عندما يخرج الرجل من المعركة منتصرا، تلك بهجة مونقة سيرفعها التاريخ تاجاً على الرؤوس، طيب اذا خرج المنتصر شهيداً؟ وقد قطع جسده؟ سنحتفي بميلاده شهيداً, أشار اليّ الخطيب أن اجلس فجلست أبحث عن معناي، قلت: أرجوك أن تخبرني كل شيء عن مولاي علي الأكبر؟
:ــ أي معيار للمفاضلة أقدر؟
سؤال يفتح افاق الكون لتقوى راشدة رشيدة قلت:ـ هي التقوى من أعالي الطيبة ومن فوق شموخها ولد مولاي علي بن الحسين (عليه السلام) تجلى بناء الشخصية في معالم بيت يزهو بسيرة كثيرة العطاء، تمتعت بجميع الكمالات، كان علي بن الحسين شبيه جده رسول الله (ص) وصرّح بهذا الشهيد الحسين (عليه السلام) يقول: «كان من اصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً».
قال الخطيب:
قال الحسين (عليه السلام) أثناء مسير الركب الحسيني متوجها الى الطف:ـ يا بني، اني خفقت خفقة فعنّ لي فارس على فرس، وهو يقول:ــ القوم يسيرون والمنايا تسير اليهم، فقلت: انها انفسنا نُعيت الينا، اجابه مولاي علي الأكبر:ـ يا أبتِ، ألسنا على الحق؟ قال (عليه السلام):ــ بلى والله، فقال علي الأكبر:ــ اذن لا نبالي إن وقعنا على الموت او وقع الموت علينا، اجابه الحسين (عليه السلام):ــ جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده.
ثم قال الشيخ الخطيب:
برز علي الأكبر (عليه السلام)، فطلب البراز فلم يبرز اليه أحد، فهتف عمر بن سعد لبكر بن غانم وندبه، فبرز اليه، فلما برز اليه تغير لون الحسين، فقالت ليلى أمّ علي:ــ مما تغيرك سيدي يا حسين؟ قال:ــ قد برز اليه من يُخاف عليه منه، فادعي لولدك علي فاني قد سمعت من رسول الله ان دعاء الأم مستجاب، وجرى بينهما قتال شديد حتى انحرف درع بكر بن غانم من تحت ابطه، فضربه علي بن الحسين (عليه السلام) فقسمته الضربة نصفين.
قلت: بارك الله بك يا شيخ، فالخبر له تتمة، أضيفت اليه من مصادر مزيفة يعتمد عليها المزيفون، اذ يدعون أن علي بن الحسين (عليه السلام) حزّ رأس بكر بن غانم وحمله بيده الى والده الحسين، فهذه القضية غير موثوقة ومكذوبة من قبل الكتب المعتبرة وغير المعتبرة.
قال الامام الصادق (عليه السلام): لما برز علي بن الحسين دمعت عين الحسين فقال: اللهم كن انت الشهيد عليهم، فقد برز اليهم ابن رسولك واشبه الناس وجها به، ويقال انه قتل عشرة فرسان، ثم رجع الى ابيه فقال: يا ابتِ العطش، فقال له الحسين (عليه السلام): صبرا يا بني، يسقيك جدك بالكاس الأوفى، فرجع وقاتل وقتل منهم أربعة وأربعين رجلاً، ثم قتل (سلام الله عليه).