كربلاء اشرف بقاع الأرض قبل الخليقة وبعد الخليقة، فلقد أرتبطت عظمتها وقدسيتها بالحسين عليه السلام، وتنزل على أرضها أشرف الملائكة، وزراها انبياء الله وأولياؤه قبل عاشوراء، وامتزجت دموعهم ودمائهم بترابها.
وهي على مر الدهور محضر الملائكة، فلا يخلو آن ولا زمان من الملائكة.
ولم تختص أرض بالرحمة الالهية والعناية الربانية كما اختصت بها كربلاء، وهي اشرف تربة يتم السجود عليها، وتكتمل آثار السجود وخصائصه بالسجود عليها، وهي شفاء من كل الأمراض المعنوية والمادية، والأعتقاد باسرار كربلاء وخصائصها من ضروريات العقيدة والايمان، وكل انبياء الله قدسوا كربلاء وعرفوا مكانتها، فهي مجمع ارواح الانبياء والأولياء ومجمع الملائكة، بل هو محل إلتقاء الملك بالملكوت، وهي سفينة النجاة لكل البشرية؛ يعززه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «يقبر ابني بارض يقال لها كربلاء هي البقعة التي كانت فيها قبة الإسلام نجا الله التي عليها المؤمنين الذين أمنوا مع نوح في الطوفان»
وعن أم سلمة- قالت: «كان الحسن والحسين يلعبان بين يدَي النبيّ صلّى الله عليه وآله في بيتي، فنزل جبرئيل فقال: يا محمّد، إنّ أمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك، وأومأَ بيده إلى الحسين. فبكى رسول الله صلّى الله عليه وآله، وضمّه إلى صدره، ثمّ قال: وديعةٌ عندك هذه التّربة، فشمّها رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقال: ويح كرب وبلاء. وقال: يا أمّ سلمة، إذا تحوّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتل. فجعلتْها أمّ سلمة في قارورة، ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول: إنّ يوماً تحوّلين دماً لَيومٌ عظيم»
وهذا الشم فيه آثار هامة
ومن آثارها أن من شمها انتقل الادراك من العقل الى الحواس فصار حسياً وصار يقيناً،
ودليله قميص يوسف على بعد عشرة فراسخ شمها يعقوب وادرك أنها تعود لابنه!
فللشم أثر مهم في إظهار البركات لذلك ورد في الروايات ان العبد بسبب ذنوبه لا يشم ريح الجنة في الآخرة، فشم تربة الذبيح كم تطوي بالعبد من المطاوي وكم تقوي روحه وتزكي بدنه، لذلك كانت لزيارته من قرب فضل عظيم على زيارته من بعد. وقيل بعض ما رواه التأريخ ان احدى محاولات المتوكل لردم القبر بقيادة ابراهيم الديزج ، هدم عمارة القبر ومخره بالماء وكربه بالبقر ، كان السعي جادا لضياع اثر القبر المبارك ليخفي على شيعته ، وفعلا تساوت الارض حتى خفي القبر على من يريد ان يزوره ، يقول أحد الشهود حتى أتينا القبر فخفي علينا ، فجعلنا نشمه ونتحرى جهته حتى أتيناه وقد قلع الصندوق الذي كان حواليه وأحرق ، وأجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن وصار كالخندق ، فزرناه وأكببنا عليه ، فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط شيئاً من الطيب!
فقلت للعطار الذي كان معي : أي رائحة هذه؟ فقال : لا والله ما شممت مثلها كشئ من العطر ، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع.، فزرناه وأكببنا عليه ، فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط شيئاً من الطيب!فطوبى لم جاوره وشم عبق تربته مادامت السماوات والأرض.