كنا ثلة من الأصدقاء في جلسة سمر، كل واحد منا تحدث عن متاعب مهنته، سحب الأستاذ عبد الحسين مرهون - وهو معلم تاريخ - آهة من اعماق قلبه وقال:ـ مشكلة كبيرة تعيشها وانت معلم تاريخ، الحقيقة بجانب والمقرر يتحدث بجانب بعيد كل البعد عن الحقائق، فماذا تعلم طلابك، وأغلب احداث التأريخ مزورة ومدسوسة ومحرفة؟ أنا أعاني كثيرا، لنأخذ مثلاً معركة الجمل، معركة واضحة الأحداث وبيّنة المعالم، والتي وقعت في البصرة عام 36 هجرية، بين قوات أمير المؤمنين علي(عليه السلام) الخليفة الشرعي والرسمي، وبين جيش طلحة والزبير وصاحبة الجمل، ماذا اعلم الطلاب والمقرر يقول: إن جيش الجمل ثار لتهاون امير المؤمنين(عليه السلام) في القصاص من قتلة عثمان بن عفان؟! بربكم.. أين هذا من الواقع الحقيقي، وجميعهم كان يحرض على قتل عثمان؟ أأقول لطلابي: يا أولاد.. لا علاقة لكم بما يذكره كتاب المقرر، والحقيقة أن حرب الجمل كانت من قبل طلحة والزبير؛ لكونهم بايعوا من اجل مناصب لم يحصلوا عليها، فثاروا ليصنعوا بلبلة، عساهم ينالون منها منصباً ما؟ أأقول لهم: اقرأوا كتاب (منهج السعادة في نهج البلاغة) للعلامة محمد باقر المحمودي، يقول فيه: إن الإمام علياً (عليه السلام) يقول: ان طلحة يريد حكم اليمن والزبير يريد حكم العراق.. ويقول ابن ابي الحديد: كان لمعاوية الدور الاكبر في تشجيع أهل الجمل.. والله حيرة كبيرة يعيشها معلم التأريخ، والكتاب الذي كلفنا بتدريسه تحت يافطة (كتاب التأريخ) ما هو إلا مجموعة اكاذيب وتزويرات..! تصوروا أن الكتاب يؤكد أن أصحاب الجمل ارادوا جمع الكلمة، والاتفاق مع علي(عليه السلام) في قضية القصاص من قتلة عثمان. وجاء في دعاء أمير المؤمنين(عليه السلام): (اللهم اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي، وعجل لهم النقمة)، أم أقرأ لهم في الكتاب المقرر من قبل الوزارة الذي يقول: إن جماعة الجمل جاءوا للصلح، ولا احد يسألهم: ما هو هذا الخلاف الذي جاءوا للصلح من أجله؟ والحقيقة بعيدة جدا عن هذا الكلام. سأل رجل يوماً الإمام علياً(عليه السلام): يا أمير المؤمنين، رأيت قتلى الجمل علام قتلوا؟ فأجاب الامام علي(عليه السلام): قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي، سألتهم أن يدفعوا لي القتلة فرفضوا، حكمتهم بكتاب الله فأبوا، وقاتلون في اعناقهم دم ما يقارب الألف رجل من شيعتي، والله لو لم يصيبوا إلا رجلاً واحداً متعمدين للقتل لحلّ لي قتل ذلك الجيش بأسره، فكيف بهم وقد قتلوا كثيراً من المسلمين، ألم أقل لكم: هي حيرة. قال أحد الجالسين لمعلم التأريخ: حاول أن توضح لهم المطلوب منهم في المقرر، وبجانب آخر توضح لهم الحقائق، أجاب معلم التأريخ:ـ هناك مسائل دقيقة وتحتاج الى تأمل مثلاً كتاب المقرر يريد أن يبين بشكل خفي أن الإمام علياً (عليه السلام) ندم بعد معركة الجمل وقال:ـ (اللهم ليس هذا أردت)، بينما هو رد صاحبة الجمل حين قالت: (ما اردت الا الاصلاح) قال لها:ـ (والله ما انصفوك، خدروا حرائرهم وأبرزوك، وأنت عرض رسول الله)، أرسلها مكرمة تحيطها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات، وسيّر معها أخاها محمد بن أبي بكر. يقول معلم التاريخ الأستاذ عبد الحسين مرهون: حقيقة.. القضية في غاية الصعوبة أحاول أحياناً أن أبيّن الأمر، اقول لهم: اولادي الطلبة.. لولا حرب الجمل لما كانت حرب صفين، ولا معركة النهروان، ولا كانت مذبحة كربلاء، ولا وقعة الحرة، ولما افترق المسلمون الى شيعة وسنة، ولما صارت الخلافة الاسلامية ملكاً يتوارثه الصبيان، هي أول فتنة ألقت بأس المسلمين في حرب، وفسحت المجال لما تلاها من الفتن، وإذا احد الطلاب يرفع يده ويسأل:ـ أستاذ.. هذه بأي صفحة من الكتاب موجودة؟
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
مكابدات معلم تاريخ علي حسين الخباز
