إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التأمل في عاشوراء انعام حميد الحجية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التأمل في عاشوراء انعام حميد الحجية




    كانت ثورة عاشوراء مصدر اهتمام واسع من قبل المؤرخين والكتاب والادباء والمفكرين والشعراء ، كتبت الكثير من النظريات حول بيان الاسباب التي دفعت الامام الحسين الى الثورة على النظام الاموي والرفض لبيعة يزيد منها ما يهدف الى تحريف الثورة وابعاد الناس عن الفهم الصحيح ونظريات اخرى جادة تبحث في معرفة الاسباب منها نظرية جعلتها من الصراعات القبلية بين بني هاشم وبني أمية ، ومنها ما اعتبرتها مجرد صراعات على السلطة ، التأمل في نظرية ثالثة يراها الشيخ حسين اسماعيل في قرائته تعتمد على عوامل نفسية واخلاقية هي التي دفعت الامام الحسين الى الخروج، حيث ان الامام الحسين عليه السلام دفعه إباؤه للضيم وخاصة انه ابن بنت النبي ومعروف في شرفه ومكانته العليا، أنى له بعد ذلك ان يبايع يزيد الملحد والمنحرف، وصاحب البيت الوضيع في سلوكه وانحرافه، والبعض استوحى هذه النظرية من قول الامام الحسين عليه السلام : ( والله لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد )، او قوله لوالي المدينة الوليد ابن عتبة : ( أيها الامير أنا اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا يختم ويزيد رجل شارب الخمور وقاتل النفس المحترمة ومعلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله ) .تأملت كثيرا في قضية المحاورة التي دارت بين الحسين عليه السلام وبين الوليد بن العتبة والي المدينة ، نجد ان الحسين عليه السلام خاطبه في اغلب المصادر بلقب الامارة . ايها الامير بينما رفض ان يقر بالخلافة ، ربما كانت ادراك لخصوصية الوليد بن عتبة ، النتيجة كانت لصالح وجدانه ويقظته ، فلقد تعاظم عليه الموقف ان يكون خصما للحسين عليه السلام فهو قال لحكومة يزيد انا لااقتل أبن بنت رسول الله ولو اعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها ،والموقف لم يرق ليزيد لذلك عجل بعزله ونصب مكانه عمرو بن سعيد الاشدق ، ويذهب اصحاب هذا التفسير الى ان الصراع انطلق من المعايير الاخلاقية والوجدانية، فالإمام الحسين صاحب عزة وكرامة وشرف ومكانة، وهذه الصفات تأبى على صاحبها الذل لأي انسان كان والخضوع له، ونجد ان الشيخ حسين اسماعيل يرى ان هذه الرؤية لاتنسجم ايضا مع مهام الامامة التي كان يتصف بها الامام الحسين عليه السلام، ثورة الامام الحسين كانت ابعد من ذلك، وهي تنبع من مسؤوليات اعلى واكبر تسمو على العواطف والمشاعر. ثم ان هذا التفسير يصطدم بموقف الامام الحسن عليه السلام، حيث دخل في الصلح مع معاوية وابتعد عن خيار الصراع المسلح، مع ان ظروف الامام الحسن والامام الحسين كانت متشابهة، اذا العوامل التي دفعت الامام الحسين للثورة هي ابعد من العوامل الاخلاقية،
    ومن هنا فان النظرية القائلة بان الامام خاض الحرب من اجل رفض الضيم في غير مكانها.

    النظرية الأخرى ترى ان ثورة الامام واستشهاده ومقتله على ارض كربلاء كان سرا إلهيا قدره الله وقضاه في عالم الغيب قبل خلق العالم، وشاء الله تعالى ان يقتل الامام الحسين على ارض كربلاء هو واصحابه واولاده ونساؤه تسبى، ومن فوائد ذلك ان التسليم بهذه النظرية والاعتقاد بها يكون مصدر للثواب والدرجات والحصول على رضا الله تعالى دون ان يكون هناك فوائد عملية لاستشهاد الامام الحسين عليه السلام، وهناك من استدل على ان مقتل الامام الحسين كان سرا إلهيا وغيبيا من خلال بعض النصوص الواردة عن النبي وأهل البيت عليهم السلام يخبرون فيها بمقتل الامام الحسين، وهذا التفسير لا يمكن القبول به لأن هذا التفسير يبرئ نظام بني أمية من قتلهم للإمام الحسين عليه السلام، حيث يقول أنصار النظام الأموي للناس بأن الله هو من شاء ان يرى الحسين قتيلا، وان يرى نساءه سبايا كما اخبر الامام الحسين عن جده رسول الله صلى الله عليه واله حينما رَآه في المنام قبل خروجه من المدينة، فالتفسير الغيبي هذا ينسجم مع العقيدة الجبرية، ولا ننسى ان بني أمية روجوا للعقيدة الجبرية، بان الله اجبر العباد على افعالهم و مواقفهم، فالكافر مجبر على كفره والمؤمن مجبر على إيمانه, والهدف من وراء الترويج هو تبرير حكمهم وسلطانهم . ومن هنا كان بنو أمية ينسبون القداسة لانفسهم، ويقولون للناس بان الله شاء لهم ان يكونوا حكاما على الامة، ويقولون بشأن مقتل الامام الحسين عليه السلام بان الله لو لم يشأ ان يقتل لما قتل ، التفسير الغيبي نقرأ بان الله يريد الظلم، فعلاما تحاربوا يزيد ؟! وعلاما تعترضون عليه ؟ّ! ، لذا التفسير الغيبي يجعل الناس يستسلمون لدولة الباطل، ويدفعهم للإحباط واليأس، وبذلك لا تكون ثورة الامام الحسين مدرسة للتغيير والإصلاح في المجتمع، ونجد ان اعتراض الشيخ حسين اسماعيل على هذه النظرية لا من موقع رفض الجانب الغيبي لثورة الامام الحسين ، بل من موقع انها تقدم تفسير غير صحيح للغيب، فمثلا ان الله يعلم بان قابيل سيقتل هابيل قبل حصول الجريمة فليس يعني ذلك ان الله هو من امر قابيل بقتل هابيل، والله يعلم مسبقا علما في الازل ان يزيدا سيقتل الامام الحسين، فليس يعني ذلك ان الله امر يزيد بقتل الامام الحسين، فالعلم الغيبي هنا هو علم بمشيئة الآخرين دون ان يجبرهم، فهو تعالى مطلع على إرادات البشر قبل ان يولدوا والله تعالى اخبر مسبقا أنبياءه بإرادات الطغاة حتى يحذروهم، والله اخبر مسبقا بقتل الامام الحسين، حتى يكون هذا الاخبار دليلا على صدق الامام الحسين، وحجة تدعو الى ضرورة اتباعه. ثم اذا اردنا ان نسلم بصحة الرواية (شاء الله ان يراك شهيدا ) والتي هي ضعيفة من حيث السند فاننا نقول : بان هذه المشيئة هي مشيئة تشريعية، وليست تكوينية، من خلال تكليف الامام الحسين بان يثور على بني أمية، ويعلم تعالى بانه سيثور وأخبر تعالى بما يعلم، فهو تعالى شاء الجهاد للإمام دون ان يجبره عليه، وعلم تعالى بان الامام سيلتزم بهذه المشيئة، ونريد ان نقول بان الغيب أولى عنايته بقضية عاشوراء لما يعلم الله تعالى من عظيم اخلاص الامام الحسين له تعالى، ومن ان خروجه سيكون سببا لحفظ دين الله ورسالته.



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X