تويت
يحمل فن الحكاية الكثير من القيم الجمالية عند المتلقي، وله أبعاد فكرية وعقائدية، وهو قادر على المخاطبة الشمولية لجميع الفئات والشرائح.. وإقدام الأستاذ سامي جواد كاظم لإعداد كتاب بهذا المعنى، هو عبارة عن مجموعة من الحكايات والخواطر يقول عنها المعد منها الحقيقي ومنها المتخيل، ونحن لسنا بصدد المكونات النصية لهذا الكتاب بقدر جدية الفعل الانتقائي والبحث في النافع الفكري الذي قدمه الى المتلقي، ورغم انه أشار لمرجعية النصوص التي جمعت منها النصوص، ولكننا نلاحظ بقاء وتيرة الأسلوب ببنية جهد تحريري لهذه النصوص المتنوعة حتى بات أمر التفريق بين المؤلف والمحرر صعباً للغاية، جرأة ابداعية للمعد خرج بها عن المنجزات التدوينية الأخرى، حيث اهتم ببنية الجملة داخل النص الحكاية؛ سعياً لإنتاج اصدار يكتب بلغة بسيطة يفهمها الشارع العراقي، وهذه البساطة تعني ادراك معنى الحكاية المبسطة، ولا يعني بساطة المحتوى، بل بساطة الأسلوب، وحرص المبدع الذي انتج صورة مؤثرة تعمق صلة التلاقي الشعوري مع المتلقي، فاعتمد على مبدأ الانتقاء المعنوي والوقوف عند عينات حكايا معروضة، ولكن بمستويات بنائية متباينة وحّدها الجهد التحريري؛ ليكشف الكتاب عن امكانية استيعاب أكثر من منهل تربوي، وامتلاك الكاتب الى ادوات اجرائية يقرأ بها الحكاية، ويصوغ بها أسلوباً يمتع المتلقي بجمالية المعالجة، وذلك بامتلاك جرأة الاستنتاج، ودقة المحافظة على الأسلوب والذائقة، وهذه تتمثل بخصوصية التجربة بين المنقول والمؤلف، ومنها ما يرتكز على الإرث التاريخي مثل: حكاية سلمان المحمدي في محبة علي (عليه السلام)، وحكاية في إحدى كرامات ابي الفضل العباس (عليه السلام).
ولا يتخلى عن الموروث الانساني، وحين يلج باب التأليف فانه يسخر شخصية من شخصيات الموروث الشعبي؛ ليطرح من خلالها بعض الظواهر السلبية في المجتمع مثل: مخاطبته لأصحاب المحلات والأسواق الشعبية القريبة من نداء الله أكبر: لماذا لا تغلق محلاتها وتذهب الى الصلاة في مواعيدها، حيث ترى جميع ترى جميع المحلات يسدلون الستائر على بضائعهم، ويذهبون الى الصلاة.
وفي حكاية مؤلفة أخرى غير البهلول، طرح موضوعاً في قدسية اللقاء مع الله (جل وعلا)، ولابد من انتقاء الملبس النظيف والتطيب بعبق الطيب، وتجده يصدر في بعض نهايات الحكايات المواعظ الرشيدة، وترتبط بقول رسالي بحديث نبوي شريف أو بقول لأحد الأئمة (عليهم السلام) وهذا المسعى الاستنتاجي الوعظي هو من أهم الخصائص الجمالية المؤثرة في كتاب (لا تقرأني قراءة سطحية).