تتبع حالتهم، رأى أن هؤلاء المرضى بعد إجراء العملية يصبح عندهم تغير، تغير في المشاعر، تغير في الوظائف العقلية، تغير في الميول، 300 حالة ليست بقليلة، مما استدل به على أن للقلب تأثيرًا في الوعي والإدراك، وتبدّل القلب يعني تبدّلًا في موقع الإدراك والوعي، لذلك يحصل تغير عند هذا المريض عندما يستبدل قلبه بقلب آخر. طبعًا هذه الدراسة محل خلاف، لكن هذا وغيره من الأطباء يقرّون حصول هذه النتيجة.
    النقطة الثالثة: الجهاز العصبي الصغير.
    هل هناك دليلٌ لإثبات الوعي للقلب والإدراك غير مسألة التأثير المغناطيسي للقلب؟ نعم، عام 1994 اكتشف الدكتور «أورمر» - من مؤسسي علم أعصاب القلب - أنَّ للقلب جهازًا عصبيًا، ليس المخ فقط عنده جهاز عصبي، بل القلب أيضًا له جهاز عصبي، يتركب من حوالي أربعين ألف خلية، ويستخدم نفس النواقل العصبية التي يستخدمها المخ، نفس النواقل التي جعلت المخ يعي يستخدمها القلب، يعني إذا كانت هذه النواقل العصبية هي التي جعلت المخ واعيًا، إذن القلب سوف يكون واعيًا، لأنه يستخدم نفس النواقل العصبية التي يستخدمها المخ.
    بل يتمكن هذا الجهاز العصبي للقلب أن يتحكم في ضربات القلب مستقلًا عن المخ، بحيث المرضى الذين يتعرضون لعملية جراحة نقل القلب ينقطع التواصل ثوانٍ بينهم وبين المخ، ينقطع التواصل بين القلب والمخ، ومع ذلك يبقى القلب على عمله مستخدمًا نفس الجهاز العصبي الذي لديه، مستغنيًا بجهازه العصبي عن الجهاز العصبي للمخ.
    بل وأكثر من ذلك، يقرّر هذا الدكتور ومن رأى نظريته أنَّ هذا المخ، يسميه المخ الصغير، الجهاز العصبي الموجود في القلب يعبّر عنه بالمخ الصغير، يقول: بل هذا المخ الصغير يساهم في تعليم المخ الكبير، يعني القلب يساهم في نقل بعض المعلومات إلى المخ، وليس العكس، بل هذا المخ الصغير يساهم في توجيه المخ الكبير، كيف؟ كما أن المخ الكبير يتحكم في القلب، في ضرباته، في اتجاهاته، في عدد الضربات، تبعًا لحاجة الجسم، عبر الجهاز العصبي اللاإرادي المعبر عنه بans، كذلك المخ الصغير له إشارات بالاتجاه المعاكس من القلب إلى المخ عبر الجهاز العصبي نفسه الذي يستخدمه المخ.
    ولا تقتصر هذه التوجيهات على جذع المخ، الذي هو الجهاز المتحكم بالجهاز العصبي، بل يمتد إلى لوزة المخ المسؤولة عن الوظائف الانفعالية، بل يمتد إلى قاع الفص الأمامي للمخ المسؤول عن التنسيق بين الانفعالات وبين الوظائف العقلية، ويحقّق التوافق في شخصية الإنسان، ما هو التوافق؟
    التوافق يقسّمه علماء النفس إلى توافق فسيولوجي، توافق نفسي، توافق عقلي. التوافق الفسيولوجي هو ما تقوم به أجهزة الجسم فيما بينها، مثلًا القلب ينسّق مع جهاز التنفس في إيصال الأكسجين للإنسان حال الجري، الذي يحتاج إلى مدد أكبر من الأكسجين. التوافق النفسي: مثلًا طالب في الجامعة قدّم بحثًا ممتعًا، قدّم بحثًا مفيدًا، تقوم الجامعة بتقديره والثناء عليه، هذا يحقق توافقًا نفسيًا. هناك أيضًا توافق عقلي، إذا حصل توافق نفسي ولّد توافقًا عقليًا، حيث يترتّب على ذلك انتظام ضربات القلب، استقرار الجهاز العصبي، صفاء الذهن، سلامة أداء المخ، وهكذا.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X