تقليص
X
-
مكابدات معلم تاريخ علي حسين الخباز
كنا ثلة من الأصدقاء في جلسة سمر، كل واحد منا تحدث عن متاعب مهنته، سحب الأستاذ عبد الحسين مرهون - وهو معلم تاريخ - آهة من اعماق قلبه وقال:ـ مشكلة كبيرة تعيشها وانت معلم تاريخ، الحقيقة بجانب والمقرر يتحدث بجانب بعيد كل البعد عن الحقائق، فماذا تعلم طلابك، وأغلب احداث التأريخ مزورة ومدسوسة ومحرفة؟ أنا أعاني كثيرا، لنأخذ مثلاً معركة الجمل، معركة واضحة الأحداث وبيّنة المعالم، والتي وقعت في البصرة عام 36 هجرية، بين قوات أمير المؤمنين علي(عليه السلام) الخليفة الشرعي والرسمي، وبين جيش طلحة والزبير وصاحبة الجمل، ماذا اعلم الطلاب والمقرر يقول: إن جيش الجمل ثار لتهاون امير المؤمنين(عليه السلام) في القصاص من قتلة عثمان بن عفان؟! بربكم.. أين هذا من الواقع الحقيقي، وجميعهم كان يحرض على قتل عثمان؟ أأقول لطلابي: يا أولاد.. لا علاقة لكم بما يذكره كتاب المقرر، والحقيقة أن حرب الجمل كانت من قبل طلحة والزبير؛ لكونهم بايعوا من اجل مناصب لم يحصلوا عليها، فثاروا ليصنعوا بلبلة، عساهم ينالون منها منصباً ما؟ أأقول لهم: اقرأوا كتاب (منهج السعادة في نهج البلاغة) للعلامة محمد باقر المحمودي، يقول فيه: إن الإمام علياً (عليه السلام) يقول: ان طلحة يريد حكم اليمن والزبير يريد حكم العراق.. ويقول ابن ابي الحديد: كان لمعاوية الدور الاكبر في تشجيع أهل الجمل.. والله حيرة كبيرة يعيشها معلم التأريخ، والكتاب الذي كلفنا بتدريسه تحت يافطة (كتاب التأريخ) ما هو إلا مجموعة اكاذيب وتزويرات..! تصوروا أن الكتاب يؤكد أن أصحاب الجمل ارادوا جمع الكلمة، والاتفاق مع علي(عليه السلام) في قضية القصاص من قتلة عثمان. وجاء في دعاء أمير المؤمنين(عليه السلام): (اللهم اقتلهم بمن قتلوا من شيعتي، وعجل لهم النقمة)، أم أقرأ لهم في الكتاب المقرر من قبل الوزارة الذي يقول: إن جماعة الجمل جاءوا للصلح، ولا احد يسألهم: ما هو هذا الخلاف الذي جاءوا للصلح من أجله؟ والحقيقة بعيدة جدا عن هذا الكلام. سأل رجل يوماً الإمام علياً(عليه السلام): يا أمير المؤمنين، رأيت قتلى الجمل علام قتلوا؟ فأجاب الامام علي(عليه السلام): قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي، سألتهم أن يدفعوا لي القتلة فرفضوا، حكمتهم بكتاب الله فأبوا، وقاتلون في اعناقهم دم ما يقارب الألف رجل من شيعتي، والله لو لم يصيبوا إلا رجلاً واحداً متعمدين للقتل لحلّ لي قتل ذلك الجيش بأسره، فكيف بهم وقد قتلوا كثيراً من المسلمين، ألم أقل لكم: هي حيرة. قال أحد الجالسين لمعلم التأريخ: حاول أن توضح لهم المطلوب منهم في المقرر، وبجانب آخر توضح لهم الحقائق، أجاب معلم التأريخ:ـ هناك مسائل دقيقة وتحتاج الى تأمل مثلاً كتاب المقرر يريد أن يبين بشكل خفي أن الإمام علياً (عليه السلام) ندم بعد معركة الجمل وقال:ـ (اللهم ليس هذا أردت)، بينما هو رد صاحبة الجمل حين قالت: (ما اردت الا الاصلاح) قال لها:ـ (والله ما انصفوك، خدروا حرائرهم وأبرزوك، وأنت عرض رسول الله)، أرسلها مكرمة تحيطها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات، وسيّر معها أخاها محمد بن أبي بكر. يقول معلم التاريخ الأستاذ عبد الحسين مرهون: حقيقة.. القضية في غاية الصعوبة أحاول أحياناً أن أبيّن الأمر، اقول لهم: اولادي الطلبة.. لولا حرب الجمل لما كانت حرب صفين، ولا معركة النهروان، ولا كانت مذبحة كربلاء، ولا وقعة الحرة، ولما افترق المسلمون الى شيعة وسنة، ولما صارت الخلافة الاسلامية ملكاً يتوارثه الصبيان، هي أول فتنة ألقت بأس المسلمين في حرب، وفسحت المجال لما تلاها من الفتن، وإذا احد الطلاب يرفع يده ويسأل:ـ أستاذ.. هذه بأي صفحة من الكتاب موجودة؟الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس